أكدت البيانات الأكثر حداثة الـمتوفرة لدى البنك الدولي حول التطورات، التي شهدها الوضع الاقتصادي الفلسطيني خلال العام الـماضي، ان الاغلاق الذي فرضته الحكومة الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية خلال الربعين الثاني والثالث من العام الـماضي شكل السبب الاساس في تراجع معدل النمو الاقتصادي.واعتبر البنك انه في ظل سيناريو الوضع السياسي الراهن فإن الأداء الاقتصادي الفلسطيني سيستمر في انخفاضه بدرجة كبيرة عن مستوياته السابقة مع استمرارية عدم قدرة الاقتصاد الـمحلي على استحداث فرص العمل اللازمة لتشغيل العدد الـمتزايد من الداخلين الجدد الى سوق العمل وسيظل الاستثمار الخاص منخفضاً وراكداً.
ولفت الى أن تعزيز مسار نمو الاقتصاد الفلسطيني في الـمستقبل سيعتمد بشكل كبير على الوضع السياسي والأمني، ومدى تخفيف حدة القيود الـمفروضة على حرية السفر والتنقل، وتخفيف درجة اغلاق أسواق العمل الاسرائيلية في وجه العمال الفلسطينيين.وأوضح البنك ان الواردات الفلسطينية من اسرائيل بلغت خلال الربعين الثالث والرابع من العام 2003 أدنى مستوى لها منذ اندلاع الانتفاضة، وقد تراجعت هذه الواردات في الربع الثاني من العام الـماضي بشكل طفيف عما كانت عليه في الربع الأول من العام نفسه، وبمقارنة هذه الواردات بما كانت عليه في الربع الثالث من العام 2000، فإن هذا التراجع بلغ نسبة 21%.
أما الصادرات الفلسطينية الى اسرائيل فقد تراجعت خلال الربع الثاني من العام الـماضي بنسبة 18.8%، أما ما يعادل 56 مليون دولار أميركي، مقارنة مع قيمتها خلال الربع الثاني من العام 2000. واشار البنك الى أن اتجاهات الصادرات الفلسطينية أظهرت تراجعاً في نهاية صيف العام 2002، وحققت نوعاً من النهوض والانتعاش في النصف الثاني من العام نفسه، وأظهرت خلال الربع الأول من العام الـماضي تحسناً نسبياً، اذ بلغت قيمة الصادرات 68 مليون دولار. وتعد الزيادة في كلفة النقل نتيجة الاغلاق، وتحول الـمنتجون الـمحليون الى الأسواق الداخلية للخدمات من أبرز الأسباب، التي أدت الى انخفاض الصادرات الفلسطينية، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة الأيام الفلسطينية.
وتطرقت البيانات الاقتصادية الى واقع العمالة الفلسطينية في اسرائيل، التي انخفضت الى أدنى معدلاتها خلال النصف الثاني من العام الـماضي، ما انعكس بشكل مباشر على معدل تحويلات العمال، التي بلغت 53 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الـماضي، في حين بلغت قيمتها في الربع الثالث من العام 2000 نحو 328 مليوناً، أي بتراجع نسبته 84%.وأوضحت البيانات ذاتها أن ما يقارب من مئة ألف عامل فلسطيني فقدوا فرص عملهم في اسرائيل منذ أيلول العام 2000 نتيجة حالات الحصار والاغلاق الخارجي، التي فرضتها الحكومة الاسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن جهاز الاحصاء الفلسطيني.
ونوه البنك الى ما ترتب على هذا التراجع من انعكاسات سلبية على معدل دخل الأسر الفلسطينية، وبالتالي إثر انخفاض دخل الأسر، على الطلب على البضائع والخدمات الفلسطينية، وزادت العراقيل والصعوبات، التي تواجه تنفيذ الأعمال والـمشاريع في الأراضي الفلسطينية، من حدة تفاقم سوق العمل، إذ بلغت نسبة البطالة في الربع الثالث من العام الـماضي في قطاع غزة نحو 37%، في حين ان معدل البطالة لـم يتجاوز 4ر15% في القطاع قبل اندلاع الانتفاضة. وفي حال توسيع نطاق تعريف القوى العاملة ليشمل العاملين الـمحبطين وهم الأشخاص، الذين لا تتوافر لديهم فرص عمل، وتوقفوا عن البحث عن فرص عمل، نظراً لتشاؤمهم بشأن الحصول الفعلي عليها، فإن معدل البطالة في قطاع غزة خلال الربع الثالث من العام الـماضي بلغ 6ر41%، أي نحو 118 ألف متعطل عن العمل.
وتطرق البنك الى ما أظهرته البيانات الصادرة عن وزارة الـمالية حتى نهاية شهر ايلول الـماضي، من حيث التقدم في سير عملية تحصيل ايرادات السلطة، إذ بلغ متوسط الايرادات الشهرية في العام 2004 نحو 316.2 مليون شيكل، ما يعادل نحو 70.2 مليون دولار لتلبية متطلبات الانفاق لدى السلطة الفلسطينية. ولفت الى أنه على الرغم من ان ايرادات السلطة تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الهدف الـمرسوم لها، الا أن الدعم الذي تلقته الـموازنة من مجتمع الـمانحين على مدى الأشهر التسعة الأولى من العام الـماضي كان متدنياً مقارنة مع مستوى التوقعات، حيث أن التمويل الأجنبي الـمتوقع لتغطية بنود الانفاق الـمتكرر يبلغ 650 مليوناً بمعدل 54.2 مليون دولار شهرياً، الا أن ما تم تحويله حتى نهاية أيلول من مساعدات بلغت 289 مليون دولار، ما معدله 32.1 مليون دولار شهرياً. ونتيجة القصور في الدعم الـمقدم من الـمانحين ولعدم قدرة السلطة على زيادة حجم الاقتراض من البنوك التجارية الفلسطينية فقد تم فرض قيود على النفقات الجارية، مع الأبقاء على الأجور والرواتب، التي يبلغ متوسطها نحو 72 مليون دولار شهرياً.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)