توقعت دراسة أجريت مؤخّراً من قبل مركز دراسات الاقتصاد الرقمي "مدار" بالتعاون مع شركة "أورينت بلانيت للعلاقات العامّة والتسويق" إلى تسجيل قطاع مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي لنمو سنوي من خانة واحدة في الفترة بين عامي 2008 و2013 بالرغم من التداعيات السلبية للتباطؤ الإقتصادي العالمي. كما كشفت الدراسة أيضاً عن إمكانية إرتفاع عدد مراكز ومواقع الإتّصال في المنطقة بنحو 7.4% سنوياً، ليصل بذلك إلى نحو 280 مركزاً جديداً بحلول نهاية العام 2013، أي ما يعادل 56 مركز اتصال جديد سنوياً.
ويتم تعريف مركز الإتّصال بأنّه قسم في مؤسسة يخضع لإدارة مركزية، ويتمّ من خلاله إدارة جميع الإتّصالات مع العملاء عبر منظومة حاسوبية مؤتمتة وذلك من خلال قنوات إتّصال متعدّدة، بما فيها الهاتف والبريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة (SMS) ومنتديات الإنترنت والحوار المباشر عبر الإنترنت باستخدام الصوت والصورة. وتأتي التوقّعات المتعلّقة بتحقيق
قطاع مراكز الإتّصال نموّاً معتدلاً خلال السنوات الخمس القادمة عقب تسجيل عدد مراكز الإتّصال معدّل نمو سنوي مركّب يصل إلى 14.2% بين عامي 2003 و2008 التي تشكّل السنوات الأولى بالنسبة لهذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بإنشاء مراكز الاتصال. كما شهدَ عدد المقاعد لكل مركز إتّصال نموّاً كبيراً بلغ 18.2% سنوياً خلال الفترة ذاتها.
وقال عبد القادر كاملي، رئيس ومدير الأبحاث في "مجموعة مدار للأبحاث": "من المتوقّع أن يحافظ قطاع مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي على معدّلات نمو معتدلة خلال السنوات الخمس القادمة على الرغم من التباطؤ الإقتصادي العالمي، الذي أثّر بشكلٍ كبير على مسار النمو في معظم القطاعات الأخرى. ومن المحتمل أن يمثّل القطاع الحكومي وقطاعات الخدمات والرعاية الصحية والإتّصالات المحرّك الأساسي لهذا النمو نظراً لعدم تأثر هذه القطاعات نسبياً بتبعات الركود الإقتصادي، مما يجعلها أكثر ميلاً لإعتماد حلول تكنولوجية مبتكرة. وعلاوة على ذلك، سنشهد تحوّلاً في التوجّه نحو إعتماد حلول مراكز الإتّصال من قبل الشركات الصغيرة والمتوسّطة، التي من المتوقّع أن تعتمد هذا النهج في محاولةٍ منها للحفاظ على قدرتها في منافسة الشركات الكبيرة والمتعدّدة الجنسيات التي تعمد عادةً إلى توظيف العشرات وأحياناً المئات من وكلاء مراكز الإتّصال".
من جهته، قال نضال أبو زكي، المدير العام لشركة "أورينت بلانيت للعلاقات العامة والتسويق": "لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تمثل مجالاً حيوياً لدعم قطاع مراكز الإتّصال في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لما تتمتّع به من مزايا إستراتيجية وإمكانات كبيرة على المدى الطويل. ومن المتوقّع أن تحمل دولة الإمارات على وجه الخصوص لواء الريادة في هذا المجال على مستوى المنطقة نظراً لمرافقها المتطورة لمراكز الاتصال مثل "منطقة دبي للتعهيد"، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الحيوي بين آسيا وأوروبا والتعدّد الثقافي واللغوي والسكّاني. وفي ظل تركيز الشركات على تعزيز ثقة ورضا العملاء في إطار إستراتيجياتها الرامية إلى مواجهة آثار التباطؤ الإقتصادي، من المتوقّع أن تلعب مراكز الإتّصال دوراً هاماً في تحقيق هذه الغايات الإستراتيجية ودعم الشركات للحفاظ على قدراتها التنافسية".
