أشارت دراسة جديدة إلى الارتفاع السريع في معدلات رواتب الموظفين في جميع دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة للزيادة الحادة في الكلف المعيشة والعرض المحدود من أصحاب المهارات المهنية العالية، إضافة إلى التوقعات المتنامية لمواطني دول المجلس في الحصول على حصة من العوائد النفطية الضخمة. وكشفت الدراسة التي قامت بها جلف تالينت دوت كوم، "الوكالة المتخصصة في خدمات التوظيف عبر شبكة الانترنت في المنطقة"، أن معدل الزيادة في الرواتب على مستوى الخليج بلغت 7 في المئة خلال فترة عام واحد حتى شهر أغسطس/ آب 2005.
وقالت الدراسة التي تحمل عنوان: "اتجاهات الرواتب والتعويضات في الخليج 2005" التي قدمت خلال منتدى الشرق الأوسط للموارد البشرية هذا الأسبوع في دبي ان دولة قطر تتصدر القائمة بنسبة 7,9 في المئة ، ثم المملكة العربية السعودية بـ 7,4 في المئة، ودولة الكويت 6,9 في المئة، فالامارات العربية المتحدة 6,5 في المئة ومملكة البحرين 6,5 في المئة وسلطنة عمان 9,5 في المئة.
وأشارت أبحاث أعلنت عنها جلف تالينت دوت كوم في شهر مارس الماضي إلى الزيادة المحدودة في الرواتب بدولة الإمارات، على رغم الارتفاع الحاد في اجار السكن. وتقدم النتائج الأخيرة التي اعتمدت على استقصاء لآراء ثلاثة آلاف موظف في جميع دول مجلس التعاون الخليجي اشارة قوية مفادها أن ارتفاع نسبة التضخم والزيادة في مدفوعات القطاع العام بدأت فعلا في إحداث تأثير على معدلات الرواتب والتعويضات في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.ومع الزيادة في عوائد النفط، قامت الكثير من حكومات المنطقة بزيادة رواتب موظفيها ما شكل ضغطا على القطاع الخاص لاتخاذ خطوة مماثلة. فقد أعلنت حكومة الإمارات في أبريل/ نيسان من العام الجاري عن زيادة كبيرة في رواتب الموظفين تراوحت بيت 15 و25 في المئة.
كما قامت حكومات الكويت والبحرين والسعودية بخطوات مماثلة، وبلغت زيادة رواتب موظفي الحكومة في السعودية 15 في المئة في تطور هو الأول من نوعه في أكثر من 20 عاما.وجاءت كل هذه التطورات لتدفع مديري الموارد البشرية في كل أرجاء المنطقة إلى ما أسماه التقرير "هيجان النشاط" إذ أسرعت دوائر الموارد البشرية إلى حساب الزيادة المناسبة في رواتب الموظفين في المؤسسات التي تخدمها.وقال مدير الموارد البشرية في شركة أوروبية متعددة الجنسيات تعمل في مجال النفط والغاز لفريق اعداد دراسة جلف تالينت دوت كوم: "نعرف أن علينا زيادة رواتب الموظفين، ولكننا كشركة كبرى، نواجه صعوبة معينة تتمثل في الحصول على موافقة مكتبنا الرئيسي من دون تقديم بيانات يعتمد عليها لتبرير الزيادة، والحصول على تلك البيانات صعب جدا في الشرق الأوسط".
وأشارت دراسة جلف تالينت دوت كوم إلى النمو القوي في الهند ودول أخرى مثل الأردن كعامل آخر يساهم في الاتجاه نحو زيادة الرواتب في الخليج، إذ واجهت الشركات والمؤسسات حقيقة مهمة تتمثل في تقديم عروض مغرية لكبار الموظفين التنفيذيين لاقناعهم بالقدوم للعمل في المنطقة بدلا من البقاء في بلدانهم التي تتوافر فيها اختيارات جذابة.
وقال مدير للموارد البشرية في أحد المصارف في البحرين: "قدمنا عرضا لأحد المرشحين لوظيفة في المصرف، لكنه رفض العرض واشتغل مع جهة منافسة لنا في الهند بعرض مشابه لما كان سيحصل عليه في البحرين!".
وقال مسئول في قسم شئون الموظفين بدولة خليجية: "في هذه الأيام، عندما تتسلم السيرة الذاتية من شخص ما في الأردن وترسل له عرض العمل، لا يمكنك أن تكون واثقا من أنه سيقبل العرض". وعلى رغم أن الاتجاه العام نحو زيادة الرواتب في دول الخليج يعكس تشابها أساسيا بين اقتصادات هذه الدول، لكن توجد بعض الفروقات. فالزيادة في الرواتب في الإمارات التي تشهد تسارعا محموما في نموها الاقتصادي مرده نسبة التضخم المرتفعة التي جاءت نتيجة للارتفاع الحاد والمفاجئ في اجار السكن والخدمات الأساسية. وينطبق الأمر نفسه على قطر، وإلى حد ما، على الكويت. أما في السعودية والبحرين وعمان، فنسبة التضخم متدنية، ويعود سبب رفع مستوى الرواتب في تلك الدول بشكل رئيسي إلى عامل التنافس للحصول على المهارات المهنية المؤهلة في أسواق يشهد فيها العرض محدودية واضحة.وأضاف تقرير جلف تالينت دوت كوم ،:" أن القطاعات التي تشهد أعلى مستويات الرواتب والتعويضات في الخليج هي القطاع المصرفي والمالي وقطاع البناء والعقارات. أما القطاعات ذات أقل مستوى للزيادة في الرواتب فتتمثل في القطاع الصحي وقطاع التعليم".
وتوقع التقرير مواصلة الارتفاع في معدلات الرواتب والتعويضات في العام المقبل، مشيرا إلى أن الرواتب الأعلى ستؤدي لتضخم أكبر نظرا إلى انفاق الموظفين أصحاب الرواتب العالية. وإذا تواصلت هذه النزعة على الأمد الطويل، بحسب ما جاء في التقرير، فقد تضطر بعض الشركات والمؤسسات العاملة في الخليج إلى الانتقال لمناطق أخرى بسبب ارتفاع الكلف التشغيلية، أو للبحث عن عمليات لا تعتمد على الالتقاء المباشر مع العملاء في مناطق أقل كلفة في العالم. كما توقع التقرير أن ارتفاع كلفة استخدام العمالة سيشجع الشركات في المنطقة على الاستثمار في توظيف وتدريب المواطنات الخليجيات وخصوصا في السعودية التي تشكل فيها نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل أدنى مستوى بين دول الخليج.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)