21% من المشاركين من الإمارات العربية المتحدة يعتقدون بوجود فرص استثمارية مهمة في السوق الحالي، ولكن 71% منهم ما زالوا يظنون أن مستوى المجازفة مرتفع جداً
تحولات إلى الاستثمارات الآمنة والشفافة... المشاركون من الإمارات العربية المتحدة هم الأكثر رغبة بزيادة تخصيص أصولهم في سوق العقارات، حيث ما زالوا يرون فرصاً للاستثمار
واجب التحوط Due diligence يرتفع في قائمة أولويات الأفراد أصحاب الثروات الطائلة
نشرت باركليز ويلث ووحدة ايكونوميست للمعلومات تقريراً جديداً اليوم تحت عنوان: "آفاق جديدة – سلوكيات جديدة". ويسلط هذا التقرير الضوء على مصادر القلق والأمل لدى المستثمرين أصحاب الثروات الطائلة في ظل الحركة الدورية لاقتصادات العالم، وكيفية تأثير ذلك على سلوك المستثمرين.
الخوف يقف في وجه استثمار الأثرياء، حتى مع وجود الفرص
في حين تبقى دلائل معظم فئات الأصول، كما الاقتصاد العالمي، مليئة بالشك، تطرح بوادر الانتعاش في السوق والنقاشات حول "براعم خضراء" مؤخراً السؤال عن إمكانية حدوث تحول في الدورة الاقتصادية. ويشير هذا الشيوع للحذر والخوف من المخاطرة إلى مدى تأثير الأحداث في الآونة الأخيرة على المستثمرين الأثرياء، وإلى أن الثقة ستحتاج لمزيد من الوقت كي تسود السوق مجدداً.
على سبيل المثال، تشير آراء حوالي 90 بالمئة من المشاركين بالاستبيان إلى وجود فرص في السوق الحالية، غير أن 68 بالمئة منهم يرون أن خطورة هبوط الأسعار مجدداً مرتفعة جداً لاتخاذ هذه الفرص. في المجمل، على الرغم من وجود توافق قوي بأن الفترة الحالية هي فترة جيدة لاستثمارات معينة، غير أن الخوف يحول دون دخول أغلبية الأفراد أصحاب الثروات الطائلة إلى الأسواق مجدداً.
وقالت سهى نشأت، المدير التنفيذي في باركليز ويلث الشرق الأوسط: "يجب على المستثمرين أصحاب الثروات الطائلة أن لا يولوا أهمية كبيرة لما يحدث خلال الشهر القادم، بل لما قد يحدث خلال السنوات الخمس، أو العشر، أو حتى العشرين القادمة. ومع وجود آفاق زمنية ملائمة، تصبح التقلبات قصيرة المدى في أسعار السوق أقل أهمية ويمكن وزن القيمة الحقيقية للفرص الاستثمارية بشكل أكثر موضوعية."
ويعتقد 21% من المشاركين من الإمارات العربية المتحدة بوجود فرص استثمارية مهمة في السوق الحالي. كما وأشار 36% منهم إلى أنهم سيرفعون مستوى المجازفة، وهذه النسبة هي ثاني أعلى نسبة بعد نسبة الـ 37% التي سجلها المشاركون من المملكة المتحدة. ويشير 32% من المشاركين من المملكة المتحدة إلى أنهم سيتخذون استثمارات بمجازفة أعلى، وهي أعلى نسبة بين الدول المشاركة، تتبعها الولايات المتحدة بنسة 31% والإمارات العربية المتحدة بنسبة 27%، بالمقارنة مع الاقتصادات السبعة الباقية بما فيها: هونج كونج، وكندا، وسويسرا، وسنغافورة، وموناكو، والهند واسبانيا.
المستثمرون أصحاب الثروات الطائلة يلتزمون بالوضع الراهن
إحدى الأدلة التي تشير إلى شيوع هذا الخوف هي أن معظم المستثمرين صرحوا بأنهم لن يقوموا بأية تعديلات على النسب التي يمتلكونها في فئات الأصول الرئيسية خلال الأشهر الـ 12 القادمة. على سبيل المثال، أشار 58% من المشاركين دولياً إلى أنهم لن يغيروا توزيع الأسهم المحلية، بينما أوضح 65% منهم بأنهم لن يزيدوا أو يقللوا من مشاركاتهم في صناديق التحوط.
ولدى سؤال خبراء السلوك المالي في سياق هذا التقرير، أشاروا إلى أن شيوع "الخوف من الندم" يضعف اتخاذ القرارات لدى الكثير من المستثمرين الأثرياء، ويشجعهم على الثبات على ما هم عليه في الوضع الراهن إلى حين تتبلور الأمور أكثر لديهم.
وأضافت نشأت: "إن إحدى النتائج المترتبة على هذه الحساسية من الخسارة هي تردد المستثمرين في القيام بتغييرات في استراتيجية الاستثمار أو توزيع الأصول. ولكن، من الضروري مراجعة توزيع الأصول من أجل الاستفادة من أحوال السوق الحالية والمتوقعة، كي لا يفوت المستثمرون الانقلاب الايجابي المتوقع في الدورة الاقتصادية."