وفي ظل التوقّعات بإرتفاع متوسط النمو المركّب لعدد مقاعد وموظّفي مراكز الإتّصال ليصل إلى 5.6% و6.1% على التوالي، سوف يشهد هذا القطاع زيادة 4800 مقعداً إضافياً و5900 موظّفاً بين عامي 2008 و2013. ومن جهة أخرى، فإن احتمال تقلص عدد مراكز الإتّصال وعدد العاملين على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي يبقى قائماً في عامي 2009 و2010، نظراً لإغلاق بعض مراكز الإتّصال أو الإستغناء عن بعض العاملين لتعزيز السيولة. ومع ذلك من غير المرجح أن ينخفض التراجع أكثر من 5% سنوياً في أسوأ الأحوال.
كما قد تشهد الفترة ذاتها تراجعاً في متوسّط عدد المقاعد لكل مركز إتّصال لينخفض بذلك من حوالي 26 إلى 23.5 مقعداً. ويشير هذا التقلّص في عدد المقاعد إلى أنّ التوجّه نحو تبنّي حلول مراكز الإتّصال سوف ينتقل إلى الشركات الصغيرة والمتوسّطة، حيث إنّ معظم هذه الشركات لا تتطلّب أكثر من 25 مقعداً لكلّ منها. وعلى الرغم من ذلك، من المتوقّع أن يظهر عدد من وكلاء مراكز الإتّصال عكس هذا التوجّه ليؤكّدوا على زيادة في العدد، حيث سيرتفع عدد الشركات التي تميل إلى إبقاء مراكز الإتّصال مفتوحة لفترة أطول من ساعات العمل الرسمية، وقد تمتد لتجعل خدمة العملاء متوفّرة على مدار الساعة وطيلة أيّام الأسبوع.
وأشار التقرير أيضاً إلى أنّ قطاع مراكز الإتّصال في المنطقة سيعتمد على بعض القطاعات الناضجة بما فيها قطاع الإتّصالات وقطاع التمويل والقطاع الحكومي فضلاً عن الشركات التي تركّز في مشاريعها على المستقبل لدعم نمو هذه القطاع على المدى الطويل. ونظراً لكونها الأقل تأثّراً بالأزمة المالية العالمية، ستواصل هذه القطاعات الاستثمار في حلول الأعمال للحفاظ على العملاء الحاليين وجذب عملاء جدد. ويمثّل قطاع مراكز الإتّصال الجهة المُثلى لتوظيف هذه الإمكانات، إذ أن حلول مراكز الإتّصال، الداخلية والعمومية منها، تمثّل خياراً قابلاً للتطبيق لا سيّما بالنسبة للمؤسسات التي لديها تعاملات كثيفة مع العملاء.
وعلاوةً على ذلك، من الممكن أن تسهم طبيعة أعمال مراكز الإتّصال ضمن دول مجلس التعاون الخليجي في التخفيف من تأثير الأزمة الإفتصادية العالمية وخاصّةً على قطاع مراكز الإتّصال العمومية على عكس البلدان التي تعتمد أعمالها بشكل كبير على الولايات المتّحدة الأمريكية. على سبيل المثال، تعتمد حوالي 90% و65% من مراكز الإتّصال العمومية في الفلبين والهند، على التوالي، في أعمالها على العقود التي تحصل عليها من الشركات الأمريكية مثل "آي . بي . أم" (IBM) و"إكسنتشور" (Accenture).
وتفيد المعلومات الصادرة عن كلّ من مركز دراسات الاقتصاد الرقمي "مدار" و"أورينت بلانيت للعلاقات العامة والتسويق" عن وصول عدد مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون إلى 650 مركز في نهاية العام 2008 تتركّز معظمها في الإمارات، التي تضم ما يزيد عن 46% من هذه المراكز تليها السعودية بنسبة 30% ثمّ البحرين 7.4% والكويت 6.5% وقطر 5.4% وعُمان 4.6%. كما بلغ عدد العاملين بدوام كامل في مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام ذاته أكثر من 17.800 موظّف بإستثناء الوكلاء الذين يعملون لحسابهم أو وفق نظام المكالمة والوكلاء الذين يعملون في دول أخرى ويقدّمون خدماتهم للشركات القائمة في دول مجلس التعاون. ويشكّل الموظّفون العاملون في دولة الإمارات نحو 40% من مجمل العاملين في مراكز
الإتّصال في دول المجلس، فيما تبلغ نسبة الوكلاء في السعودية 37.6% وتشكّل دول المجلس الأخرى النسبة المتبقيّة.
