السعودية تشغل مصافيها العملاقة لتوسيع سيطرتها على سوق المنتجات النفطية

تاريخ النشر: 25 سبتمبر 2014 - 07:36 GMT
البوابة
البوابة

رجح خبراء نفط ومحللون أن توسع السعودية من سيطرتها على سوق المنتجات النفطية العالمي بالإضافة إلى سيطرتها على سوق النفط الخام كأكبر مصدر في العالم، بعد أن دخلت اثنتان من أكبر مصافي التكرير وأكثرها تقدما في العالم للخدمة خلال الشهر الماضي، وهما مصفاة «ساتورب الجبيل» والتي تمتلكها «أرامكو» السعودية بالشراكة مع «توتال» الفرنسية، ومصفاة «ياسرف ينبع» المشتركة بين «أرامكو» و«ساينوبك» الصينية.

ونقلت وكالة «رويترز» عن باتريك بيويان رئيس التكرير والكيماويات في «توتال» أول من أمس خلال وجوده في مؤتمر للتكرير في بروكسل أن مصفاة «ساتورب» في مدينة الجبيل الصناعية على الساحل الشرقي للمملكة، قد بدأت منذ تاريخ 1 أغسطس (آب) في أخذ النفط بكامل طاقتها التكريرية.

فيما دخلت مصفاة «ياسرف» المشتركة بين «أرامكو» و«سينوبك» الصينية في مدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر مرحل التشغيل التجريبي هذا الشهر بحسب تصريحات للرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو»، خالد الفالح منتصف الشهر الحالي خلال وجوده في مدينة تيانغين الصينية لحضور فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي.

وارتفعت هذا العام كمية النفط التي استخدمتها المصافي المحلية إضافة إلى الكمية التي حرقتها محطات الكهرباء عن العام الماضي، بحسب بيانات رسمية اطلعت عليها «الشرق الأوسط».

أما الصادرات السعودية فانخفضت مؤخرا نتيجة لضعف هوامش تكرير خام النفط العربي الخفيف في آسيا وانخفاض الطلب على النفط السعودي في الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن تساهم التخفيضات الكبيرة التي قدمتها «أرامكو» السعودية لمبيعات أكتوبر (تشرين الأول) وسبتمبر (أيلول) في رفع الصادرات رغم أن بعض المصافي ستدخل للصيانة في الربع الثالث استعدادا للشتاء.

ويراقب السوق العالمية عن كثب بيانات إنتاج السعودية منذ أن هبطت أسعار النفط الخام إلى ما دون 100 دولار بداية الشهر الحالي؛ خوفا من أن يتسبب زيادة إنتاجها هبوط آخر للأسعار.

وتتوقع السوق أن تقوم المملكة بخفض إنتاجها في أغسطس وسبتمبر نظرا لتشبع الأسواق بالنفط إضافة إلى أنها غالبا ما تقوم بتخفيض إنتاجها نهاية كل صيف مع تراجع الطلب المحلي.

وتنتج دول أوبك بما فيها السعودية نحو 30.3 مليون برميل يوميا حاليا ولكنها من المفروض أن تنتج كمية أقل قدرها 29.5 مليون برميل يوميا في الربع الرابع حتى لا يكون هناك فائض في السوق بحسب تقديرات منظمة أوبك ذاتها.

* زيادة الطلب المحلي

* وزاد من هذه التوقعات صدور بيانات لأوبك أظهرت أن إنتاج المملكة في أغسطس انخفض بواقع 408 آلاف برميل يوميا من 10.01 مليون برميل في يوليو (تموز). ولم تصدر أي بيانات تفصيلية عن صادرات واستهلاك النفط السعودي لشهر أغسطس إلا أن أغلب التحليلات تشير إلى أن هذا الخفض كان نتيجة في مستوى الصادرات وليس مستوى الطلب المحلي.

ويقول أحد المصادر المحلية لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتصور أن يكون هناك تأثير لاستهلاك هاتين المصفاتين على صادرات المملكة من النفط الخام إلى عملائها. كل ما هنالك أن المملكة ستصدر منتجات بترولية أكثر وسيصبح لها ثقل في سوق المنتجات وليس فقط في سوق النفط الخام».

وبدا تأثير دخول مصفاة «ساتورب» المملوكة بالشراكة بين «توتال» الفرنسية و«أرامكو» إلى الخدمة واضحا على الطلب المحلي من النفط هذا العام إذ أظهرت بيانات رسمية لاستهلاك المصافي المحلية من النفط قامت «الشرق الأوسط» بتحليلها أن المصافي السعودية استهلكت في المتوسط 1.95 مليون برميل يوميا من النفط خلال الأشهر السبعة الأولى، ارتفاعا من 1.54 مليون برميل يوميا لنفس الفترة من العام الماضي.

