تقرير: فائض ميزانية الكويت للسنة المالية 2007/2008 قد يتجاوز 5 مليار دينار

تاريخ النشر: 29 مايو 2007 - 10:27 GMT

أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير حول تطورات أسواق النفط إلى أن أسعار النفط قد حافظت على مستوياتها المرتفعة مدفوعة بشكل رئيس بمخاوف تتعلق بدرجة توفر المشتقات النفطية في السوق الأمريكي مع قرب موسم ذروة الطلب على هذه المشتقات الذي يبدأ في العادة مع بداية شهر يونيو. كما جاءت حالات التعطل غير المتوقعة في بعض مصافي التكرير الأمريكية لترفد هذه المخاوف باحتمالية حدوث تراجع في مخزون المشتقات النفطية مع مطلع شهر مايو، ووصلت أسعار البنزين إلى أعلى مستوياتها في محطات التوزيع الأمريكية لتبلغ نحو 3.1 دولاراً للجالون. أما بخصوص النفط الخام، فما زالت أسعاره عرضة أيضاً لحزمة من الضغوط أهمها التخوف من حدوث انقطاع في إمدادات النفط في ضوء التوترات الجيوسياسية التي تسود نيجيريا وجنوب أمريكا، إلى جانب الأزمة القائمة بين  إيران والغرب.
فقد ارتفع سعر برميل مزيج برنت في شهر إبريل بنحو 9% ليصل إلى 67.4 دولاراً، وذلك مقابل ما متوسطه 62.1 دولاراً للبرميل للشهر السابق، ومسجلاً بذلك أعلى مستوى له منذ أغسطس من عام 2006. كما ارتفع سعر برميل النفط الخام الكويتي بمقدار مشابه، ووصل إلى 60.4 دولاراً، أي بزيادة نسبتها 8%، وذلك مقابل ما متوسطه 55.8 دولاراً للبرميل لشهر مارس. ويلاحظ  تواصل مسيرة التزايد  في أسعار النفط خلال النصف الأول من شهر مايو، حيث ارتفع متوسط سعر النفط الخام الكويتي إلى 61.3 دولاراً للبرميل.
وأشار الوطني إلى انه إذا ما تم تحييد التطورات الأمنية والمعوقات التشغيلية، فإن غياب الإجماع بين أعضاء أوبك كما يبدو لوضع حد للضغوطات التي تولد المزيد من الارتفاع في أسعار النفط سيصبح من جديد الموضوع الرئيسي لموسم الصيف.  فخلال الفترة الممتدة ما بين الربع الثالث من عام 2006 والربع الأول من العام الحالي، قامت الدول العشر الفاعلة في المنظمة (باستثناء العراق والعضو الجديد أنغولا) بخفض انتاجها الرسمي بما يزيد عن 1.5 مليون برميل يومياً إلى مستوى 26.5 مليون برميل يومياً، وذلك بهدف دعم أسعار النفط خلال موسم الشتاء الذي كان اكثر اعتدالا من المعتاد. ووفقاً لإحدى وجهات النظر، فإن المنظمة لا تتحرك بشكل كاف للحد من الضغوطات التصاعدية لأسعار النفط، وخاصة أن حالة العرض والطلب السائدة هي عرضة لتغيير مسارها مما قد يولد بيئة خصبة لبناء مواقف من طرف المضاربين. وقد أقر وزراء أوبك في اجتماعهم المنعقد في شهر مارس في مدينة فيينا بأن الوضع الاجمالي لسوق النفط سيبقى على الأرجح متذبذباً، لكنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيبقى قوياً هذا العام.
ويرى مركز دراسات الطاقة الدولية أن موقف أوبك يرتكز على ثلاثة أبعاد. أولها أن أوبك تشعر أن حجم الامدادات لسوق النفط الخام في الوقت الحالي يعتبر ملائماً، وثانيها توقع المنظمة المتفاءل بأن يرتفع حجم الامدادات من خارج أوبك بنحو 1.19 مليون برميل يومياً في عام 2007. وأخيراً، ترى المنظمة أن الضغوطات التي تتعرض لها أسعار النفط هي ناجمة عن عوامل خارج نطاق سيطرة المنظمة، كالتوترات الجيوسياسية، وليس مردها سقف الإنتاج الذي تبنته.    وبالطبع فإنه من غير الواضح فيما إذا كانت أوبك ستتمسك بوجهة النظر هذه في حال حدوث قفزة في أسعار النفط خلال فصل الصيف.
كما ذكر الوطني أن التوقعات تشير إلى أن الطلب العالمي على النفط خلال عام 2007 سيبقى قوياً. حيث تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى تزايد الطلب العالمي بما متوسطه 1.5 مليون برميل يوميا خلال عام 2007، أي بزيادة نسبتها 1.8% ليبلغ حوالي 85.8 مليون برميل يومياً. وستتأتى هذه الزيادة بشكل رئيسي من النمو الملحوظ وبواقع 3.5% في طلب الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ينبع ثلثها تقريباً من تنامي الطلب الصيني. وبالمقابل، يلاحظ أن تقديرات مركز دراسات الطاقة الدولية قد جاءت أقل تفاؤلاً في ظل توقع تباطؤ النمو في الطلب نتيجة ارتفاع كل من أسعار النفط وأسعار الفائدة. وبالتالي، يتوقع المركز أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنحو 0.9 مليون برميل يومياً أو ما نسبته 1.1%، ومعظم هذا النمو سيأتي من خارج دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
