واصل النفط الخام تراجعاته السعرية لليوم الثاني على التوالي بعد موجة قوية من الارتفاعات حدثت على مدار الشهر الماضي، إلا أن عوامل سلبية ضغطت على الأسعار من جديد وقلصت من المكاسب السعرية السابقة.
وفوجئت السوق بتحول الموقف الروسي نحو تأييد موقف إيران الرافض لتجميد الإنتاج، الأمر الذي جدد المخاوف في الأسواق من تخمة المعروض واستمرار تنامي المخزونات في الدول المستهلكة الرئيسة، إلى جانب التقرير الشهري لمنظمة أوبك الذي أشار إلى تراجع الطلب على نفط المنظمة خلال العام الجاري وإلى احتمالية قوية لتنامي فائض المعروض النفطي، ما يضعف الأسعار ويزيد حدة المنافسة على الحصص السوقية.
وأوضح لـ"الاقتصادية" سيمون هنري المدير المالي لشركة رويال داتش شل، أن السوق ما زالت في مرحلة عدم الاستقرار والتقلبات السعرية المستمرة نتيجة تأثير العديد من العوامل القوية والمتضادة على مستوى الأسعار، مشيرا إلى أن توافق المنتجين سيكون له مردود إيجابي واسع على الأسعار.
وأضاف، أن نمو الطلب العالمي على الطاقة قادم بقوة ويجب الاستعداد له جيدا بالحفاظ على الاستثمارات وتنميتها، كما أن مواجهة ومعالجة أثار تغير المناخ ستكون مطلوبة بشدة في المرحلة المقبلة، خاصة في مجال الطاقة التقليدية ذات الانبعاثات الكربونية المرتفعة والضارة للبيئة.
وشدد على ضرورة التركيز المستمر والقوي في المرحلة الراهنة على تعديل وتحويل طرق استهلاك الطاقة في الدول والمجتمعات المختلفة، مشيرا إلى الاعتماد على التكنولوجيا والتقنيات المتطورة، ستسهم في إعادة تحديد طرق ناجحة وآمنة لتزويد الطاقة.
وأشار إلى أن النفط والغاز الطبيعي وكل الهيدروكربونات، يجب أن تصل إلى مرحلة الحرق الأكثر نظافة بما يمكنها من أن تظل عناصر أساسية في مزيج الطاقة العالمي، وأن تبقى شريكا قويا وأساسيا لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
من جهته، قال لـ"الاقتصادية" سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن التطور في الموقف الروسي لن يلقى قبولا من أغلبية المنتجين.
وأوضح أن دول اتفاق الدوحة والكويت سبق أن أعلنت بشكل مباشر أنها لن تلتزم بتجميد الإنتاج ما لم يلتزم به المنتجون كافة خاصة إيران، مشيرا إلى أن "الموقف سيكون موقف كل دول "أوبك" ومن ثم قد نجد أنفسنا أمام احتمال كبير لفشل اتفاق تجميد الإنتاج".
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا البريطانية للدراسات المالية، أن أسعار النفط الخام عادت إلى الانخفاضات وربما تهيمن على السوق في الأيام المقبلة وتبدد المكاسب السابقة، بعدما تضاءلت الآمال في قدرة المنتجين على كبح فائض الإمدادات واشتعال المنافسة على الحصص السوقية وزيادة المخزونات.
وأشار إلى أن عودة الانخفاضات السعرية ستكون ضربة موجعة لصناعة النفط الصخري، وقد تعصف بها بشكل نهائي بعدما تجددت الآمال على مدى الشهر الماضي في إمكانية العودة إلى مستوى 50 دولارا للبرميل، وهو الكافي لبث بعض الحيوية في هذه الصناعة التي تواجه كسادا حادا أدى إلى تجمّد أنشطة الحفر، وإلغاء الوظائف وتسريح العمالة بأعداد كبيرة.
وأضاف، أن حديث وزير الطاقة الروسي عن إمكانية أن تمضى إيران وحدها في طريق زيادة إنتاج النفط برعاية كبار المنتجين في "أوبك"، لن يلقى تأييد بقية الدول الأعضاء في "أوبك"، خاصة دول الخليج وأمريكا اللاتينية التي تضغط بشدة لخفض الإنتاج دعما للأسعار.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، نزلت أسعار النفط الخام نحو 2 في المائة ليواصل خسائره في الجلسة الماضية، مع تنامي المخاوف من احتمال تلاشي موجة تعافي دامت ستة أسابيع نتيجة استمرار وجود فائض في المعروض.