المستثمرون أصحاب الثروات الطائلة يفضلون الاستثمارات البسيطة والمألوفة لديهم
لقد دفع عدم الاستقرار في السوق الحالي بالمستثمرين أيضاً للبحث عن فرص استثمارية أكثر بساطة وشفافية. ويوافق أكثر من 50% من المستثمرين بأنهم سيتخذون الاستثمارات المألوفة فقط في ظل البيئة الحالية. ويظهر بأن للمستثمرين رغبة أكبر بفئات معينة من الأصول، وهي الأكثر بساطة، حيث تشكل العقارات، والسيولة، وسندات الدولة، والأسهم المحلية أكثر الفئات المرجحة للاستثمار. ومما يزيد من هذه النزعة سوءاً، هو مفهوم أن التعقيد – على شكل أصول مالية مثل التزامات الدين المضمون – لعب دوراً محورياً في الأزمة الحالية.
ويظهر الاستبيان فروقات إقليمية في التغييرات المتوقعة في توزيع الأصول، حيث يشكل المشاركين من الإمارات العربية المتحدة نسبة 31% وهم الأكثر رغبة بزيادة تخصيص أصولهم في سوق العقارات على الصعيدين الإقليمي والدولي، بينما يفضل المستثمرون في الولايات المتحدة تخصيص أصولهم في الأسهم المحلية. يمكن تفسير رغبة المستثمرين في الإمارات العربية المتحدة نظراً للميول القوية تجاه الاستثمارات العقارية – بغض النظر عن الهبوط الأخير الذي حصل بسوق العقارات بإمارة دبي. وبالمقابل، يعكس زيادة تخصيص الأصول في الأسهم المحلية في الولايات المتحدة الثقة المستدامة بطبيعة الأسهم والتي قد لا تكون بهذا الشيوع في مناطق أخرى.
الشفافية وجودة المعلومات أصبحت محط أنظار المستثمرين الأثرياء
ومن تداعيات البيئة الحالية الحذرة أيضاً هو ارتفاع واجب التحوط Due diligence في قائمة أولويات الأفراد أصحاب الثروات الطائلة، حيث أن نصف المشاركين تقريباً صرحوا عن نواياهم باتخاذ وقت أطول لاختيار استثمارات معينة. كذلك عند اختيار المزود المالي، أصبحت جودة وشفافية المعلومات للمستثمر، أكثر أهمية في معايير الاختيار، إلى جانب الاستقرار المالي للمؤسسة.
بالإجمال، تمحور هذا التقرير بشكل رئيسي حول الطرق التي يؤثر بها السلوك الانساني على اتخاذ القرارات الاستثمارية. وفي حين يظهر الاقتصاد العالمي بعض مؤشرات الاستقرار، ويستمر المستثمرون بمواجهة حالات يصعب عليهم تفسيرها، من المهم جداً النظر من خلال ضبابية السلوك الذي قد يعاكس مصالح المستثمرين، وفهم كيف قد يؤثر ذلك سلبياً على التوجهات المستقبلية.
ويعدّ الاستنتاج الأهم من الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية هو أن الاقتصادات تسير في دورات، أي أنه في مرحلة الازدهار، تقوم الأسواق بجرف المستثمرين في تيار نموها، ما يؤدي إلى ارتفاع الثقة وانخفاض تقييم المخاطر. وعندما تنقلب حالة الأسواق، نرى عكس ذلك تماماً في سلوك المستثمرين، حيث يصبح هناك مغالاة في تقدير المخاطر وشيوع لضعف الثقة.
وغالباً ما ينطوي الاستثمار على تحقيق توازن بين الاعتبارات العاطفية والمالية، حيث أن الأفراد أصحاب الثروات الطائلة يريدون أن يكون أداء استثماراتهم جيداً، ولكنهم يريدون أيضاً أن يشعروا بارتياح تجاه خياراتهم.
واختتمت نشأت: "يستخدم الاقتصاد السلوكي علم النفس لدراسة كيفية انحراف أفعال الأفراد عن النموذج الكلاسيكي "المنطقي". فعوضاً عن اتخاذ قرارات ذات مصلحة فردية مبنية على تقييم دقيق للتكاليف والأرباح، يشير هذا العلم إلى أن الأفراد هم عرضة إلى مجموعة كاملة من النزعات المعرفية التي قد تؤثر على أفعالهم."
" وإذا كانت "البراعم الخضراء" للانتعاش قد بدأت فعلاً بالظهور، فقد يحتاج المستثمرون أصحاب الثروات الطائلة إلى التفكير في تغيير توزيع أصولهم في حين تتبنى الأسواق المالية كالعادة الدلائل المشيرة إلى حالة الانتعاش خلال فترة تتراوح بين أربعة إلى ستة شهور قبل حدوثها."
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)