السوق النفطية في حالة غير مبشَرة.. والأسعار تراجعت 7 % خلال الربع الأول!

تاريخ النشر: 02 أبريل 2017 - 08:24 GMT
عادت حالة تخمة المعروض لتلقي بظلال وتأثيرات واسعة على السوق خلال الأشهر الثلاثة الماضية
عادت حالة تخمة المعروض لتلقي بظلال وتأثيرات واسعة على السوق خلال الأشهر الثلاثة الماضية

على الرغم من أن الربع الأول من العام الجاري قد شهد أول تطبيق مشترك لخفض الإنتاج بين منتجين في "أوبك" وخارجها منذ ثماني سنوات، إلا أن أسعار النفط الخام تكبدت خسائر فادحة خلال هذا الربع بسبب زيادة الإنتاج الأمريكي التي حدت من مفعول الاتفاق الذي نص على تقليص المعروض العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا بمساهمة دول "أوبك" و11 منتجا مستقلا بقيادة روسيا.

وعادت حالة تخمة المعروض لتلقي بظلال وتأثيرات واسعة على السوق خلال الأشهر الثلاثة الماضية خاصة مع بلوغ المخزونات النفطية مستويات قياسية في الارتفاع إضافة إلى النمو المتواصل في أنشطة الحفر الأمريكية وإسراع المنتجين الأمريكيين في زيادة مستويات إنتاجهم بفعل التفاؤل بمستقبل السوق، وللاستفادة من الآثار المترتبة على خفض "أوبك" و"المستقلين" معروضهم النفطي.

وخسرت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت نحو 7 في المائة خلال الربع الأول للعام الجاري مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي بينما خسر الخام الأمريكي 5.7 في المائة في نفس الفترة وهو ما يعتبر أكبر خسارة فصلية منذ عام 2015 بينما استمرت زيادة الحفارات الأمريكية للأسبوع الحادي عشر على التوالي بسبب تفاؤل المنتجين بالسوق وتعزيزهم الإنتاج الجديد.

كما خسرت سلة خام "أوبك" نحو 7 في المائة على مدار الشهر الماضي وهبطت خلال هذا الشهر لأول مرة دون 50 دولارا للبرميل واستمر الانخفاض ثلاثة أسابيع لتبقى حول مستوى 48 دولارا قبل أن ترتفع نسبيا مرة أخرى في نهاية الشهر إلى 50 دولارا وكانت قد بدأت تعاملات الشهر عند مستوى حول 54 دولارا.

في سياق متصل، ذكرت بيانات أمريكية أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط ارتفع بنحو 70 في المائة مقارنة بعام 2007 وفي شهر كانون الثاني (يناير) الماضي فقط زاد الإنتاج الأمريكي 60 ألف برميل ليرتفع إلى نحو 8.8 مليون برميل يوميا، وأنه على الرغم من ذلك ما زالت مصافي ساحل الخليج الأمريكي تلبي احتياجات المستهلكين إلى حد كبير من النفط الخام المتوسط والثقيل عن طريق استيراد كثير من نفط "أوبك" ودول الشرق الأوسط الذي يعتبر العنصر الرئيسب في تنمية القدرة على سد احتياجات المستهلكين.

وقالت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية – في أحدث تقاريرها – "إن صناعة النفط الأمريكية تعيش نهضة غير مسبوقة وقد حققت بالفعل أعلى مستوى قياسي في عشر سنوات"، معتبرة السبب الرئيسي وراء ذلك يجيء انطلاقا من التقدم التكنولوجي الواسع في أنشطة الحفر ما جعل إنتاج النفط يسجل بالفعل مستويات قياسية جديدة ويحوم حاليا حول تسعة ملايين برميل يوميا.

وأضاف التقرير أن "ما يقرب من ثلاثة أرباع إنتاج النفط في الولايات المتحدة هو من الخام الخفيف أو المكثفات"، مؤكدا أن هذا النوع من النفط لا يناسب ولا تقدم على استهلاكه معظم المصافي الأمريكية، منوها بأن الطاقة الإجمالية للمصافي في الساحل الأمريكي تبلغ 9.6 مليون برميل يوميا.

وأشار التقرير إلى أن الواردات الأمريكية النفطية من الخام الخفيف قد تراجعت بشكل كبير بعد زيادة الإنتاج الصخري بينما الواردات من النفط المتوسط والثقيل خاصة القادم من دول "أوبك" ما زالت مرتفعة نظرا للاحتياجات المرتفعة منه في المصافى الأمريكية. 

وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، رينيه تسفانيبول مدير شركة "طاقة" في هولندا، "إن خسائر النفط قد سجلت 11 في المائة في شباط (فبراير) الماضي ثم تقلصت نسبيا إلى 7 في المائة بنهاية الربع الأول وهو ما يعني أن السوق تواجه صعوبات في طريقها لتحقيق التعافا واستعادة التوازن، لكن الأمر يحدث بوتيرة قد تكون أبطأ نسبيا من الذي كان متوقعا عند التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج".

وأضاف تسفانيبول أن "الشهرين المقبلين سيكونان من الأشهر الحاسمة والمفصلية للسوق، حيث سيعقد الاجتماع الوزاري الثالث للجنة الوزارية المعنية بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج في فيينا يوم 21 من الشهر الجاري ثم في الشهر التالي سيعقد الاجتماع الوزاري المرتقب لمنظمة "أوبك" والمنتجين المستقلين في 25 أيار (مايو) لإبرام الموقف النهائي من مد العمل باتفاقية خفض الإنتاج".

وأشار تسفانيبول إلى أن المنتجين من البداية لم يراهنوا كثيرا على نتائج إيجابية في الربع الأول بسبب بطء وصعوبة التخلص من فائض المخزونات النفطية، مشيرا إلى أن نتائج الربع الأول يجب ألا تكون محبطة، لكن هناك مؤشرات على أن التعافي قادم وأن هناك ضوءا في نهاية النفق، معتبرا الربع الثاني سيكون أفضل بالنسبة إلى مستوى الأسعار وأن مد العمل بالاتفاقية ستكون له نتائج إيجابية في الربعين الثالث والرابع على الرغم من المخاوف تجاه طفرة الإنتاج الأمريكى التي تأمل السوق أن تنحسر نسبيا في الشهور المقبلة.

من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن اتفاق المنتجين لخفض الإنتاج يواجه تحديات وضغوطا جديدة واسعة مع تزايد الصعوبات في الاختيارات المتاحة أمام المنتجين قبل نحو شهرين من البت بشكل نهائي في الموقف من مد العمل باتفاق خفض الإنتاج لمدة ستة أشهر جديدة وسط مخاوف من كثيرين بأن يحصد أيضا الإنتاج الأمريكي جميع المكاسب من هذا الأمر إضافة إلى مخاوف أخرى من أن عدم مد الاتفاقية قد يقود إلى انهيارات أوسع في مستوى الأسعار.

وتوقع فاسولي عدم استمرار الأداء الضعيف للنفط خلال الربع الثاني الذي قد يشهد على الأرجح تعافيا في الأسعار في ضوء توقعات زيادة سحب المخزونات إضافة إلى اكتمال حصص خفض الإنتاج من كبار المنتجين خاصة روسيا إضافة إلى احتمال توسيع الاتفاق بضم منتجين جدد.

ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المحلل في شركة "إكسبرو" للخدمات النفطية، "إنه على الرغم من زيادة الإنتاج الأمريكي فإن الولايات المتحدة لا تزال تستورد نحو ثمانية ملايين برميل يوميا من دول "أوبك"والمنتجين المستقلين"، مشيرا إلى أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة يشهد نموا نظرا لاحتياجات السوق المحلية المتسعة في ضوء زيادة جهود التنمية الصناعية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.

وأضاف فالتمان أنه "ليس كل الفائض في المعروض النفطي العالمي يتحمله الإنتاج الصخري الأمريكي، لكن بعض هذا الفائض نتيجة زيادة إنتاج دول "أوبك"وهو ما تسعى "أوبك" بالتعاون مع المنتجين المستقلين إلى علاجه بشكل جذري وفعال"، منوها بأن المؤشرات إيجابية حتى الآن، فقد هبط إنتاج كل دول المنظمة حاليا إلى نحو 32 مليون برميل يوميا بينما نص اتفاق فيينا على أن يكون إنتاج المنظمة 3.52 مليون برميل يوميا وهو ما يعكس التزاما أكبر ورغبة في إيجاد حل فعال وسريع لمشكلة تخمة المعروض في السوق. 

إلى ذلك، هبطت أسعار النفط في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم بعد أن فقدت موجة صعود استمرت ثلاثة أيام زخمها، بينما أشار ارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية إلى زيادة إنتاج النفط الصخري بما يسهم في تخمة المعروض في الأسواق العالمية.

