عبّر خبراء في صناعة النفط في البحرين عن قلقهم من إمكانية تأخر صناعة النفط والغاز في المملكة نتيجة خروج خبراء وكفاءات محلية وأجنبية مؤثرة من شركة نفط البحرين (بابكو) في الآونة الأخيرة، وتأثير ذلك على الاستمرار في تطوير المنشآت النفطية الحيوية، والتي من ضمنها مصفاة النفط الوحيدة. كما ذكروا أن تراجع عمليات التدريب في «بابكو»، المملوكة بالكامل إلى البحرين، وتضخم في بعض الوظائف غير المهمة، سينعكس سلبياً على أدائها وسيتضرر الدخل من هذه الصناعة المهمة، التي تمثل نحو 85 في المئة من الدخل الحكومي، وتوظف 2700 شخص. فقد أبلغ خبير نفطي «الوسط» أن خروج العديد من الكفاءات الوطنية والأجنبية من الشركة زاد في الآونة الأخيرة وأدى ذلك إلى أن «تراوح صناعة النفط محلها في وقت تحتاج البحرين إلى مواكبة التطورات في صناعة النفط والغاز، وستتأثر كذلك برامج التحديث وحدوث مشاكل فنية». وبيّن «إن تراجع عمليات التدريب، والتضخم في وظائف ذات قيمة منخفضة في بعض الدوائر»، هي من ضمن الأسباب التي يتوقع أن تؤثر سلبياً على تنافسية الشركة في الأسواق الدولية حيث تعتمد البحرين على تصدير منتجات نفطية ذات جودة عالية ومنافسة.
وأوضح المصدر أن «البحرين في حاجة ماسة إلى مهندسين وجيولوجيين، وليس إلى مصرفيين أو خريجو أعمال الذين تعج بهم المملكة، وكذلك ربط التعليم في المعاهد والجامعات العاملة في البحرين بحاجة السوق. يتم الآن تخريج الآلاف من الطلبة، ولكن القليل منهم درس الجيولوجيا أو الهندسة».
وقالت المصادر أن أربعة وجوه خرجت وتعد خسارة إلى الشركة الوطنية، أولها الخبير في صناعة التكرير، الأسترالي إيان تيرنبل، الذي لعب دوراً مهماً في زيادة تنافسية المنتجات النفطية المكررة في الشركة. كما تقاعد الرئيس التنفيذي السابق، فيصل المحروس، بعد بلوغه سن التقاعد، والتي جاءت في ظل أوضاع أمنية صعبة عاشتها وتعيشها البحرين في العام 2011 بسبب الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقد تم نقل وزير الطاقة آنذاك، عبدالحسين ميرزا، الذي قضى في «بابكو» أكثر من ثلاثة عقود، ليشرف على شئون هيئة الكهرباء والماء، بينما أسندت مسئولية مجلس إدارة بابكو إلى وزير المالية المخضرم، الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة. وكان ميرزا، الذي يتمتع بخبرة طويلة في مجال النفط والغاز، الرأس المدبر في جهود ضخمة قامت بها البحرين في محاولة للبحث عن النفط، ودعوة شركات النفط العالمية للبحث والاستكشاف في المياه الإقليمية للمملكة. وقال المصدر إن خروجه «خسارة كبيرة لصناعة النفط في البحرين». أما الرئيس التنفيذي الحالي في «بابكو»، الاسكوتلندي جوردن سميث، والذي عمل في الشركة لمدة 18 شهراً، فقد قدم استقالته بشكل غير متوقع، ليصبح بذلك رابع شخصية رئيسية تخرج من الشركة.
وسيغادر سميث الشركة في شهر فبراير/ شباط 2013. وقام سميث، الذي رقي إلى منصبه قبل نحو عام، مثله مثل المحروس والوزير السابق ميرزا، بجهود كبيرة لوضع اللمسات النهائية على خطة طموحة لتطوير مصفاة النفط الوحيدة في المملكة، التي تبلغ كلفتها نحو 6 مليارات دولار، وكذلك بناء أنابيب نفط بين البحرين والمملكة العربية السعودية بكلفة 350 مليون دولار. كما بدأ بالإشراف على الخطة التي ستحول المصفاة، التي بنيت في العام 1936، إلى مصفاة جديدة، ومضاعفة الطاقة الإنتاجية. وتنتج المصفاة في الوقت الحاضر نحو 260 ألف برميل يومياً من المنتجات المكررة التي يتم بيع معظمها في الأسواق الدولية. والبحرين هي دولة صغيرة منتجة للنفط وأقل دول الخليج العربية ثراء، إذ تستخرج نحو 45 ألف برميل فقط من النفط الخام من حقولها البرية. لكنها تستلم نحو 150 ألف برميل من حقل أبو سعفة المشترك مع المملكة العربية السعودية. كما أنها تستورد من السعودية نحو 200 ألف برميل من الخام لتصفيته وبيعه في الأسواق.