وتقدّر النفقات التشغيلية لمراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 20.6 مليون دولار أميركي، ما يمثّل متوسط تكلفة لكل عميل تبلغ 29.214 دولار سنوياً. وتمثّل الإمارات نصف قيمة إجمالي النفقات التشغيلية وتليها السعودية بنسبة 28.5%. وبلغ متوسط حجم مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون من حيث عدد الوكلاء 27 وكيلاً في نهاية العام 2008، في حين تراجع الحجم إلى 26 من حيث عدد المقاعد. وهذا ما يشير إلى وجود عدد لا بأس به من المقاعد الشاغرة في بعض مراكز الإتّصال في هذه الدول، مما يؤكّد بدوره على وجود خطط للتوسّع في المستقبل. وتتمتّع السعودية بأعلى متوسط من حيث عدد الموظّفين والمقاعد، إذ يبلغ 34 و32 على التوالي لكل مركز، مما يعكس وجود منشآت تجارية أكبر حجماً مقارنةً مع بقية دول الخليج. وتقع البحرين على النقيض تماماً، حيث يبلغ متوسط القدرة الإستيعابية لمركز الإتّصال 23 وكيل و20 مقعداً.
وتعتبر معظم مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي صغيرة الحجم (أقل من 50 مقعد)، فيما يعتبر ربعها تقريباً (24.5%) متوسّطة الحجم، أي بين 50 و250 مقعداً، في حين تُصنّف بقية المراكز البالغة نسبتها 3.5% على أنّها مراكز إتّصال كبيرة إذ يتجاوز عدد المقاعد لديها 250 مقعداً.
وإستناداً إلى مسح شمل أكثر من 330 عينة من الشركات العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تمتلك مركز إتّصال أو مركز مكالمات، كشف كلّ من مركز دراسات الاقتصاد الرقمي "مدار" و"أورينت بلانيت للعلاقات العامة" عن أنّ القطاع المصرفي والمالي، الذي يضم المصارف التجارية المحلية والأجنبية وشركات الإسستثمار والتأمين وتمويل العقارات وشركات الصرافة، يملك الحصّة الأكبر في هذا السوق بنسبة 28%، في حين يشكّل قطاع السفر والضيافة الذي يضم الفنادق وشركات الطيران والمطاعم ومنظّمي الرحلات السياحية نحو 17%، ويليه قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتّصالات والإلكترونيات بنسبة 15%. وحاز موفّرو خدمات تعهيد مراكز الإتّصال على 11%، في حين لم تشكّل حصّة مؤسسات الإدارة الحكومية، بإستثناء الشركات المملوكة للحكومة، سوى 9%.
ويعدّ الإتّصال المباشر مع العاملين في مراكز الإتّصال عبر الهاتف أكثر القنوات المفضّلة لدى العملاء في دول مجلس التعاون الخليجي. إلاّ أنّه في ظل وجود شريحة كبيرة من الشباب ونسبة عالية من العمال الوافدين الذين يمتلكون إمكانية الوصول إلى الإنترنت في دول الخليج، فإنّ
إستخدام الوسائل التفاعلية الأخرى مثل الرسائل النصية القصيرة (SMS) والبريد الإلكتروني بات شائعاً إلى حدّ ما.
وبالرغم من سيطرة الإتّصال عبر الهاتف أو الإتّصال المباشر بالوكيل كوسيلة يفضّلها العملاء للتفاعل مع مراكز الإتّصال في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشك نسبة 74% من إجمالي إستخدام قنوات الإتّصال، إلاّ ذلك لم يمنع النمو السريع لإستخدام البريد الإلكتروني الذي بلغ 18.5% في نهاية العام 2008.
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)