حكومة الإمارات ساندت مشاريع البنية التحتية الرئيسية بهدف تحفيز النمو

تاريخ النشر: 30 أبريل 2009 - 11:56 GMT

 يجب أن تشهد عمليات تطوير البنية التحتية المزيد من الاهتمام على مستوى مجلس التعاون الخليجي، وذلك لتتماشى مع النمو في عدد السكان. ففي الفترة الزمنية الممتدة من العام 1998 إلى العام 2007، كان استثمار دول مجلس التعاون الخليجى في تطوير البنية التحتية ضئيلا، حيث تم استثمار 20 في المائة فقط من الناتج المحلى الإجمالي بغرض ذلك. في حين تم استثمار ما نسبته 39 في المائة و30 في المائة في كلا من الصين وكوريا الجنوبية على التوالى. وخلال الأعوام الأخيرة، زادت دول مجلس التعاون الخليجي من استثماراتها. حيث قامت كل دول مجلس التعاون الخليجي تقريبا، باستغلال فائض النفط في بناء البنية التحتية، كما حولت عائدات النفط الكبيرة نحو هذه المشاريع.

 وخلال العقد الأخير، شهدت دولة الامارات نموا حادا فى تطوير البنية التحتية، لتقيم بنية تحتية عالمية المستوى داخل الدولة. وقد أدى ازدهار النفط فى الآونة الأخيرة، إلى زيادة الإنفاق الحكومى على تطوير البنية التحتية في الدولة.

وتظهر هذه التطورات بشكل واضح في الإمارات الكبيرة على الخصوص، مثل إمارتي أبو ظبي ودبي . كما تقوم الحكومات فى الامارات الشمالية بتوفير حوافز كبيرة لمطورى العقارات السكنية والتجارية. بالإضافة إلى ذلك، خصص رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مبلغ 16 مليار درهم إماراتي لمشاريع البنية التحتية في الإمارات الشمالية. وسيستخدم هذا التخصيص في تمويل إنشاء العديد من المشاريع مثل; عمل شبكة من الطرق، إقامة مجمعات سكنية جديدة وشبكات صرف وغيرها من المشاريع التي ستوفر حلولا متكاملة لبعض القصور فى البنية التحتية فى هذه المناطق. ومع ذلك، فقد أثر الاضطراب العالمى الراهن على نشاط التطوير في الدولة، حيث تم تأجيل وتخفيض النشاط في الكثير من مشاريع القطاع العقاري وقطاع تطوير البنية التحتية. ووفقا لتقرير شركة بروليدز، شركة مقرها دبي وتقوم بأبحاث عن السوق، فقد تم وضع 52.8 في المائة من اجمالى محفظة مشاريع التشييد الراهنة (الكثير منها فى العقارات) والتى تصل قيمتها مجتمعة إلى 582 مليار دولار أمريكي، على قوائم الانتظار. فى الوقت الذى يوجد فيه 698 مليار دولار أمريكى أخرى مستخدمة في التشغيل. كذلك قررت شركة البحوث أن عدد المشاريع الملغاة مستمر فى الارتفاع، فى ظل وجود مخاطر بأن قطاع البنية التحتية الذي لم تمتد إليه يد التطوير نسبيا حتى الآن، قد يتأثر بهبوط القطاعات الأخرى.

وبأخذ نقص السيولة في الاعتبار، فإن القطاع العام هو الذي يقوم بتمويل مشاريع البنية التحتية، حيث لا يزال هذا القطاع مزدهرا بفضل مجموعة الحوافز التي عززتها الفوائض الحكومية المتراكمة خلال فترة ارتفاع أسعار النفط. وقد خصصت الحكومة الفيدرالية فى موازنتها للعام 2009 والتي أطلقتها في أواخر العام الماضي، مبلغ 11.5 مليار دولار أمريكي، أي ما يمثل زيادة بمعدل 24 في المائة عن المبلغ المخصص للعام 2008 لتطوير البنية التحتية.

هذا ولم يتأثر نشاط تطوير البنية التحتية كثيرا في إمارة أبو ظبي. حيث ستشهد الامارة مشاريع بنية تحتية كبيرة خلال الأعوام المقبلة. إذ من المقدر أن تزيد قيمة استثماراتها في هذا المجال عن 200 مليار دولار أمريكي، وذلك على مدار الخمسة إلى ستة أعوام القادمة. هذا وقد قامت لجنة أبو ظبى للتخطيط بوضع خطة تنمية عمرانية شاملة تدعى "أبو ظبى 2030"، وقد صممت هذه الخطة لمساعدة أبو ظبي في أن تستجيب لاحتياجات التنمية الراهنة والمستقبلية، وتأسيس ثقافة التخطيط، وتقديم أسس قوية للارشاد لتنميات جديدة. كذلك تسعى أبو ظبي للتخفيف من آثار الأزمة المالية العالمية من خلال تزايد الإنفاق العام، والذي يتضح من خلال مراجعة نظام النقل بأكمله.

كذلك، كشفت إمارة دبي عن خططها لزيادة نموها الاقتصادي، وذلك من خلال تخصيص المزيد من الأموال بنسبة 42 فى المائة لبناء المزيد من الطاقات في بنيتها التحتية، وفي مجال النقل، والمشاريع المرتبطة بالخدمات الاجتماعية، عملا منها على الحفاظ على المسار السريع للاقتصاد. وسيشهد الإنفاق في استثمار البنية التحتية فقط، زيادة بنسبة 33 في المائة عن مستواه خلال العام 2008، في ظل تخصيص 45 في المائة من اجمالى الموازنة لمشاريع الطرق والنقل، وبلدية دبي والموانئ.

وقد قامت دبي بعمليات توسع هائلة في مجال البنية التحتية لمشاريع النقل خلال العام، بغية تعزيز موقفها كمركز محوري للطيران فى المنطقة. وتماشيا مع التنمية المستمرة لمطار آل مكتوم الدولي، جزءا من المشروع الذى تبلغ قيمته 120 مليار دولار أمريكي، لجعل الامارة مركزا لخدمات السفر الجوى والملاحة، وضعت شركات دبي بعض الأوامر العالمية الكبرى لطائرات جديدة فى العام 2008. فقد وضعت دبي لصناعات الطيران كابيتال، ذراع مجموعة دبي لصناعات الطيران لتأجير وتمويل الطائرات، المملوكة للدولة، أمرا لشراء 100 طائرة ايرباص في صفقة قيمتها 13 مليار دولار أمريكي في شهر يوليو 2008. وفى نفس الشهر، وضعت شركة طيران دبي الشركة الناقلة الجديدة منخفضة التكلفة، والتى من المقرر أن تبدأ رحلاتها الجوية قبل نهاية شهر يونيو 2009، أوامر تجاوزت قيمتها 3.74 مليار دولار أمريكى مع الشركة المصنعة "بوينج" لـ 50 جيل قادم 737-800 .

كما أن هناك العديد من المشاريع الأخرى التي تم إطلاقها. حيث أعدت إدارة النقل قائمة بأسماء المقاولين الذين سيقومون بتطوير طريق سريع طوله 325 كم، سيعبر المنطقة الغربية ويربط مفرق مع غويفات القريبتين من الحدود السعودية. ووفقا لتصريحات المسئولين، فإن هذا المشروع حاليا في حالة التأهيل المسبق، كما أنه سيتم تنفيذ عملية تقديم العطاءات قريبا. هذا ومن المقرر أن يبدأ التشييد بنهاية العام 2009 بتكلفة تقديرية تصل إلى حوالى 2.5 مليار دولار أمريكي.

كذلك يتم حاليا تنفيذ مشروع تطوير ميناء خليفه والمنطقة الصناعية بتكلفة 2.5 مليار دولار أمريكى. وسوف يضم الميناء الجديد طاقة مبدئية تبلغ 2 مليون TEUs (وحدات تعادل عشرين قدما) والتى سيتم توسيعها تدريجيا لتصل إلى 6 مليون وحدة. وسيمتص ميناء خليفة كافة عمليات مينا زايد في العام 2010 ، بطاقة تسمح بإدارة النمو المتوقع فى الواردات والصادرات فى الأجل الطويل.

