بلغت خسائر الاقتصاد الفلسطيني المباشرة وغير المباشرة، الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي، نحو ستة عشر مليار دولار أمريكي، وذلك خلال الأعوام الخمسة الماضية من انتفاضة الأقصى. وقال تقرير صادر عن مركز المعلومات الوطني في الهيئة العامة الفلسطينية للاستعلامات:" إن الخسائر في الاقتصاد الفلسطيني نابعة من الإجراءات والممارسات الإسرائيلية على الأرض". وأشار التقرير إلى أن سياسة تل أبيب المتبعة في تطبيق إجراءات العقوبات الجماعية والفردية أدت إلى تأثيرات بالغة الخطورة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والتعليمية، والنفسية، والصحية، كما أنها تهدف إلى تدمير إمكانات النهوض التنموي الفلسطيني، لاسيما وأن وجود اقتصاد فلسطيني قوي سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، وسيشكل منافساً قوياً له، سواء في استغلال الموارد الطبيعية، أو استيعاب الأيدي العاملة، أو تغطية احتياجات السوق المحلية مستقبلاً.
وذكر التقرير، وكما ذكرت صحيفة الشرق القطرية، أن الإجراءات والممارسات الإسرائيلية أدت إلى إلحاق خسائر كبيرة بالاقتصاد الفلسطيني، خلال السنوات الخمس الماضية، وتضرر كافة القطاعات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي، الذي انخفض بنسبة 40 في المائة، متطرقاً إلى قسمين من الخسائر، الأول يتصل بخسائر اقتصادية مباشرة، حيث جاء في التقرير أن خسائر صافي الدخل والإنتاج المحليين بلغت خلال السنوات الماضية 9.163 مليار دولار، في حين بلغت خسائر العمالة الفلسطينية داخل أراضي الخط الأخضر، خلال الفترة الماضية 3.795 مليار دولار، بحيث أصبح إجمالي الخسائر الاقتصادية "المباشرة" 12 ملياراً وتسعمائة وثمانية وخمسين مليوناً وسبعمائة ألف دولار أمريكي".
وحسب التقرير، يصل مجموع الخسائر الاقتصادية غير المباشرة 2.675 مليار دولار، وبالتالي يقدر إجمالي خسائر الاقتصاد الفلسطيني المباشرة وغير المباشرة بحوالي خمسة عشر ملياراً وستمائة وثلاثة وثلاثين مليوناً وسبعمائة ألف دولار أمريكي.وجاء في التقرير، أن استمرار الهيمنة الإسرائيلية على أدوات السياسة الاقتصادية الفلسطينية في مجالات السياسة المالية، والنقدية، والتجارة الخارجية، وإيرادات الموازنة، والارتباط بالتشكيل، والميزان التجاري، أدت إلى تعميق تبعية الاقتصاد الفلسطيني تبعية كاملة للاقتصاد الإسرائيلي، لاسيما وأن خمسة وثمانين في المائة من الواردات الفلسطينية مصدرها الدولة العبرية.وأضاف التقرير أيضا أن كل هذه الإجراءات التعسفية، والممارسات القمعية، ساهمت في تدهور كافة القطاعات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي، وانخفاضه بنسبة 40 في المائة، وارتفاع معدل البطالة من 10 في المائة قبل الحصار والإغلاق، إلى 27 في المائة حتى الربع الأول من عام 2005.
وأشار إلى أن عدد العاطلين عن العمل بلغ أكثر من 208 آلاف شخص، وأكثر من 62.6 في المائة من مجمل الأسر الفلسطينية فقدت أكثر من نصف دخلها خلال الانتفاضة، وأن ما نسبته 48.7 في المائة من الأسر قصرت نفقاتها على الحاجات الأساسية، خاصةً الملابس والغذاء خلال الشهور 12 الماضية.ونوه أيضا إلى تراجع المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية من الدول المانحة، موضحاً أنها بلغت حتى نهاية (سبتمبر) من العام الحالي، ما قيمته 290 مليون دولار، بدلاً من 900 مليون دولار كما هو متوقع، مما ساهم في زيادة العجز بالموازنة العامة، إذ قد يصل العجز لهذا العام حوالي 700 مليون دولار، إذا لم تلتزم الدول المانحة بالوفاء بتعهداتها.
وأوضح التقرير أن الأموال، التي جمدتها سلطات الاحتلال والمستحقة للسلطة الفلسطينية، بلغت حوالي 35 مليون دولار، وتدعي أنها تحتجز هذه المبالغ لقيام بعض العائلات الإسرائيلية، وبعض شركات التأمين، برفع قضايا على السلطة، لتعويض قتلى العمليات داخل أراضي الخط الأخضر، إضافة إلى 28 مليون دولار، مجمدة في بنوك أمريكية منذ شهر (مارس) الماضي، بناءً على قرار من محكمة أمريكية.واستعرض التقرير جملة من سياسات الاحتلال الصارمة تجاه انتفاضة الأقصى، وتمثلت في إغلاق كافة المعابر والحدود والمنافذ الخارجية، التي تربط المناطق الفلسطينية مع العالم الخارجي، بما فيها إسرائيل، وتجزئة المناطق والمدن والقرى، وعزلها بعضها عن البعض، كما منع عشرات الآلاف من العمال من الوصول إلى أماكن عملهم في إسرائيل، بذرائع أمنية واهية.
وبالنسبة للقطاع الصناعي ذكر التقرير أنه أحد أهم القطاعات الإنتاجية، حيث كان من أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً نتيجة لاستمرار سياسة الحصار والإغلاق، إذ بلغ عدد المصانع والمنشآت والمعامل المتضررة بشكل أو بآخر 9000 منشأة صناعية، منها 430 مصنعاً ومعملاً، دمرت تدميراً كاملاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح 7 في المائة فقط من المنشآت الصناعية تشتغل بنفس طاقتها الإنتاجية، التي كانت تعمل بها قبل الانتفاضة. وكانت الصناعات الغذائية وصناعة النسيج والجلود والبلاستيك، من أكثر القطاعات تأثراً بسياسة الاحتلال.
وقال التقرير أيضا إن سياسة بناء الجدار العازل على أراضي الضفة الغربية، ساهمت في إغلاق 1702 منشأة اقتصادية في الضفة الغربية، منذ بناء الجدار، وحتى منتصف العام الحالي، في حين تأثرت التجارة الخارجية بالأحداث الدائرة في الأراضي الفلسطينية، وبفعل سياسة الإغلاق المستمرة ومنع حركة تنقل البضائع من وإلى فلسطين، وبخاصة مع العالم الخارجي.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)