واستعرض الوطني في تقريره عدد من السيناريوهات لأسواق النفط وتوجهات أسعاره لبقية العام.  وذكر انه مع استمرار زخم الطلب العالمي، فإن التطلعات الآنية لإلغاء قرار التخفيض الأخير لأوبك أو لتراجع حدة التوترات السياسية العالمية القائمة غير واردة. إلا أن هنالك مجموعة من الدلالات الواضحة التي تشير إلى أن حزمة العوامل التي كانت وراء ارتفاع أسعار النفط الخام خلال الآونة الأخيرة ستهدء حدتها في الأشهر القادمة. وبالتالي فإن السيناريو الوسطي يرجح مواصلة أسعار النفط لنمطها الصعودي خلال عام 2007، مع قيام أوبك بإدارة انتاجها لضمان بقاء الأسعار ضمن نطاقها الحالي. حيث سيرتفع سعر برميل مزيج برنت من 58 دولاراً للربع الأول من عام 2007 إلى 67 دولاراً في الربع الأخير، وليبلغ متوسطه للعام بأكمله حوالي 63.8 دولاراً للبرميل. وفي تلك الحالة، من المتوقع أن يصل متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي إلى 57 دولاراً لعام 2007، وما قدره 59 دولاراً للسنة المالية 2007/2008.
وتبقى هنالك بعض المخاطر الجوهرية المحيطة بهذا السيناريو الوسطي، أحدها أن أوبك تبالغ في توقعاتها لحجم الزيادة في الإمدادات من خارج المنظمة، وبالتالي عدم مقدرتها على منع القفزة التالية في الأسعار خلال النصف الثاني من عام 2007. وفي هذه الحالة، سيصل متوسط سعر مزيج برنت إلى نحو 70 دولاراً للبرميل خلال النصف الثاني من العام، وما مقداره 66 دولاراً للبرميل للعام بأكمله، مما سيدفع بسعر برميل النفط الخام الكويتي إلى حدود 62 دولاراً للسنة المالية 2007/2008.
وعلى الأرجح، فإن مثل هذا السيناريو لن يقوض نمو الطلب العالمي. حيث أن قوة الطلب العالمي كانت هي المسؤولة بداية عن حالة الاختناق في اسواق النفط. أما التهديد الجاد للدول المستهلكة للنفط، فيتمثل في توقيت حدوث الارتفاع في أسعار النفط. حيث أن هنالك حالة من القلق العالمي حول تنامي ضغوط التضخم الأساسي. وفي ضوء تأخير أوبك لاستجابتها لهذه الضغوط، فمن المحتمل أن تجازف أوبك بإضافة المزيد من التذبذب إلى الأسواق.
كما أن هنالك سيناريو آخر يستند على قيام أوبك بزيادة إنتاجها بشكل تدريجي على امتداد العام، مع الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر أوبك لإنتاج الدول من خارجها. وتبعاً لذلك، فإن الأسعار ستتراجع بشكل ملموس إلى حوالي 54 دولاراً للبرميل مع نهاية عام 2007، وليبلغ متوسطها للعام بأكمله نحو 56 دولاراً للبرميل، مسجلة بذلك انخفاضاً نسبته 14% عن مستواها للعام السابق، وموفرة في الوقت ذاته عاملاً هاماً لتراجع الضغوط التضخمية العالمية. وفي هذه الحالة، فمن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر النفط الخام الكويتي لعام 2007 حوالي 50.6 دولاراً للبرميل، وما مقداره 50 دولاراً للبرميل للسنة المالية 2007/2008.
وفي كل الأحوال، ستسجل الميزانية فائضاً ملموساً خلال السنة المالية الحالية وليس عجزاً كما تشير تقديرات ميزانية الحكومة. حيث أن تقديرات الحكومة للميزانية قد بنيت على افتراض أن متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي سيبلغ 36 دولاراً، والذي يعتبر سعراً متدنياً حتى عند مقارنته بأدنى سعر ضمن قائمة السيناريوهات المحتملة. فتقديرات الوطني لجملة الإيرادات للسنة المالية 2007/2008 تتراوح بين تراجع بنسبة 16% إلى زيادة بنحو 6% عن مستواها للسنة المالية السابقة، مما يعني أن الإيرادات ستأتي بين 12.9 مليار دينار و16.2 مليار دينار، وذلك بالمقارنة مع 9.2 مليار دينار وفق توقعات الميزانية. وإذا ما أوخذ بعين الاعتبار أن المصروفات ستأتي أدنى من تقديرات الميزانية لها والبالغة 10.5 مليار دينار، فإن فائض الميزانية سيتراوح ما بين 2.8 مليار دينار و6.4 مليار دينار قبل تخصيص 10% من الإيرادات لصندوق احتياطي الأجيال القادمة.

© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن