دبي لاعب أساسي في تطوير الخدمات الجوية بالشرق الأوسط

تاريخ النشر: 07 أغسطس 2006 - 05:42 GMT

ربما كانت من بين أكثر المزايا التي يتمتع بها المخططون الاقتصاديون في إمارة دبي هي ملاحظتهم للأهمية البالغة التي ينطوي عليها قطاع الطيران التجاري• وعندما أصبح المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكماً لإمارة دبي عام ،1958 كانت أول إنجازاته قد تجسدت في تطوير مطار دبي الدولي• واقتداء بهذا النهج الحكيم، وترسيخاً لهذه الخطوة الاقتصادية المهمة، حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على أن تكون من أهم الأولويات في الخطة الاقتصادية الناجحة التي يعتمدها، تأسيس شركة للخدمات الجوية يمكنها أن تسهم في تحقيق المزيد من التطور الاقتصادي•

وفي إطار التجسيد العملي لهذا الهدف المهم، تضامنت في شهر فبراير الماضي عدة مجموعات عمل رائدة من دولة الإمارات من أجل تحويل دبي إلى مركز عالمي لصناعة الطيران من خلال تأسيس شركة يمكنها أن تقدم كافة الخدمات المتعلقة بهذا القطاع الحيوي وبرأسمال مشترك يقدر بـ15 مليار دولار؛ وتتنوع المهمات التي تؤديها الشركة الجديدة لتشمل كل ما يتعلق بتقنيات صيانة الطائرات وخدمتها وتطوير المطارات وتمويل المشاريع المتعلقة بهذه الصناعة وتدريب وتمهين الطواقم والموظفين• وساهمت في هذا المشروع الضخم شركات ست هي: مؤسسة دبي المالية العالمية، إعمار العقارية، استثمار، مركز دبي المالي العالمي، أملاك المالية، وسلطة المنطقة الحرة لمطار دبي؛ وتكلف هؤلاء الشركاء بتوظيف خبراتهم الخاصة في المشروع والتي تتنوع بين التمويل وتأجير الطائرات والتطوير العقاري•

وجاء في تقرير لمجلة (ميد) أن خطط مؤسسة دبي للطيران مبنية على أسس مدروسة ومتينة؛ حيث توشك دبي الآن على استكمال عقدها الثاني كمركز عالمي للطيران، كما تمكنت من إقامة وتطوير علاقات قوية مع كبار اللاعبين العالميين في هذه الصناعة، وكلهم مرشحون لأن يصبحوا شركاءها في المستقبل•

وفي مثل هذه المشاريع العملاقة يكون لاختيار المكان أهميته الكبيرة؛ ومع تزايد المدى الأقصى للطائرات النفاثة الحديثة، أصبحت دبي الآن ضمن مدى الرحلة المنفردة للطائرات من وإلى معظم دول العالم• وربما كان الأهم من كل هذا هو أن دولة الإمارات تقع على بوابة جنوب آسيا؛ وهي المنطقة التي يتوقع لها أن تكون إلى جانب الصين محور النمو المنتظر في الصناعة العالمية للطيران خلال العقود المقبلة• وخلافاً لما هو عليه حال أوروبا وأميركا الشمالية، حيث حدث التطور هناك على مراحل مختلفة، فإن النمو في هذه المنطقة سوف يكون سريعاً•

ويبدو من الدراسات الأولى أن الفرص المتاحة في هذا الميدان هائلة• وفي هذا الصدد، يقول بوب جونسون المدير العام التنفيذي لمؤسسة دبي للطيران: (إن دبي قريبة جداً من المنطقة التي ينتظر منها أن تحقق نمواً ضخماً؛ وهذا لا يعني بالطبع بأنه لن يكون هناك نمو في مناطق أخرى؛ ونحن نعلم أن جزءاً كبيراً من الاقتصاد العالمي أصبحت تتحكم فيه الهند والصين وجنوبي آسيا حيث نشهد ولادة صناعة جديدة في هذه المنطقة النامية)• وتندرج المطارات بحد ذاتها ضمن الأولويات العاجلة؛ ومن دونها، لا بد أن تفشل صناعة الطيران تماماً• وتقدر مؤسسة دبي للصناعات الجوية أن يتم إنفاق أكثر من 120 مليار دولار على تطوير المطارات في أفريقيا والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وبقية دول آسيا بحلول عام 2014، وذلك حسبما ذكرته صحيفة الخليج الإماراتية.

وتخطط المؤسسة لأن تكون منذ البداية شريكاً معنياً بهذه التطورات من خلال تقديم نماذج تطوير المطارات المبنية استناداً إلى الخبرة والقدرة على الشراكة التي أصبحت تتمتع بها إمارة دبي والتي استقتها من خلال تطوير مطاريها الدوليين: مطار دبي الدولي، ومطار دبي المركزي العالمي الذي يجري بناؤه الآن على قدم وساق• ويقول جونسون: (هناك أعداد كبيرة من المطارات التي تنتظر البناء؛ وسوف نعمد إلى ابتداع نموذج يصلح للتعميم على المطارات في مختلف أنحاء العالم بعد أن أصبحت المطارات تمثل عنق الزجاجة بالنسبة لاقتصاديات أي دولة؛ ولقد بذلنا المجهودات الضخمة حتى نجعلها آمنة للطيران، كما أننا نسعى الآن للبحث عن وسائل زيادة فعاليتها)•

إن تشييد مطار دبي المركزي العالمي على أساس أن يكون (المطار المدينة)، أظهر أن مطارات القرن الحادي والعشرين أصبحت تمثل أكثر بكثير من مجرد كونها سلسلة من مدرّجات الإقلاع والهبوط وبعض المنشآت والمباني الملحقة بها• وسوف تشغل (المدينة المطار) مساحة 140 كيلومتراً مربعاً تتضمن 25 كيلومتراً مربعاً من المرافق الخدمية ومدينة سكنية ومنطقة تجارية بالإضافة للعديد من معالم الجذب السياحي• ويكون لمثل هذه المنشآت تأثيرها المباشر على العوائد الربحية للمطارات النموذجية الفعالة• وإذا ما أضفنا لكل ذلك، النشاطات الأخرى التي يمكنها أن تعزّز من هذا التوجّه، فسوف يكون في وسع الحكومات أن تعوض التكاليف الباهظة لبناء المطارات ببيع الأراضي المجاورة لها لبناء المساكن والمنشآت العقارية الأخرى• ويقول جونسون: (وينبغي علينا أن نلاحظ أن المطار أصبح مدينة حقيقية؛ حيث تمارس فيه نشاطات من النوع الذي لا يتوقف أبداً؛ ونحن نحتاج لأن نجعله مكاناً مثالياً لممارسة العمل، ورائعاً بالنسبة لأولئك الذين يعبرونه)•

ومع استمرار العمل في تشييد مطارين في إمارة دبي، يتركز اهتمام مؤسسة دبي لصناعات الطيران على تطوير مجالات أخرى في صناعة الطيران ذات فائدة اقتصادية كبيرة• ومن ذلك مثلاً أنها تهتم بخلق فرص عمل جديدة للإماراتيين الذين يجب أن يهتموا بتحصيل العلوم الحديثة حتى يتمكنوا من شغل المناصب ذات المستوى التقني العالي• وتستهدف الخطط التي ترسمها مؤسسة دبي للطيران تشغيل 30 ألف موظف وأن تؤمن نحو 5000 آلاف منصب عمل بطريقة غير مباشرة•

ويشكل التعليم والتدريب خطوة أساسية بالنسبة للشباب الإماراتي الطموح؛ حيث ينتظر أن تتكفل جامعة الطيران والفضاء التي ستفتتح أبوابها الخريف المقبل، والتي يتم تشييدها بالتعاون بين مؤسسة دبي للطيران وجامعة كرافيلد التي يوجد مقرها الرئيسي في المملكة المتحدة، بتعليم جملة متنوعة من التخصصات والبرامج الأكاديمية؛ ومن المنتظر أن تستقبل 8000 طالب بحلول عام •2015 ونظراً لأنها تقدم برامجها التدريبية في دبي فإن من المنتظر أن تتحول إلى مركز ضخم لتخريج حملة الشهادات العليا الذين سيدعمون قطاعات تطورية أخرى كصيانة الطائرات وخدمتها وحتى صناعتها•

© 2006 تقرير مينا(www.menareport.com)