إذا كنت تشعر بالضيق والسلبية وفقدان الحماس داخل الشركة التي تعمل بها، وبدأ عملك يتحول من إبداعي تجديدي إلى روتيني تقليدي، فأنت بحاجة لأن تعيد النظر في سبب شعورك بالإحباط وتراجع إناجيّتك.
ويعتقد الكثيرون أن هذه المشاعر السلبية مفاجئة وتزول مع الوقت، إلا أنهم يفاجؤون في بعض الأحيان باستمرارها وتزايدها. وأكد علماء النفس أن تلك المشاعر تتحول إلى طاقة سلبية تتولد داخلنا إذا استمرّت فترة طويلة.
وهنا يبقى السؤال الأهم: من هو المولّد الخفي لتلك الطاقة السلبية، والمسؤول عن نموها وتأثيرها على مفاصل الشركة كافّة؟
فيما يلي تسع علامات ترشدك إلى ما إذا كان مديرك هو مصدر الإحباط والسُّمية داخل الشركة التي تعمل بها أم لا:
1. عدم احترام مبادئ الموظف
بدايةً، يمكنك أن تسأل نفسك: هل يحترم مديري خطوطي الحمراء؟ أم يتجاوز قيمي ليرغمني على أداء مايريده هو؟
يعد السبب الأبرز وراء استقالة الموظف هو مصالح المدير الشخصية التي يفرضها على موظفيه ضارباً بعرض الحائط مبادئهم وآراءهم.
وتطول قائمة الأمثلة التي تؤكد ذلك، فمدير المشفى يخرق المبادئ والقيم عندما يرغم إحدى الممرضات على تخريج المريض قبل التأكد من سلامته، من أجل توفير أماكن لمرضى آخرين، أو عندما يرفض الطبيب استقبال طفل بحالة خطرة مالم يُدفع المبلغ كاملاً قبل إسعافه.
عدم حصول الموظف على التقدير الكافي:
جميعنا يحب الإطراء من وقت إلى آخر، لاسيما بعد إتمام مهمة ما بشكل جيد، فمن أبرز الأدوات فعالية لإظهار الأفضل لدى أي شخص هي تقدير جهوده وتحفيزه بعبارت إيجابية تبث الحماس داخله، لكن عندما يعاني المدير من عقدة الأنا أو من السياسة التسلطية، فذلك سيمنعه من تقدير جهود موظفيه مهما تفانوا بالأداء، وستكون مهمته تصيّد عثرات وأخطاء موظفيه، وتجاهل إنجازاتهم.
وفي بعض الأحيان سيتجاوز الأمر ذلك ليجد المدير صعوبة بالغة بأن يقول حتى كلمة “صباح الخير” في بداية اليوم، ما سينعكس سلباً على الموظفين ويفقدهم الرغبة بالعمل وتقديم أفضل مالديهم، في بيئة تفتقد المحبة والاحترام.
عدم شعور الموظف بالراحة:
أكثر ما يؤثر سلباً على إنتاجية فريق العمل، هو أن يشعر وكأنه يعمل في ثكنة عسكرية، كل ما فيها يدار بسلطة الأمر والنهي “افعل ولا تفعل”.
وفي كثير من الأحيان، يرسل المدير إلى موظف لديه في الشركة رسالة بريد إلكتروني تتضمّن مهمةً جديدة يريد تنفيذها بشكلٍ سريع، وغالباً مايكون ذلك قبل انتهاء الدوام بنصف ساعة، فيجد الموظف نفسه مضطراً للبقاء عدة ساعات إضافية خارج دوامه لإنجاز تلك المهمة، والأسوأ من ذلك أن وقته وتعبه لن يكونا مأجورين وإنما سيحسبان من ضمن الراتب.
وأظهرت دراسة أجراها جون بينسافيل من جامعة “ستانفورد” البريطانية، أن إنتاجية العامل تقل إذا تعدت ساعات عمله 50 ساعة أسبوعياً، وتقل بدرجة أكبر إذا تعدت 55 ساعة أسبوعياً، ما يعني أن زيادة ساعات العمل لا تُنجز المهمات الموكلة إلى الموظف.
العمل بشكل مضاعف:
من المؤسف أن يرى المدراء موظفيهم على أنهم مجرد آلة مأجورة، يمكنها أن تعمل لساعات وساعات دون أن تشعر بأي ضغط أو تعب أو ملل!
خاصة عندما يرى المدير أو صاحب العمل أحد موظفيه يعمل بشكل جيد، يبدأ في الاعتماد عليه بشكل أكبر، ويوكل إليه أعمالاً ومهمات أكثر من نظرائه، ما يجعل الموظف يشعر وكأنه يُعاقب على تفوّقه، وهو ما يأتي بنتائج عكسية.
ناهيك عن المهام التي تكون خارج اختصاصه، كأن يقوم بتصحيح أخطاء المتدربين في الشركة أو الموظفين الجدد، أو تتمة عمل ناقص، هذه الضغوطات وغيرها غالباً ما تنحصر في شخص واحد وهو كبير الموظفين أو المشرف عليهم.