وفى نفس الوقت، يجرى العمل في مترو دبى على مدار الساعة وفقا للموعد المحدد للمشروع. حيث يستمر العمل الرئيسي للتشييد بناء على الجدول الزمني لمسافة 52.1 كم للخط الاحمر بين ميناء جبل على والرشيدية. كذلك يبدو التقدم فى المشروع واضحا فى تشييد المسار العلوى بمسافة 44.1 كم وكذلك مسافة 12.6 كم للمسار الذى يجرى تحت الأرض، منه 300 متر تحت "الكريك"، وسيبدأ تقديم الخدمات جزئيا قبل نهاية شهر سبتمبر 2009.

كذلك يلتزم مطار أبو ظبى بتنفيذ مشروع كبير للتوسعات. فخلال شهر يناير 2009، أعلن المطار عن إعداده قائمة من المقاولين لمشروع توسعة المحطة الوسطى البالغ تكلفته 6.8 مليار دولار أمريكى. وستطلب المرحلة الأولى من المشروع محطة مساحتها 220,000 متر مربع تستوعب 20 مليون مسافر سنويا (مقابل 12 مليون مسافر حاليا). وأخيرا فهى تهدف للتعامل مع 50 مليون مسافر و2 مليون طن من الحمولات سنويا .

ومن بين الخطط الاخرى المقررة لاصلاح هذا القطاع، تدرس الخطة الرئيسية للنقل البرى فى ابو ظبى والتى من المقرر الانتهاء منها فى الربع الثاني من العام 2009 احتمالية تشييد خطى مترو في أبو ظبي، حيث سيربط الخط الأول جزيرة سعديات والميناء، وسيمر من خلال المحطة الرئيسية وطريق المطار وحتى حي الجامع الكبير، وحى العاصمة، وشاطئ الراحة. فى حين سيعبر الخط الثانى منطقة وسط البلد ليربط الريم والسواح بالمحطة المركزية ومنطقة مركز مارينا التجارى. ووفقا للصحافة المحلية فإنه فى حالة تنفيذ النظام بالكامل سيدخل فى التشغيل بحلول العام 2016 .

وأخيرا، هناك خطط لإنشاء خط سكك حديد وطنى بعد قيام أعضاء من المجلس الفيدرالى الوطنى بحث وزارة الأعمال العامة للإسراع فى المشروع. وسيكون من شأن خط السكك الحديدية الاقليمى والبالغ طوله 537 كم، تقليل الزحام المرورى بشكل كبير على الطرق شديدة الازدحام التي تربط الإمارات ببعضها. وهو ما سيرتبط بشكل جيد مع شبكة نقل دول مجلس التعاون الخليجى التى ستقوم بالربط بين كافة الدول الستة الأعضاء. وستشهد المرحلة الأولى من شبكة السكك الحديدية بالامارات طريق مزدوج للقطارات يتم بناؤه من الرويس فى أبوظبى إلى الفجيرة. وفى الحقيقة سيكون هناك نحو 900 كم من السكك الحديدية تمتد من الساحل وحتى الحدود السعودية. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة هذا المشروع الاقليمى الضخم 14 مليار دولار أمريكي، كما من المتوقع أيضا أن ينتهى انشاء المرحلة الأولى بحلول العام 2016.

بالتطلع مستقبلا...
لا تزال دولة الإمارات تحافظ على موقفها المالي القوى، وذلك على الرغم من انخفاض أسعار النفط، وذلك بفضل السيولة الكبيرة التي توفرت خلال الأعوام الخمس الأخيرة نتيجة لارتفاع أسعار النفط. ومن المتوقع أن تحافظ الحكومة على موازنتها الاستثمارية عند مستويات مرتفعة، وخاصة لمشروعات البنية التحتية الرئيسية طويلة الأجل، عملا منها على تحفيز النمو. وبناءا على ذلك، لن تؤثر الأزمة العالمية على مشاريع البنية التحتية للإمارات بشكل كبير، حيث تدعم الحكومة القدر الأكبر من المشاريع الضخمة. وقد تعهدت الحكومة بدعم الإنفاق العام والذى سيساعد على الإسراع بعملية تعافى الاقتصاد الإماراتي، كما ترى أن القوة الدافعة للاقتصاد لم تتأثر بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية العالمية.

© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)