وظلت الأسعار تتحرك في نطاق خلال الربع الأول في الوقت الذي كان التجار يبحثون فيه عن إشارات حول ما إذا كانت تخفيضات الإنتاج من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" فعالة أم أن الإنتاج الأمريكي يسهم في تبديد الجهود الرامية إلى إعادة التوازن إلى السوق.

وسجلت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت أكبر خسارة بين فئات الأصول العالمية هذا الربع وتكبدت العقود في آذار (مارس) أكبر خسائرها الشهرية منذ تموز (يوليو) مع تنامي مخزونات الخام وأنشطة الحفر في الولايات المتحدة، الذي يبطل أثر تخفيضات الإنتاج في مناطق أخرى في العالم.

وبحسب "رويترز"، فقد انخفض برنت في تسوية العقود الآجلة 13 سنتا إلى 52.83 دولار للبرميل، وخسرت العقود نحو 7 في المائة منذ الربع السابق، وهي أكبر خسارة فصلية منذ أواخر 2015.

وسجل الخام الأمريكي ارتفاعا طفيفا في العقود الآجلة بلغ 25 سنتا إلى 50.60 دولار للبرميل بعدما هبط دون 50 دولارا للبرميل واختتم الربع على تراجع بنحو 5.7 في المائة ليسجل أيضا أكبر خسائره الفصلية منذ أواخر 2015.

وكانت أسعار النفط قد اكتسبت زخما هذا الأسبوع بدعم من تنامي التوقعات بأن "أوبك" وروسيا، أحد كبار المنتجين خارج المنظمة، ستتفقان على تمديد اتفاق خفض الإنتاج سعيا إلى تعزيز الأسعار.

وكانت "أوبك" وعدد من المنتجين المستقلين من بينهم روسيا قد اتفقوا أواخر العام الماضي على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من العام الحالي بهدف تقليص تخمة المعروض العالمي وتعزيز الأسعار.

وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع الحادي عشر على التوالي في أفضل فصل لزيادة عدد الحفارات منذ الربع الثاني من 2011 مع اكتساب موجة تعاف مدتها عشرة أشهر للزخم في ظل تعزيز شركات الطاقة إنفاقها على الإنتاج الجديد.

وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات أضافت عشر حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 31 آذار (مارس) ليصل العدد الإجمالي إلى 662 حفارة وهو الأكبر منذ أيلول (سبتمبر) 2015"، وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 362 منصة.

والزيادة التي بلغت 137 منصة حفر في الربع الأول هي الأكبر في فصل منذ أن شغلت شركات الحفر عددا قياسيا من الحفارات بلغ 152 منصة في الربع الثاني من 2011، بحسب بيانات "بيكر هيوز" التي تعود إلى عام 1987.

تأتي زيادة عدد الحفارات على الرغم من هبوط أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي هذا الشهر إلى مستويات جرى تسجيلها عندما وافقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" على تخفيض الإنتاج في 30 تشرين الثاني (نوفمبر).

ومنذ أن تجاوزت أسعار الخام 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في أيار (مايو) بعد تعافيها من أدنى مستوى في 13 عاما الذي سجلته في شباط (فبراير) 2016 أضافت الشركات ما إجماليه 346 منصة نفطية في 40 أسبوعا من 44 أسبوعا وهو أكبر تعاف منذ أن أدت تخمة معروض النفط العالمي إلى هبوط السوق على مدى أكثر من عامين منذ منتصف 2014.

وهوى عدد الحفارات وفقا لتقارير "بيكر هيوز" من مستوى قياسي مرتفع بلغ 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى أدنى مستوى في ست سنوات عند 316 منصة في أيار (مايو) 2016 مع انهيار سعر الخام الأمريكي من أكثر من 107 دولارات للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى نحو 26 دولارا في شباط (فبراير) 2016.

وتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر وتضخ مزيدا من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة، وسط توقعات بصعود أسعار الطاقة.

اقرأ أيضًا:
مع انضمام روسيا إلى "أوبك" في خفض الإنتاج... أسعار النفط تستقر.. لكن إلى متى؟
أوبك: 48.84 دولار سعر برميل النفط اليوم
الكويت تؤكد التزامها بخطة “أوبك” لخفض الإنتاج
أوبك: ذروة الطلب على النفط غير واضحة