انعدام التشاركية:
أتت كلمة “شركة” في الأساس من كونها تؤسس على مبدأ التعددية والتشاركية بين شخصين أو أكثر، فالتعاون بين المدير وموظفيه مهم جداً، لأن الموظف بحاجة لأن يجد أذناً صاغية لأفكاره الجديدة، ويرغب بأن يكون شريكاً في صنع القرار، لا أن يكون مجرد أداة لتنفيذ أوامر مديره.
يذكر ألبرت بيرنشتاين، وهو عالم نفس مشهور، أن المدراء ذوو النزعة التسلطية المبالغ فيها تعد من الأسباب الرئيسية التي تدفع الموظفين للتمرد.
كثرة الاجتماعات أو قلتها:
التواصل هو مفتاح أية علاقة، فحتى تعم الألفة والتشاركية بيئة العمل، لا بد من عقد اجتماعات بين الفينة والأخرى، للاطلاع على آلية سير العمل ومواجهة أي مشكلة تعترض الطريق، وكذلك إيجاد الطرق المثلى للارتقاء بكفاءات أفراد الفريق. لكن لا تلبث أن تتحول هذه الاجتماعات إلى قيد يلف حول رقبة العامل عندما تزيد عن حدّها الطبيعي أو عندما تكون مقتصرة على توبيخ الموظفين وتوجيه الانتقادات وعبارات عدم الرضا تجاه أدائهم، أو إصدار الأوامر والمهمات الجديدة، ما يؤثر سلباً على أداء الشركة ككل.
الإدارة السيئة والتحكم المبالغ فيه:
في هذه الحالة تغلب على شخصية المدير مايسمى بعدم الأمان العاطفي أو الشك المبالغ به حيال الموظفين، كخوفه الشديد من الوقوع في خطأ ما، أو خوض تجربة جديدة، مايدفعه لممارسة سياسة تسلطية تجعل حرياتهم وأفكارهم سجينة مخاوفه.
فعلى سبيل المثال يطلب المدير من أحد موظفيه تنفيذ مهمة ما، ثم لا يلبث أن يغرق بريده الالكتروني برسائل عدة يراقب من خلالها عن قرب آلية سير العمل والوقت المطلوب لتنفيذه، ويشرف بنفسه على كل خطوة من خطوات التنفيذ.
انعدام الثقة هذه والضياع في التفاصيل المبالغ فيها، جميعها عوامل سلبية تضيق الخناق على الموظف وتجعل العلاقة بينه وبين المدير معقدة للغاية.
خلق العزلة بين الموظفين:
يفشل بعض المدراء في بناء علاقات إنسانية جيدة مع موظفيهم، فيكون النقاش محصوراً في أمور العمل فقط، الأمر الذي يفقد فريق العمل رغبته في التحدث أو خلق علاقات جديدة مع باقي الزملاء في جو تسوده العزلة والتهميش والإقصاء.
الموظف يحتاج ليوم عطلة بين الفترة والأخرى، حتى يستطيع التخلص من ضغوطات العمل، واسترجاع طاقته، لذلك لا يمنع أن يخرج المدير وموظفيه في رحلة مرة كل شهر، لقضاء وقت لطيف يقربهم من بعضهم البعض بشكل أكبر ويجعلهم يعودون إلى العمل بنفسية متجددة.
عدم المساواة:
يقول عالم النفس وليم جيمس: “من أعمق الصِّفات الإنسانية لدى الإنسان أنه يحرص دائماً أن يكون مُقدَّرًا خير تقدير من قِبَل الآخرين”.
وتتوازى الحوافز المعنوية مع نظريتها المادية بالأهمية لتطوير أداء العامل وإخراج أفضل ما لديه، فتحفيز الموظف معنوياً يعني ترقيته، وإشراكه في صنع القرار، وتقدير جهوده باستمرار أمام زملائه في العمل، أما المادية فتكون بالمكافأة التشجيعية عبر زيادة الأجر والعلاوة الاستثنائية في الراتب والمكافآت النقدية الاستثنائية.
لذلك، عندما يجد العامل نفسه يعمل أكثر من الحد الطبيعي دون مقابلٍ ماديّ أو حتى معنويّ يوازي كفاءته العلمية والمهنية، فسيندفع تلقائياً لتقديم استقالته والبحث عن عمل جديد.
الخلاصة
أساس نهوض أي شركة وبلوغها أهدافها المنشودة يكمن في القوة النابعة من داخلها أولاً، فلِتسقيم وتتوازن، لابد أن تنهض على قدمين: ساق احترام موظفيها وساق الاهتمام بهم.
فإذا أراد صاحب العمل أن يحصل على الأفضل من موظفيه، فعليه التفكير والتخطيط جيداً لطريقة تعامله معهم، وإلا سيكون المتهم الوحيد بخسارة أهم الكفاءات العاملة في الشركة.
اقرأ أيضاً:
عشر نصائح تجعل ملفك الشخصي على لينكد إن حليفك في النجاح للحصول على الوظيفة المطلوبة
لتنجح في حياتك المهنية.. تواصل وحافظ على العلاقات!
فرق العمل التي يتشارك أفرادها قصصهم الشخصية هي أكثر فعالية