تشهد مختلف المناطق التونسية المنتجة للطماطم حركة متواصلة لجني الصابة والإسراع بإيداعها إلى المصانع المختصة بتحويلها إلى مصبرات غذائية قبل تعرضها إلى التلف.
ويواجه المنتجون عدة مصاعب في جني الصابة، من بينها ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر رمضان مما يؤثر على أداء العمال، وكذلك ندرة اليد العاملة المختصة بالإضافة إلى صعوبات إيداع المحصول لدى المصانع ومن ثم قضاء أيام في الانتظار في صفوف طويلة أمام المصانع.
وعلى الرغم من أهمية صابة الطماطم في تونس باعتبارها من المواد الغذائية الاستراتيجية التي تحظى بدعم الدولة التونسية، فإن المنتجين أحجموا في البداية عن تخصيص المساحات المعتادة الموجهة لإنتاج الطماطم، إذ تراجعت المساحات من نحو 30 ألف هكتار خلال عقد التسعينات من القرن الماضي إلى أقل من 20 ألف في الوقت الحالي. وتعود أسباب تراجع المساحات بالأساس إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج ووجود صعوبات في تحويل المحاصيل إلى المصانع المختصة.
وفي هذا الشأن قال المولدي الرمضاني رئيس اتحاد الفلاحين بالقيروان (منظمة مهنية تعنى بشؤون الفلاحين) إن معظم المنتجين أجبروا على الاقتراض عند انطلاق الموسم الفلاحي، وتمكنوا من الحصول على تسبقة مالية وكميات من مشاتل الطماطم والأسمدة والأدوية، وكل هذه التكاليف تضمن من قبل أصحاب المصانع على الإنتاج والمحاصيل المجمعة نهاية الموسم.
وأشار الرمضاني إلى أن هذه الطريقة وعلى الرغم من جدواها في إبعاد شبح مشكلات التمويل على المنتج، فإنها في الأخير تضاعف التكاليف وتجبر المنتجين على تحويل المحصول في المصنع الذي تكفل بتلك التكاليف في بداية الموسم. وأضاف أن هذا الأمر يجعل أصحاب مصانع التحويل في موقع قوة ويفرضون بالتالي الأسعار التي يرونها في صالحهم.
وقدمت وزارة الفلاحة التونسية توقعاتها بالنسبة لمحصول الطماطم لهذا الموسم وقالت إن الإنتاج سيتراوح بين 900 و950 ألف طن وقدرت المساحات المخصصة للطماطم بنحو 18390 هكتارا.
وتستحوذ ولاية - محافظة - نابل، الواقعة شمال شرقي تونس على المرتبة الأولى من حيث المساحات المخصصة للطماطم، وذلك بنحو 2500 هكتارا تليها القيروان بـ2450 هكتارا فسيدي بوزيد بـ2050 هكتارا وباجة بـ1500 هكتارا وجندوبة التي خصصت خلال هذا الموسم مساحة 1253 هكتارا لزراعات الطماطم.
ومنذ انطلاق موسم جني المحاصيل في بداية هذا الشهر، قدرت وزارة الفلاحة الكميات المحولة إلى غاية يوم 8 يوليو (تموز) الحالي بنحو 110 آلاف طن.
وتحقق تونس فائضا هاما على مستوى إنتاج مصبرات الطماطم وتعد تركيا وليبيا والجزائر وفرنسا وإيطاليا من أهم الأسواق الخارجية التي تقبل على الطماطم التونسية.
وحسب ميلود بن موسى (فلاح من الشمال الغربي التونسي)، عرفت الأنشطة الفلاحية في قطاع الطماطم خلال هذا الموسم تراجعا وتقلص المحصول نتيجة كثرة الأمراض على غرار الحشرات الحافرة للأوراق، كما تأثرت المساحات بالتقلبات المناخية على غرار انحباس الأمطار خلال الفترات الحساسة التي تتطلب كمية من المياه.
وأشار إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بالمقارنة مع المداخيل والاستقرار على مستوى أسعار إيداع المحاصيل إلى مصانع التحويل.
وبالإمكان معاينة الصفوف الطويلة للشاحنات العملاقة المتوقفة لفترات طويلة قد تكون أيام خلال ذروة الإنتاج، في محيط مصانع تحويل الطماطم ومعاناة المنتجين في إيداع الصابة والتخلص من أعبائها، وبالتالي التوصل إلى تسوية وضعياتهم المالية مع أصحاب المصانع.
وتعتبر محاصيل الطماطم من الأنشطة الموسمية التي تتواصل في أقصى الحالات معدل أربعة إلى خمسة أشهر في السنة، لذلك يجد أصحاب المصانع صعوبات كبيرة في قبول الإنتاج دفعة واحدة نتيجة محدودية طاقة التحويل اليومي وكذلك المصاعب الفنية التي قد تطرأ أثناء فترة التحويل مما ينجر عنها تعطل قبول محاصيل الطماطم.
وفي هذا الشأن، أشار أحد أصحاب مصانع التحويل إلى أن تدفق المنتجين على المصانع في نفس الوقت يفرز مصاعب على مستوى قبول الإنتاج، الذي يعد موسميا وسرعان ما يجد المصنع نفسه في مأزق قلة النشاط بقية السنة.
واعتبر المساعدات التي يقدمها أصحاب المصانع إلى المنتجين بداية الموسم بمثابة «عقود إنتاج» تلزمهم بإيداع المحاصيل لديه، وهذا ما يمكنهم على حد تعبيره من امتيازات قبول إنتاجهم في كل الأحوال ودون صعوبات كبرى. وأضاف أن هذا الامتياز لا يحظى به غيرهم من الفلاحين ممن لا يوقعون تلك العقود في بداية الموسم.
وظلت مطالب الترفيع في أسعار قبول منتج الطماطم هذا الموسم دون حلول مجدية لسنوات، وحافظت الأسعار على مبلغ 95 مليما للكيلو غرام الواحد لمدة سنوات، وهو ما يرى المنتجون أنه السعر الأبخس في البلدان المنتجة للطماطم، وارتفعت الأسعار قليلا لتبلغ حدود 130 مليما فحسب للكيلو غرام المودع إلى مصانع التحويل.
ومقابل الزيادة في أسعار الطماطم الطازجة ضغط أصحاب مصانع التحويل من أجل الترفيع في أسعار الطماطم المعلبة، حيث كان سعر الكيلو غرام الواحد من الطماطم المصبرة في حدود 1.5 دينار تونسي ليصبح 1.98 دينار وذلك بزيادة قياسية لا تقل عن 480 مليم (الدينار التونسي يساوي ألف مليم)، هو ما حدا بالمنتجين إلى طلب الزيادة على مستوى أسعار القبول لدى مصانع التحويل وهذا لم يتحقق خلال هذا الموسم.