بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" – مصر- الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية– الجزائر- الثروة المالية التي جناها الاقتصاد الجزائري على مدى الأعوام القليلة الماضية أبرزت الكثير من الفرص الاستثمارية الكامنة، وخاصة في المواقع الرئيسية للدولة، وهو ما يسهل التبادل التجاري مع الدول الأخرى في القارتين الأفريقية والأوروبية. ولكونها إحدى الدول الأفريقية العشر الأولى التي تمتلك موارد وفيرة من النفط والغاز، استطاعت الجزائر اغتنام فرصة الانتعاش الدولي في قطاع النفط والذي حدث منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي، فحققت نتيجة لذلك إيرادات عالية من مشاريع عدة في مجال الهيدروكربونات. وقد شجع هذا نشاط الاستثمار، الذي يتوقع له أنه ينتعش أكثر بالنظر لحاجة الجزائر لتنويع مصادر الثروة خارج قطاع الهيدروكربونات.
كانت إيرادات مشاريع النفط والغاز السبب الرئيسي وراء قدرة الدولة على تحقيق معدلات نمو اقتصادي جيدة. فقد انعكست على أرقام الناتج المحلي الإجمالي، حيث نما هذا الناتج بنسبة اسمية بلغت 9.1 في المائة في العام 2007 ليبلغ 9,232.7 مليار دينار جزائري، مقارنة مع 8,460.5 مليار دينار جزائري في العام 2006. من ناحية الناتج المحلي الحقيقي، بلغت نسبة النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي4.6 في المائة في العام ذاته حيث بلغ 5,581.1 مليار دينار جزائري، مقارنة مع 5,335.7 مليار دينار جزائري في العام السابق. وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي معدل نمو سنوي مركب بلغ 15.2 في المائة خلال الفترة من العام 2003 إلى العام 2007، في مقابل نسبة 4.2 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة ذاتها. والجدير بالذكر، أن من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 11,849.9 مليار دينار جزائري في العام 2008 مسجلا بذلك نموا بنسبة 28.3 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وأما الناتج المحلي الإجمالي فمن المتوقع أن ينمو بنسبة 4.9 في المائة في العام ذاته، ليبلغ 5,852.3 مليار دينار جزائري.
كان أداء قطاع الهيدروكربونات هو الرافد الرئيسي لهذه النتائج، حيث ساهم بحوالي 44 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وحوالي 98 في المائة من إجمالي الصادرات في العام 2007، وقد سجل هذا القطاع نموا بنسبة 4.9 في المائة في العام 2007 حيث بلغ 4,071.6 مليار دينار جزائري مقارنة مع 3,882.2 مليار دينار جزائري في العام 2006.
على خلفية الإيرادات الكبيرة التي حققها قطاع الهيدروكربونات منذ بداية العام 2008، من المتوقع أن ينمو فائض الميزانية العامة للدولة بنسبة 61.0 في المائة هذا العام، ليصل إلى 1,694.5 مليار دينار جزائري، ومن المتوقع أن ترتفع الإيرادات والمصروفات بنسبة 34.0 في المائة و23.6 في المائة، على التوالي.
لعبت الإيرادات الكبيرة التي حققتها مشاريع الهيدروكربونات في الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية دورا رئيسيا في تمكين الحكومة من إجراء دفعات مقدمة وتخفيض الدين الخارجي بشكل كبير ليصل إلى 3.7 مليار دولار أميركي في العام 2006، مقارنة مع 15.5 مليار دولار في العام 2005، أي بتخفيض بنسبة 75.8 في المائة. وكان لهذا الإنجاز أثر إيجابي على العديد من أوجه النشاط الاقتصادي للجزائر، ومنها تخفيض الدين الإجمالي للحكومة والذي يقدر بقيمة 24.2 مليار دولار أميركي في نهاية 2007، مقارنة مع 34.5 مليار دولار في العام 2007، أي بانخفاض بمعدل سنوي مركب بلغ 8.5 في المائة خلال فترة السنوات الأربع. وفي هذه الأثناء، أدى تخفيض الدين الخارجي إلى تخفيض العجز في حساب رأس المال بنسبة 96.1 في المائة في العام 2007، وقد نتج عن ذلك ارتفاع فائض ميزان المدفوعات من 17.0 مليار دولار في العام 2006 إلى 29.1 مليار دولار أميركي في العام 2007. بالإضافة إلى ذلك، أدى تخفيض الدين الخارجي إلى تحسين السيولة المحلية فئة (M2) بعد العام 2006، حيث ارتفع العرض النقدي بمفهومه الواسع بنسبة 21.2 في المائة في العام 2007 ، بالمقارنة مع ارتفاعه بنسبة 18.7 في المائة في العام 2006.
