إيذاناً بانطلاقة مزادها الأول في منطقة الشرق الأوسط للأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة والذي سيقام في فندق جميرا أبراج الإمارات بدبي يوم الأربعاء 24 مايو 2006، كشفت اليومَ دار كريستيز Christie’s العالمية العريقة المتخصصة بالمزادات العلنية النقابَ عن "أسرار تجارية" قيمة متصلة بالاستثمار في الأعمال الفنية والتي تمثل بحد ذاتها نصيحة مثالية للمستثمرين والمشترين المحتملين حول أفضل سبل الاستثمار في سوق الأعمال الفنية العالمية.
وجديرٌ بالذكر أن دار كريستيز البريطانية العريقة لم تعتد عبر مسيرتها وتاريخها أن تسلِّط الضوء على المكاسب المادية أو المالية التي يمكن تحقيقها بالفعل من شراء مثل هذه الأعمال الفنية العالمية؛ إذ اعتاد القائمون على تنفيذ المزادات العلنية على ترديد العبارة المأثورة "اشتروا الأعمال الفنية التي تعشقونها". غير أنه وفي ضوء الطفرة الكبيرة التي شهدتها سوق الأعمال الفنية الهندية المعاصرة والنجاح الباهر الذي حققته دار كريستيز في مزاد "الأعمال الفنية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية والأعمال الفنية المعاصرة" والذي جمعت في ختامه مبلغاً ضخماً وصل إلى 143,187,200 دولار أمريكي، فقد بات جلياً لنا جميعاً أن الأعمال الفنية تمثل استثماراً حكيماً ومجزياً في الوقت ذاته.
وفي حين شهدت أسواق الأسهم العالمية والمحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة تقلبات غير مسبوقة في الأشهر القليلة الماضية، فقد حافظت أسواق الأعمال الفنية على مكانتها وقيمتها الراسخة. وفي حقيقة الأمر، اقتنصَ مشترون ومستثمرون واعون فرصاً عظيمة من خلال شراء واقتناء الأعمال الفنية العالمية طوال القرون الماضية، وقد قرأنا في الصحافة المحلية والعالمية أخباراً مذهلة عن أعمال فنية تم شراؤها بمئات الدولارات، بينما قفزت قيمتها خلال أعوام قليلة إلى آلاف الدولارات، بل ووصلت قيمة أعمال فنية عالمية معينة إلى ملايين الدولارات.
وفي هذا السياق، يقول بول هيويت، مدير إدارة تنمية الأعمال لدى كريستيز العالمية: "بطبيعة الحال، تحافظ الأعمال الفنية العالمية الرائعة على قيمتها وأهميتها ورونقها، مالياً وفنياً، عاماً بعد آخر، وعقداً بعد آخر، بل وقرناً بعد آخر".
وأضاف هيويت: "أظهرت دراسات حديثة حول شراء واقتناء الأعمال الفنية لأغراض استثمارية أن مثل هذه الأعمال الفنية، وفي ظل نصيحة متخصصة، يمكنها أن تحقق عائداً استثمارياً عالياً. غير أننا ننصح عملاءنا في المزادات العلنية على أن يزاودوا على الأعمال الفنية التي يريدونها ويعشقونها بصرف النظر عما ستحققه من عائد على الاستثمار".
هذا وقد تم مؤخراً إطلاق مجموعة من الصناديق الاستثمارية الرامية إلى الاستثمار في الأعمال الفنية في كافة أنحاء العالم. وقد أدى هذا الاهتمام المتجدد إلى إعداد العديد من الدراسات الأكاديمية الرصينة التي تبين التوجهات في أسعار الأعمال الفنية وترصدها، مع مقارنة الاستثمار في هذا المجال مع الاستثمارات الأخرى.
ووفقاً لتقرير أعده البروفسور جيانبينغ ماي والبروفسور مايكل موزيس فإن قيمة مبيعات الروائع الفنية تبدو أقل إبهاراً مقارنة مع مزادات الأعمال الفنية المعاصرة. ولكن، وكما برهنت عملية بيع لوحة "بورتريه أوف دكتور جاشيه" Portrait of Dr. Gachet للرسام الهولندي العالمي الشهير فان جوخ في عام 1990 مقابل 82.5 مليون دولار أمريكي، فإن التوقيت من الأمور الحاسمة، ويتفق كثيرون على أن هذه اللوحة قد حققت هذا المبلغ المرتفع لأسباب عديدة من بينها "حالة الهوس" بأعمال الرسام العالمي فان جوخ التي كانت تجتاح اليابان حينئذ. والأمر نفسه ينطبق على لوحة "أديلاين رافو" Adeline Ravoux التي بيعت في نهاية ثمانينيات القرن العشرين، حيث بيعت في إحدى مزادات دار كريستيز في عام 1966 بمبلغ 150,000 جنيه إنجليزي (ما يعادل 400,000 دولار أمريكي) غير أن اللوحة نفسها بيعت في عام 1988 مقابل 13,750,000 دولار أمريكي.
ورغم أن قيمة سوق الأعمال الفنية العالمية تصل إلى نحو 20 مليار دولار أمريكي سنوياً، غير أنه ليس هناك من منظومة عالمية لرصد الأعمال الفنية، وهذا ما يجعل من المتعذر علينا أن نجري تحليلاً شاملاً ومتكاملاً في هذا المجال.
وهنا يواصل هيويت تعليقه قائلاً: "إن دراسة ومراقبة أسعار اللوحات الفنية في المزادات العالمية إنما تعطينا فكرة جزئية عن أسواق الأعمال الفنية ليس أكثر، وهذا يجعل من المستحيل التوصل إلى نتيجة حاسمة في هذا الشأن، حيث أن الأعمال الفنية نادرة في طبيعتها، وهي بذلك لا تخضع لمعايير الدراسة الإحصائية المتمعنة التي تسبق في العادة الاستثمارات في مجالات أخرى".
وأضاف: "وفي ضوء ما سبق، فإنه يتعين على أولئك الذين يودون شراء الأعمال الفنية لأغراض استثمارية أن يستعينوا بنصيحة متخصصة من خبراء في هذا المجال من أجل أن يكونوا على دراية تامة بالأمور التي تجعل بعض الأعمال الفنية أكثر أهمية وقيمة من غيرها. كما أنه لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نعتبر سوق الأعمال الفنية كياناً واحداً متجانساً، إذ أنه يتألف من سلسلة من الأسواق المتباعدة، يتطور كل واحد منها وفقاً لظروفه الخاصة".
وختم هيويت تعليقه بالقول: "لذا، فإنه من الحكمة ألا تنصب الاستثمارات في هذا المجال على أعمال فنية معينة، بل من الأفضل تنويعها؛ ومن الملاحظ أن المشترين اليوم يشترون ويجمعون أعمالاً فنية متفرقة".
وأخيراً، يشار هنا إلى أن دار كريستيز العريقة ستنظم مزادها الأول في منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان "الأعمال الفنية الدولية الحديثة والمعاصرة" حيث سيضم المزاد المذكور 128 عملاً فنياً فريداً من الدول العربية، وإيران، والهند، والباكستان، والدول الغربية. وسينطلق المزاد عند الساعة الثامنة من يوم الأربعاء 24 مايو 2006 في فندق جميرا أبراج الإمارات بدبي.
© 2006 تقرير مينا(www.menareport.com)