قال البنك الدولي :" ان العالم العربي يحتاج الى توفير 100 فرصة عمل جديدة في السنوات العشرين القادمة أي حتى عام 2025 لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمل اضافة الى استيعاب العاطلين عن العمل حاليا".ولفت في التقرير الذي اصدره في هذا الشأن الى أنه على الرغم من الطفرة الاقتصادية الحالية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمدفوعة بصورة رئيسية بعائدات النفط ، الا ان هذا النمو ما زال غير كافٍ للتصدّى للتحديات الكبيرة التى تواجهها عملية التنمية فى هذه المنطقة والمتعلقة بفرص العمل.
ويقول التقرير الذي رصد التطوّرات الاقتصادية فى هذه المنطقة لعام 2005،:" انه لمن الضرورى توفير حوالى 100 مليون فرصة عمل جديدة فى السنوات العشرين القادمة لمواجهة التحديات المستقبلية في هذا الامر". واوضح ان متوسط معدلات النمو الاقتصادى فى السنتين الماضيتين بلغ فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 5.6فى المائة ، مقابل 3.6 فى المائة فى تسعينيات القرن العشرين. مشيرا الى ان معدل النمو الاستثنائى هذا ناجم عن عوامل خارجية مثل تصاعد أسعار النفط وما أعقب ذلك من زيادة فى إنتاجه وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة فى الاستهلاك والاستثمار الحكومي.
وتركّز هذا النمو فى البلدان المنتجة للنفط، التى أسهمت بمعظم الارتفاع فى معدلات النمو فى هذه المنطقة. الا أنه من حيث النمو بنسبة الفرد، مازال ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى فى هذه المنطقة غير مواكب لارتفاع معدلات النمو فى معظم مناطق العالم. ويقول احد خبراء الاقتصاد فى البنك الدولي، "لا يؤدى النمو القوى الذى تحقّق فى اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى السنتين الماضيتين إلى تغيير العوامل الأساسية بالنسبة لهذه المنطقة لافتا الى ان المنطقة تتسم: بمحدودية نشاط القطاع الخاص ومحدودية توفير هذا القطاع لفرص العمل الجديدة، إضافة الى محدودية الاندماج فى الاقتصاد العالمي، والاعتماد القوي على أسواق النفط المتقلّبة. وليس ما حدث فى السنتين الماضيتين سوى صدمة إيجابية فى معدلات التبادل التجاري".
وأضاف التقرير ، وكما ذكرت صحيفة اليوم السعودية،:" أنه ومن أجل التصدّى لتحديات ايجاد فرص عمل جديدة، ينبغى تصويب توجّه اقتصادات المنطقة على ثلاث جبهات - التحوّل من اقتصادات مغلقة إلى اقتصادات منفتحة، ومن اقتصادات يهيمن عليها القطاع العام إلى اقتصادات يقودها القطاع الخاص، ومن اقتصادات يهيمن عليها النفط إلى اقتصادات مُنوّعة".ونوه الى ان المنطقة عموماً لم تواكب التقدّم المُحرز فى مناطق العالم الأخرى فى مجال الإصلاحات الهيكلية، وذلك حسبما يتضح من قياس مدى ما تم إحرازه من تقدّم فى مجالات التجارة وبيئة الأعمال التجارية وإدارة الحكم. كما يحثُّ بلدان منطقة الشرق الأوسط على الاستفادة من المناخ الاقتصادى الملائم فى اعتماد وتنفيذ برنامج إصلاحاتٍ جريء.
واشار الى ان هناك مطالب كثيرة ينبغى على هذه المنطقة القيام بها، وذلك من حيث معدلات النمو وخلق فرص العمل اللازمة فى العقدين القادمين من السنين. مؤكدا على اهمية ايجاد ما إذا كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقوم بتنفيذ التصويب اللازم فى التوجّه للتصدّى لهذه التحدّيات". ويقول أن المنطقة العربية قامت بخطوات كبيرة على طريق إصلاحات قطاع التجارة، ونجمَ عن ذلك اتفاقات تجارة إقليمية وثنائية. فثلثا بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا احتلت موقعاً أعلى من نصف كافة بلدان العالم من حيث تخفيض تعريفة الرسوم الجمركية وإلغاء الحواجز غير الجمركية المعيقة للتجارة.
وكان التقدّم المُحرز فى هذه المجالات قوياً بصورة خاصة فى بعض البلدان ومنها مصر والأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية. غير أن التقدّم الذى أحرزته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى تحسين بيئة أنشطة الأعمال التجارية هو الأضعف على الصعيد العالمي. ففى المتوسط، تقع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى الثلث الأدنى من بين بلدان العالم من حيث القيام بمجموعة من إصلاحات اللوائح الناظمة لأنشطة الأعمال التجارية وإصلاحات القطاع المالي.
إضافة الى ان خطا الاصلاح ضعيفة جداً فى المجالات الصعبة من الوجهة السياسية كجهاز القضاء الضروري من أجل تحسين إنفاذ الاتفاقات التعاقدية. ويشير تقرير البنك الدولي الى عدم إحراز تقدّم فى تحسين إدارة الحكم، حسبما يتضح من معيارين هما: نوعية الإدارة العامة، والمساءلة فى القطاع العام. وعلى الرغم من بعض النجاحات فى تحسين نوعية الإدارة العامة، فإن التقدّم المُحرز فى نشر المساءلة فى القطاع العام مازال من بين أضعف ما تحقق من تقدّم فى هذا المجال على الصعيد العالمي. ويقول كريستيان بورتمان، نائب رئيس البنك الدولى لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "لا يمكننا التحدث عن (الجيل الثاني) من الإصلاحات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دون الحديث عن أجندة إدارة الحكم. فالإصلاحات الاقتصادية والتنظيمية التى تجد حكومات بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صعوبة فى القيام بها حالياً هى بالتحديد أنواع الإصلاحات التى تحتاج إلى المساندة والمشاركة من جانب الفاعلين الرئيسيين: القطاع الخاص، ونقابات العمال، وشرائح أخرى من المجتمع المدني".
ويقول التقرير أنه إضافة إلى صدمة أسعار النفط، تعتبر حرب العراق وإعادة إعماره واندماجه في المنطقة أكبر صدمة اقتصادية شهدتها هذه المنطقة فى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية. ومن المنظور الإقليمي، كان الأثر الاقتصادى الأول لهذه الحرب محدوداً، وذلك ناجم إلى حد كبير عن كون العراق معزولاً عن بقية بلدان المنطقة. ولكن إعادة إعمار العراق تتيح للعديد من بلدانها جنى منافع اقتصادية عديدة، وذلك نتيجة لأنشطة تجارة وأعمال تجارية متصلة بإعادة إعمار العراق. ومن الواضح ضرورة تحسّن الوضع الأمنى لتمهيد الطريق للمزيد من التقدّم على جبهة إعادة إعمار العراق.
وتوقع أن تواصل التحولات فى العوامل الخارجية تحديد شكل وطبيعة النمو الاقتصادى فى هذه المنطقة فى الأمد القصير. ويوحى الانخفاض الطفيف فى أسعار النفط وموازنة ذلك بأوضاع النمو الاقتصادى فى أوروبا بأن النمو سيستمر، ولاسيما فى الاقتصادات المنوّعة الوفيرة الأيدى العاملة.وبصورة عامة، من المتوقع أن يبلغ متوسط معدلات النمو الاقتصادى فى هذه المنطقة 4.9 فى المائة فى عام 2005 قبل أن يهبط إلى 4.3 فى المائة فى عام 2006.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)