دعت الدراسة الإقتصادية الى إعادة النظر في هيكلية موارد الموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك اساليب الإنفاق المتبعة في تلك الدول، من أجل منح هذه الموازنات المزيد من الاستقرار. وأضافت الدراسة التي نشرت في العدد الأخير لصحيفة مصرف الإمارات الصناعي انه وعلى الرغم من اندلاع حرب الخليج الثالثة في العام الماضي، وما نتج عنها من ازدياد حدة التوتر في منطقة الخليج، إلا أن القطاعات الاقتصادية حققت مستويات اداء جيدة، حيث اسهم ارتفاع اسعار النفط في انتعاش الاوضاع الاقتصادية بشكل عام، وشمل هذا التحسن مكونات الموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي وضعت على اساس اسعار معتدلة لبرميل النفط تتراوح ما بين 17 -19 دولارا للبرميل، إلا أن متوسط سعر البرميل في العام الماضي بلغ 27 دولارا، مما أدى الى تحول العجز الإجمالي في الموازنات السنوية لدول المجلس الى فائض في العام 2003.
وأوضحت ان البيانات الخاصة بالموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي تفاوتت تبعاً لسياسات الانفاق التي اتبعتها كل دولة خليجية من جهة وطبقاً لمستويات انتاج النفط في هذه الدول من جهة اخرى، ففي دولة الإمارات كان تأثير هذه التطورات محدودا جدا على مكونات الميزانية الاتحادية والتي تشكل مساهمات الإمارات مكونها الاساسي.
أما في مملكة البحرين، فقد ظل العجز ثابتاً تقريبا عند معدله المعلن، اذ أسهمت الزيادة في الانفاق العام في امتصاص الزيادة في الايرادات والناجمة عن ارتفاع اسعار النفط، خصوصا ان التطورات الداخلية فرضت زيادة الانفاق في اكثر من مجال. وارتفع الانفاق الفعلي في الوقت نفسه في المملكة العربية السعودية بنسبة 20% في عام 2003 ، إلا أن ذلك تزامن مع ارتفاع الايرادات الفعلية بنسبة 73.5% مقارنة مع الايرادات المعلنة في موازنة عام 2003 ، اذ اسهم ذلك في تحويل العجز والبالغ 11 مليار دولار الى فائض بلغ 12 مليار دولار.
وفي سلطنة عمان حافظ العجز على مستواه البالغ مليار دولار، وذلك على الرغم من انخفاض انتاج النفط بنسبة 22%، إلا أن ارتفاع الاسعار خلق نوعا من التوازن بين المصروفات والإيرادات في العام الماضي، أما في قطر، فقد ارتفعت الايرادات بصورة حادة، حيث أسهم في ذلك عاملان رئيسيان يتمثلان في ارتفاع عائدات النفط وارتفاع العائدات من الصادرات المتزايدة من الغاز الطبيعي. وأضافت الدراسة :" انه في الوقت الذي ارتفع فيه الانفاق في الدول الخمس المشار اليها، فقد انخفض في دولة الكويت، وذلك على الرغم من ارتفاع الايرادات بصورة كبيرة، مما حول العجز المعلن والبالغ 6.4 مليار دولار الى فائض بلغ 5 مليارات دولار تقريبا، علما أن البيانات المعلنة عن الموازنات السنوية لدول المجلس للعام الحالي 2004 ، والتي وضعت على اسس متحفظة لأسعار النفط تتراوح بين 19 - 21 دولارا للبرميل، تشير الى إمكانية انخفاض الايرادات بنسبة 24.5% لتصل الى 90.8 مليار دولار في عام 2004، مقابل 120.2 مليار دولار في عام 2003، وذلك نتيجة للتوقعات الخاصة بإمكانية انخفاض اسعار النفط".
وأوضحت الدراسة، وكما ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية، انه يتوقع ان تنخفض المصروفات بصورة طفيفة وبنسبة 2.6% لتصل الى 101.4 مليار دولار في العام الحالي، مقابل 104.1 مليار دولار في العام الماضي، وذلك في حال عدم تجاوز حجم المصروفات الواردة في موازنات عام 2004، موضحة ان الفائض في الموازنات الخليجية في العام الماضي والبالغ 16.1 مليار دولار والذي يعتبر الأعلى منذ انتهاء حرب الخليج الثانية في بداية التسعينات تتوقع موازنات هذا العام ان يتحول الى عجز اجمالي يبلغ 10.6 مليار دولار. وقالت :" ان العجز المعلن مرشح للتلاشي، كما حدث في عام 2003 او للارتفاع كما حدث في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي، حيث يعتمد ذلك وبصورة كبيرة على تقلبات اسعار النفط في الاسواق العالمية والتي تعتمد عليها الموازنات السنوية اذ تشكل عائدات النفط نسبة تتراوح ما بين 70 -80% من إيرادات الموازنات الخليجية.
وخلصت الدراسة الى ان التجربة السابقة تشير الى أن هناك عجزا تحول الى فائض، كما أن هناك فائضا تحول الى عجز غير متوقع، مما يتطلب إعادة النظر في هيكلية موارد الموازنات السنوية، وأساليب الانفاق لمنح هذه الموازنات المزيد من الاستقرار، والذي بدوره يؤدي الى استقرار الأوضاع الاقتصادية وتحفيز النمو الاقتصادي كي يتناسب والتغيرات الجارية في العلاقات الاقتصادية الدولية. ( البوابة)