ولم يتم نشر بيانات أغسطس أو سبتمبر بعد ولكن من المتوقع أن تظهر فيهما زيادة نظرا لعدم وجود مصاف محلية في الصيانة خلال هذه الفترة وارتفاع الطلب من المصفاتين الجديدتين التي تبلغ الطاقة التكريرية لكل واحدة منهما 400 ألف برميل يوميا من النفط العربي الثقيل الذي يتم إنتاجه من حقل منيفة.

والمصفاتان أي (ساتورب وياسرف)، من النوع المتطور وقليل الانتشار عالميا والمعروف في الصناعة باسم «مصفاة تحويل كاملة» أي أنها تحول كل المنتجات الثقيلة إلى وقود ومشتقات متوسطة وخفيفة كالبنزين والديزل وبذلك تنتجهما بكميات أكبر من المصافي العادية.

وبوصول «ساتورب» التي بدأت التشغيل التجريبي منتصف العام الماضي إلى كامل طاقتها فإن ذلك سينعكس على كمية الاستهلاك المحلي من النفط خلال سبتمبر.

أما «ياسرف» فإنها ستستهلك كميات أقل بكثير في المرحلة الأولية وتحتاج إلى بضعة أشهر حتى تصل إلى طاقتها الكاملة حالها حال أي مصفاة تحويل كاملة من الحجم الكبير. وبدأت «ساتورب» في تصدير المنتجات منذ أواخر العام الماضي أما «ياسرف» فإنه من المتوقع أن تبدأ التصدير أواخر هذا العام أو بداية العام القادم.

* ضعف السوق العالمية وتواجه المصفاتان اللتان ستنتجان كميات كبيرة من الديزل نفس التحديات إذ تعاني المصافي هذا العام في آسيا وأوروبا من ضعف كبير في الهوامش الربحية من التكرير إضافة إلى ضعف الطلب على المنتجات البترولية. وبلغت هوامش أرباح الديزل في آسيا أدنى مستوياتها في 3 سنوات ونصف السنة في يونيو (حزيران) الماضي. وقد يتسبب زيادة التصدير من هاتين المصفاتين في الضغط على أسعار المنتجات للهبوط.

وبسبب ضعف الطلب في أوروبا فإن «ساتورب» لن تصدر سوى أقل من 10 في المائة من منتجاتها مستقبلا إلى هناك بحسب ما أوضحه مسؤول «توتال» في تصريحاته. وأضاف «أقل من 6 في المائة من إنتاجها يذهب إلى أوروبا.. يرسل المجمع منتجاته بالأساس إلى الشرق الأوسط وآسيا وشرق أفريقيا».

أما شركة النفط الصينية العملاقة «سينوبك» فإنها تستهدف أسواق أوروبا وشرق أفريقيا لتصدير شحنات وقود الديزل التي ستنتجها من «ياسرف»، في عملية توسعة كبيرة لنشاطاتها التجارية خارج حدود آسيا. ودخلت «سينوبك» بالفعل أسواقا في آسيا لبيع كميات فائضة من وقود الديزل بعد نمو طاقة التكرير الصينية وتباطؤ الطلب المحلي على الوقود المستخدم في الصناعة ووسائل النقل بسبب ضعف الاقتصاد.

ويتوقع الخبراء أن تضخ «ساتورب» و«ياسرف» إضافة إلى توسعة لمصفاة الرويس في الإمارات العربية المتحدة أكثر من مليون برميل يوميا من المنتجات المكررة في السوق مع تركيز قوي على منتجات التقطير الوسطى مثل الديزل. ولكن مصادر في الإمارات كانت قد أعلنت قبل أيام أن مصفاة الرويس لن تدخل الخدمة هذا العام ومن المرجح أن تبدأ الإنتاج في العام القادم.

وتخشى شركات التكرير الأوروبية من أنها ستواجه منافسة محتدمة من المصافي الجديدة التي تدخل الخدمة في الشرق الأوسط وآسيا وذلك رغم تجميد بعض المشاريع الصينية أو إلغائها.

وأشارت «توتال» بالفعل إلى أنها ترغب في تقليص طاقتها التكريرية في فرنسا حيث تدير 5 مجمعات بالفعل. ومن المتوقع عقد اجتماع بشأن استراتيجية المجموعة في مجال التكرير يوم 25 سبتمبر .

وقالت أمريتا سين كبيرة محللي سوق النفط لدى «إنرجي أسبكتس» التي تحدثت في بروكسل خلال نفس المؤتمر الذي تحدث فيه مسؤول «توتال» بيويان إن «تمتع الشرق الأوسط بميزة السعر المنخفض للخام والموقع الجيد سيؤدي إلى احتدام المنافسة لشركات التكرير الأوروبية والأميركية في النصف الثاني من 2015 في بعض الأسواق الخارجية». وقالت «سيكونون أكثر تنافسية في أفريقيا على سبيل المثال».