وجاء الهبوط بعد أن توقعت منظمة أوبك أن يقل الطلب العالمي على خامها في 2016، عما كان يعتقد من قبل في حين ثبت أن الإمدادات من منافسين أكثر مرونة في مواجهة الأسعار المنخفضة، ما أدى لتفاقم التخمة في السوق العام الجاري.
وتوقعت "أوبك" أن يبلغ الطلب العالمي على خامها 31.52 مليون برميل يوميا في المتوسط في 2016، بانخفاض 90 ألف برميل عن توقعات الشهر الماضي.
وقالت المنظمة إنها ضخت 32.28 مليون برميل في شباط (فبراير)، بانخفاض 175 ألف برميل يوميا عن كانون الثاني يناير بسبب توقف الإنتاج في العراق ونيجيريا بصفة أساسية.
لكن استمرار مستويات الإنتاج المرتفعة يعني وجود فائض في الإنتاج عالمي يفوق الطلب بنحو مليون برميل يوميا على الأقل ما يدفع السوق للهبوط.
ونزل مزيج برمت خام القياس الأوروبي إلى 38.76 دولار للبرميل بحلول الساعة 0748 بتوقيت جرينتش بانخفاض 77 سنتا عن سعره في آخر تسوية. ونزل الخام الأمريكي 77 سنتا أيضا إلى 36.41 دولار للبرميل.
وتراجعت أسعار النفط العالمية بالسوق الأوروبي أمس، لتواصل خسائرها لليوم الثاني على التوالي، بفعل استمرار المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي بعد رفض إيران الانضمام لاتفاق تجميد الإنتاج، وبيانات أظهرت تسارع الإنتاج الإيراني بالفعل خلال شباط فبراير، إضافة إلى توقعات باستمرار ارتفاع مخزونات الخام في الولايات المتحدة لمستويات قياسية جديدة.
وبحلول الساعة 08:05 بتوقيت جرينتش تراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 36.40 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 37.33 دولار، وسجل أعلى مستوى 37.39 دولار وأدنى مستوى 36.27 دولار.
ونزل خام برنت إلى 38.70 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 39.63 دولار، وسجل أعلى مستوى 39.72 دولار وأدنى مستوى 38.55 دولار.
وانخفض النفط الخام الأمريكي "تسليم أبريل" يوم الاثنين بنسبة 2.8 في المائة، ضمن عمليات التصحيح من أعلى مستوى في ثلاثة أشهر 39 دولارا للبرميل المسجل يوم الجمعة، وفقدت عقود برنت "عقود مايو" نسبة 1.5 في المائة.
وتراجعت أسعار النفط في مطلع تعاملات هذا الأسبوع، بعد تصريحات يوم الأحد لوزير النفط الإيراني بيجن زنجيه أكد فيها أن بلاده تخطط لزيادة الإنتاج بنحو الثلث إلى أربعة ملايين برميل يوميا، قبل التفكير في الانضمام إلى المنتجين الآخرين في البحث عن طرق لإعادة التوازن إلى أسواق النفط.
وأوضح أحدث تقارير منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، أن إيران زادت إنتاجها بمقدار 187800 برميل يوميا إلى 3.13 مليون برميل يوميا في شباط فبراير، وهي أكبر زيادة شهرية منذ عام 1997.
وتصدر اليوم الأربعاء البيانات الرسمية عن إدارة معلومات الطاقة، وتشير التوقعات ارتفاع المخزونات للأسبوع الخامس على التوالي، ويقدر المختصون الزيادة بنحو 2.5 مليون برميل إلى إجمالي 524.5 مليون برميل في أعلى مستوى منذ تجميع البيانات أسبوعيا لإدارة معلومات الطاقة عام 1982.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 34.74 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 35.62 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة انخفض لأول مرة بعد ارتفاعين متتالين، وهبط دون مستوى 35 دولارا لأول مرة بعد أن كان فوق هذا المستوى لأربعة أيام على التوالي، مشيرا إلى أن السلة عادت تقريبا إلى المستوى نفسه الذي كانت عليه في اليوم نفسه من الأسبوع السابق، الذي بلغت فيه 34.43 دولار للبرميل.
اقرأ أيضاً:
النفط ينخفض من جديد بنسبة 2.5%