مع اقتراب احتفالات رأس السنة الفارسية يعمد الإيرانيون إلى تخزين الفستق الذي عادة ما يقدمونه خلال العطلة، لكنهم هذا العام قاطعوا المكسرات المفضلة لديهم، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار الذي يلقون اللوم فيه على هبوط العملة والتضخم المرتفع ـ الناشئين جزئياً عن عقوبات دولية بسبب برنامج إيران النووي.
وفي رسائل نصية ومشاركات على فيسبوك، يتهم الإيرانيون التجار بتخزين الفستق لبيعه بأسعار أعلى قبل عطلة العام الجديد، النوروز، التي تبدأ في 21 آذار (مارس). وتحث الرسائل المستهلكين على الاحتجاج من خلال مقاطعة الفستق. وقالت خديجة (35 عاماً)، وهي ربة منزل يعمل زوجها سائق شاحنة: "وصلتني رسالة نصية تحضني على عدم شراء الفستق، لكني لم أكن في حاجة إليها؛ لأنني لا أستطيع تحمل تكاليفه على أي حال".
ويستفيد زارعو الفستق وغيرهم من المصدرين في غير قطاع النفط، من هبوط قيمة الريال الإيراني الذي تراجع نحو 50 في المائة منذ العام الماضي؛ لتعزيز أسواقهم في المحيط الإقليمي على حساب الأسواق المحلية. وقال محسن جالالبور، رئيس الاتحاد الإيراني للفستق، وهو منظمة غير حكومية: " منذ عام ونصف تقريباً، كان كثير من زرّاع الفستق يخشون إفلاس مزارعهم، لكن تعزيز الدولار الأمريكي أدّى إلى طفرة وجعل من إنتاج الفستق مبررا اقتصادياً".
ولا تخضع الواردات والصادرات الغذائية إلى عقوبات دولية، على الرغم من أن عقوبات الولايات المتحدة المصرفية أثرت على جميع الأعمال. ويقول التجار إن السلطات في إيران تريد حظر صادرات الفستق لدعم السوق المحلية. لكن هناك شكوكا في تنفيذ مثل هذه الخطوة بسبب مخاوف من خسارة إيران لحصتها في السوق العالمية للولايات المتحدة، المنافس الرئيس والعدو السياسي، التي تفوقت على إيران في السنوات الأخيرة لتصبح أكبر منتج للفستق في العالم.
وظلت إيران منتجة للفستق منذ القرن الخامس قبل الميلاد، ولا يزال الفستق الحلبي واحدا من الصادرات غير النفطية الرائدة في البلاد - أكثر من السجاد المنسوج يدوياً والزعفران أو التمور. وبالنسبة لكثير من الإيرانيين من المحزن رؤية الفستق المحبوب وقد أصبح لا يمكن شراؤه. وقال أحد العاملين في متجر تافازو، العلامة التجارية الأعلى للمكسرات: "فقط الأثرياء هم من يأتون الآن لشراء الفستق".
وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي كانت تكلفة كيلو الفستق عالي الجودة 200 ألف ريال، ارتفعت هذا العام إلى سعر يراوح بين 540 و780 ألف ريال. وفي الأيام الأخيرة أجبرت حكومة محمود أحمدي نجاد المحال على بيع الفستق بـ300 ألف ريال للكيلو، لكن ذلك التدخل لم يكن له حتى الآن سوى تأثير طفيف. وفي تافازو، يباع الفستق عالي الجودة، مع صدفات مفتوحة واسعة، بأسعار السوق.
وعلى رف صغير جانبي يوجد فستق منخفض الجودة، يبدو أكثر مثل الحمص الصغير، يباع بالسعر الرسمي. وقال أمير حسين معتمد، وهو تاجر فستق: "سوق الفستق مشوشة الآن والزرّاع والمصدرون لا يعرفون ما إذا كان عليهم التوريد للسوق المحلية، أو الاحتفاظ بالفستق «في المخازن».
وأضاف: "إنهم يفضلون تصدير الفستق والحصول على عملة صعبة". ولأن العقوبات عملت على تغذية التضخم الذي يبلغ رسمياً 28.7 في المائة، لكن يعتقد أنه أعلى من ذلك بكثير، فإن تقديم الفستق يمكن أن يرسل رسالة مهمة خلال النوروز، حين تتواصل العائلات اجتماعيا عبر الفواكه والمكسرات والشاي.
وتشك يلدا، وهي امرأة تبلغ من العمر 30 عاماً، تعمل في صالون للتجميل، في أن يكون لحملة الفستق أي تأثير. وتقول: "يقول كثير من عملائنا إنهم لا يشترون الفستق، لكني واثقة من أن معظم الأسر ستقدم الفاكهة والمكسرات الغالية خلال النوروز لحفظ ماء الوجه وإعطاء الانطباع بأن وضعهم الاقتصادي ليس سيئاً".