مازال الاقتصاد الجزائري يمتلك فرص كثيرة لم يتم استغلالها بعد. وقطاع الهيدروكربونات يستحوذ على معظم المشاريع التي تجري في الدولة. ويرى صندوق النقد الدولي أن على الحكومة السعي لتنويع مصادر الثروة، من خلال الالتفات إلى قطاعات أخرى تتمتع بإمكانيات واعدة سوف تخفض معدل البطالة في الدولة. وتشمل هذه القطاعات الخدمات المصرفية والاتصالات والأسمدة والعقار والبناء وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الجزائري قد لا يتضرر كثيرا نتيجة للأزمة المالية العالمية، نظرا لكون القطاع المصرفي الجزائري ليس وثيق الارتباط بالأسواق الدولية، ومع ذلك، فقد اقترح صندوق النقد الدولي أن تكون سياسات الاقتصاد الكلي مرنة بالقدر الكافي بحيث تستطيع التعايش مع أي انخفاض كبير في أسعار النفط.
وفي إطار الجهود الأخرى التي تبذلها الحكومة الجزائرية لتطوير اقتصادها، صدر تشريع جديد في شهر أغسطس من العام 2008، يتعلق بحصر المساهمة الأجنبية في أي مؤسسات أعمال بنسبة 49 في المائة من رأس المال. وبالإضافة إلى ذلك، سوف يتم فرض ضرائب بنسبة 15 في المائة على رأس المال الذي يعاد توطينه اعتبارا من العام 2009. نعتقد بأن هذا القرار معقول وقد اتخذته الحكومة لضمان إعادة استثمار رأس المال في الدولة، وسوف يضمن استفادة المواطنين من التحسن الذي يطرأ على اقتصاد بلدهم. والجدير الملاحظة، أن هذه القرارات لم تحد من استعداد المستثمرين الأجانب للاستثمار في السوق الجزائرية، كما يتضح من تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى مختلف القطاعات، بما فيها قطاعات الطاقة والأسمنت والعقار والأسمدة، والتي أعلن عنها مؤخرا. وتجدر الإشارة إلى أن هناك حاجة للالتفات إلى إقامة مشاريع معالجة وتكرير ونقل المنتجات الهيدروكربونية بهدف الاستفادة من الفرصة الكامنة في قطاع الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة عن خطط لخصخصة مؤسسات وشركات وبنوك عامة، إلا أن مسيرة الخصخصة لا تزال بطيئة للغاية، ومن المتوقع أن تبقى كذلك خلال الفترة القادمة بسبب الاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا. كما أعلنت الحكومة عن خطة لحل مشكلة الديون المتعثرة للمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث أن من المتوقع لهذه الديون أن تنمو وترتفع معها تكاليف التمويل الإجمالية التي تتكبدها تلك المؤسسات والشركات، حيث قدرت هذه التكاليف بقيمة 700 مليار دينار جزائري في بداية العام 2008.
على خلفية الأزمة المالية العالمية، يتوقع صندوق النقط الدولي أن تنجح الجزائر في تحقيق معدل نمو أعلى للناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالمتوسط العالمي، على الأعوام الثلاث من العام 2009 إلى العام 2012، حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للجزائر بنسبة 4.5 في المائة في العام 2009 مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 3.0 في المائة، كما أن من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي 4.8 في المائة في العام 2012 مقارنة مع 5.1 في المائة في الجزائر.
ومن جهة أخرى، توقعت مجموعة البنك الدولي في تقريرها الأخير " توقعات الاقتصاد العالمي للعام 2009" المصدر في ديسمبر 2008، أن يسجل الناتج المحلي الحقيقي معدل نمو يبلغ 3.8 في المائة و5.4 في المائة للعامي 2009 و2010 على التوالي، بالمقارنة مع متوسط معدل النمو للاقتصاد العالمي والمتوقع أن يبلغ 0.9 في المائة و3.0 في المائة خلال هذين العامين. وبالتالي، فإن هذا الأداء يتيح فرص استثمار جوهرية في الاقتصاد الجزائري.
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)