كان الصياد احمد عوض الصعيدي مع رفاقه يعمل في صيد السمك مقابل شاطئ بحر مدينة دير البلح عندما اعترضت سبيلهم زوارق حربية إسرائيلية وأخضعتهم إلى تفتيش قاس، واقتادته إلى جهة مجهولة، وأخلت سبيل الباقين. وقبل أيام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبالطريقة نفسها ثلاثة صيادين في المكان ذاته، واقتادتهم إلى جهة مجهولة، تكون في غالب الأحيان ميناء أسدود الإسرائيلي، حيث يتم إخضاعهم إلى عملية تحقيق مكثفة وفق شهادات صيادين مروا بالتجربة.
وفي كل عمليات الاعتقال هناك تقريباً سيناريو واحد يشمل دائماً توقف زورق حربي إسرائيلي على بعد أمتار من القوارب الفلسطينيه، والطلب من الصيادين نزع ملابسهم والتوجه سباحة إليهم. وفي حالات كثيرة يتم خلال عمليات الاعتقال تمزيق شباك الصيد وتخريب معدات الصيادين ومصادرتها. هذه الاعتقالات هي نموذج مصغر لما يواجهه الصيادون الفلسطينيون من قمع وانتهاكات خلال عملهم في البحر، التي يقول الصيادون أنها ازدادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
وقال نزار عياش، نقيب الصيادين في محافظات غزة :" إن الانتهاكات تزايدت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة لتشكل استمراراً للانتهاكات المتواصلة خلال الانتفاضة".وأضاف:" ما يجري في البر يجري في البحر، قاصداً بذلك الانتهاكات، التي تمارسها إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين" .وأكد عياش، وكما ذكرت صحيفة الأيام الفلسطينية، أن أكثر الانتهاكات شيوعاً هي عمليات إطلاق النار على الصياديين، إذ لا يكاد يخلو يوم من عمليات إطلاق النار، الأمر الذي يتسبب في إلحاق مزيد من الخسائر بالصيادين، مشيراً إلى أن عمليات إبعاد الصيادين من المكان مستمرة.
وأشار إلى عمليات الاعتقال التعسفي، التي تتم وفي غالبها لا تستند إلى مسوغات قانونية، يتم فيها فرض غرامات على الصيادين بعد احتجازهم .ولفت عياش إلى أن قوات الاحتلال شرعت، مؤخراً، في تمديد فترات حجز الصيادين، الذين لا يتم تلفيق تهمة لهم لتصبح شهراً، بعد ان كانت تمتد لاسبوع فقط.وقال:" إن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 170 صياداً خلال الانتفاضة، منهم من اعتقل أكثر من مرة، وبعضهم ما يزال رهن الاعتقال .وتحدث عياش عن قيام جنود الاحتلال المتمركزين في موقع "ايلون" العسكري بإطلاق النار على ميناء الصيادين في مدينة دير البلح، تحت مبررات واهية، الأمر الذي ساهم في زيادة حدة الانتهاكات المستمرة ضد الصيادين.
وعدا عن عمليات الاعتقال والقمع المستمرة تفرض قوات الاحتلال حظراً على الصيادين، وتمنعهم من الصيد في أعماق البحار. ويقول عياش:" إن قوات الاحتلال تسمح لهم بالصيد في حدود 10 أميال بحرية في اتجاه الغرب، وتمنعهم من الصيد قبالة شواطئ مدن رفح، وخان يونس، وبيت لاهيا، حيث تنحصر المسافة بين مدينتي دير البلح وغزة" .وأشار إلى أن هذه الممارسات ألحقت خسائر مباشرة وغير مباشرة بالصيادين بلغت 11 مليون دولار أميركي وفق تقديرات وزارة الزراعة الفلسطينية.
ويقول الصياد إبراهيم سالم :" إنه بعد 7 سنوات من عمله كصياد أسماك قرر ترك هذه المهنة نهائيا والتوجه للعمل كخياط". ويضيف إبراهيم: "قبل الانتفاضة كنا نسرح لمسافة 12 ميلا، ثم قللوها لـ6 أميال ثم 3 أميال، ثم أغلقوا البحر نهائيا من أجل التضييق على الصياد الفلسطيني وخنقه". وتابع قائلا: "الصياد يغامر بحياته من أجل لقمة عيش أطفاله، ويتعرض للموت يوميا، ولا أحد يسمع شكواه ولا أحد يقوم بمساعدته".
ويشير إبراهيم إلى أنه قرر ترك مهنة الصيد؛ لأنه وجد حالته المعيشية والاقتصادية تتردى؛ حيث إن الضرائب تزيد والوقود يرتفع سعره؛ فكل شيء ضد الصياد، حسب رأيه. وقال: "لدنيا قارب كبير طوله 19 مترا، وكنا عندما نخرج إلى البحر قديما يحصل كل واحد منا على مبلغ 50 شيكلا، أما الآن فنخرج ليل نهار ولا نحصل على 10 شيكلات". وأضاف: "ماذا نفعل لدينا رأسمال ومصاريف شبك وغزل ووقود... كيف نتدبر أمورنا؟ لذلك تركت البحر وتوجهت لمهنة الخياطة". (البوابة)