إعترفت السلطات المغربية أخيراً بعجزها عن استرداد المبالغ المالية المحكوم بها ضد المئات من الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام عن محكمة العدل الخاصة والتي تختص في النظر في قضايا اختلاس المال العام واستغلال النفوذ.
وأكدت مصادر من وزارة العدل المغربية أن الدولة لم تستطع استرداد سوى حوالي 10٪ من مجموع المبالغ المختلسة المحكوم بها من طرف المحكمة الخاصة للعدل والتي تقدر بمليارات الدراهم. جدير بالذكر أن الحكومة المغربية أصدرت بتاريخ 15 سبتمبر 2004 قانوناً يقضي بحذف هذه المحكمة الخاصة والتي كانت قد أُنشئت عام 1972 لمحاكمة المتهمين بالفساد الإداري واستغلال النفوذ واختلاس المال، وقررت إحالة ملفات الفساد التي كانت من اختصاص هذه المحكمة على 9 محاكم إستئناف موزعة في الدولة.
ويعود حذف هذه المحكمة الى وجود هذه المحكمة الخاصة أثار إشكالية قانونية داخل المغرب وخارجه، الشيء الذي انتقدته العديد من الفعاليات الحقوقية لكون المواطنين سواسية أمام القانون وأمام المحاكم، إضافة الى أن العديد من الجهات الأجنبية انتقدت المغرب لوجود محاكم استثنائية ضمن منظومته القضائية، وفي مقدمة هذه الجهات الاتحاد الأوروبي الذي رفضت بعض دوله التعاون مع السلطات المغربية لتنفيذ بعض الاتفاقيات القضائية، وآخرها حين رفضت السلطات الاسبانية تسليم أحد المعتقلين المغاربة الموجودين في سجن اسباني، ثم رفضها تنفيذ حجز على ممتلكات مواطن مغربي يقيم باسبانيا بدعوى أن الأمر بالحجز صادر عن محكمة العدل الخاصة وهي محكمة استثنائية، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة العلم المغربية.
إضافة لذلك إن محكمة العدل الخاصة التي أنشئت منذ أكثر من ثلاثة عقود لم تستطع أن تؤدي الدور المنوط بها والذي توخاه المشرع المغربي، إذ أنها ورغم بتها في مئات الملفات المتعلقة بالفساد الاداري وإصدارها المئات من الأحكام التي تقضي بالسجن وإعادة المبالغ المختلسة، فإن تنفيذ هذه الأحكام يظل حبرا على ورق، فغالبا مايقضي المحكوم عليه مدته الحبسية ليخرج بعد ذلك لاستئناف نشاطه.
في هذا السياق علم من مصادر أمنية أن السلطات المغربية قامت بإجراء حجز تحفظي على عقارات بعض المعتقلين المتورطين في اختلاس المال العام واستغلال النفوذ. وأكدت ذات المصادر أن قيمة العقارات التي وضعت الدولة يدها عليها تفوق قيمتها 100 مليون درهم، وأن السلطات مازالت تبحث عن أملاك وعقارات أخرى وحسابات بنكية لهؤلاء من أجل حجزها في انتظار صدور أحكام نهائية على أصحابها.وتؤكد عدة مصادر علمية ان المبالغ المختلسة من طرف بعض المتهمين المتابعين حاليا أو الذين يجرى معهم التحقيق، لو تمت إعادتها واسترجاعها لفاقت قيمتها حجم مديونية المغرب الحالية.
© 2004 تقرير مينا(www.menareport.com)