باتت السوق السعودية واحدة من أكثر أسواق العالم التي تشهد تدفقاً ملحوظاً للاستثمارات التقنية والتكنولوجية، فيما يعتبر قطاع النقل واحداً من أبرز القطاعات التي تستقطب الشركات العالمية الرائدة في مجال خدمات نقل الركاب بواسطة تطبيقات الهواتف الذكية، على غرار شركات «أوبر» و«كريم»، وشركة «ديدي» المتخصصة في هذا المجال الحيوي.
وتعليقاً على جاذبية السوق السعودية، أكدت جين ليو، رئيسة شركة «ديدي» الصينية المتخصصة في النقل التشاركي باستخدام التطبيقات الذكية على الأجهزة المحمولة، أن هناك آفاقا عظيمة للتعاون الإقليمي بين الصين والشرق الأوسط، وهو ما يحدث حالياً في مجالات الطاقة والمنتجات الاستهلاكية والسيارات وقطاع الخدمات، كالاستشارات الهندسية والإنشاء والبنية التحتية، مبينة أن الصين أكبر شريك تجاري لكبرى اقتصاديات المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وأضافت ليو في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تشترك الصين والسعودية في العديد من الأمور، منها التركيز على مسألة الابتكار ووجود نمو سكاني سريع، هذا بالإضافة إلى وجود قادة يحملون رؤية تنص على تنويع الاقتصاد ودفع عجلة الابتكار في التقنية وقطاع الخدمات».
ولفتت ليو إلى أن شركة «ديدي» نمت خلال 5 أعوام من مجرد تطبيق على الأجهزة المحمولة لطلب سيارات الأجرة، إلى منصة خدمات نقل شاملة، وقالت: «اليوم تُشغل شركة ديدي أكبر منصة تقنية للنقل والتنقل في العالم، إذ لدينا 440 مليون راكب في أكثر من 400 مدينة في أرجاء الصين، بالإضافة إلى ذلك لدينا 21 مليون سائق ومن ضمنهم مليونا سائق أجرة».
وأشارت ليو إلى أن شركة «ديدي» تقوم بإدارة هذا الكم الهائل من الطلب باستخدام تقنيات متطورة، وقالت: «نعمل على تطوير أفضل القدرات العالمية في مجال تحليل البيانات والملائمة التنبؤية وتوجيه المسارات لخدمة عملائنا»، مشيرة إلى أن المبتكرين في أي مجال من الممكن أن يكونوا شركاء بنائين لصانعي القرار وقطاع النقل التقليدي في أي بلد. وقالت: «يملأنا الفخر أننا ساهمنا في إيجاد شركات تعكس تفكيرنا حول العالم، مثل كريم وتاكسفاي وغيرها، والذين يصلون بخدماتهم إلى أكثر من ألف مدينة من مانيلا إلى بكين ومن ريو دي جانيرو إلى جوهانسبرغ».
وتابعت رئيسة «ديدي»: «في المستقبل، ستُصنع السيارات ليس للتملك بل للمشاركة، فمع بروز ظاهرة الأتمتة والسيارات الكهربائية والنقل التشاركي ستكون معظم سيارات المستقبل مدارة من قبل منصات النقل التشاركي للأجيال المقبلة».
وأوضحت أن هناك أكثر من 200 ألف سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية من خلال منصة «ديدي»، مما يجعلها أكبر مشغل لأسطول سيارات كهربائية في العالم، مشيرة إلى أنه في عام 2020 سيرتفع هذا الرقم إلى مليون سيارة.
وأضافت ليو: «سنستمر في الاستثمار في أحدث التقنيات، ومن ضمنها السيارات الكهربائية والسيارات الذاتية القيادة، بالإضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي مما قد يعني مستقبلاً من دون حوادث مرورية، كما أننا سنستمر أيضاً في الاستثمار في بنية طاقة تحتية لدعم شبكة نقل مستقبلية نظيفة وذات كفاءة»، وقالت: «بالإضافة إلى كل ذلك، من الممكن معالجة التحديات المرتبطة بمجال النقل في المدن بأسلوب متكامل وكلي بمبادرات نقل ذكية».
وحول واقع سوق النقل التشاركي، قالت ليو إن «صناعة النقل التشاركي صناعة صغيرة في السن، حتى مع الـ30 مليون رحلة اليومية على منصتنا التقنية، لا زلنا في البداية بالنظر لوجود 3 أو 4 مليارات نسمة في بيئة حضرية، ولهذا يجب علينا التفكير عالمياً لأنه من الواضح وجود إمكانيات كامنة في مجال تقنية النقل المرتبطة بالذكاء الاصطناعي».
وحول استثمارات «ديدي» في شركة «كريم»، قالت ليو إن «كريم شركة ريادية في مجال النقل التشاركي في الشرق الأوسط، ولدينا رؤية مشتركة وهي مساعدة البيئة الاقتصادية في تنويع أكبر في مجال التقنية والنشاط الاستهلاكي، بالإضافة إلى المساهمة في جعل مجتمعاتنا وأسواقنا مراكز جديدة للابتكار، إذ أعطتنا الثورة الصناعية والتقنية فرصا متكافئة لاستغلال الفرص المتاحة لكل اللاعبين في مجال التقنية الشيق، بغض النظر إن كنت في بكين أو الرياض أو سان فرانسيسكو».
وحول مبادرة ملتقى الاستثمار التي احتضنتها الرياض الأسبوع المنصرم، قالت: «سعداء جداً بالدعوة الصادرة لنا لحضور هذا الحدث العالمي الهام.... ومن المهم الإشارة إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يقوم بدور مهم جداً في مجال الاستثمارات العالمية»، مضيفة أن «بروز لاعبين دوليين، كصندوق الاستثمارات العامة، والزيادة المستمرة في أهمية وتأثير الاقتصاد الرقمي الجديد يعني إمكانية استكشاف بُعد جديد في الشراكات، مع التذكير بأن الهدف المشترك بالتركيز على مبادرات النقل الذكي يحمل فرص تعاون أكثر».
وأكدت ليو أن قطاع النقل مرتبط بشكل عميق ومباشر بمدن المستقبل واقتصاديات المستقبل وبنية الطاقة العالمية، وقالت: «باعتقادنا أن المركبات الكهربائية وتقنيات القيادة الذاتية ستعيد تشكيل قطاع النقل في المستقبل، وبالتالي سنستمر في الاستثمار في هذه التقنيات المتطورة».
اقرأ يضًا:
السعودية نحو إطلاق مشروعات المدن الذكية
ماهي أولويات رئيس هيئة النقل العام الجديد في السعودية؟!