تعرف إدارة الثروات بأنها إدارة الأصول والالتزامات، عبر تسخير مجموعة من الفلسفات والعمليات والمنتجات والاستراتيجيات، والحلول المعدة لكل فرد أو عائلة، بناء على خصائص مداخيلهم المادية وثرواتهم وأعمارهم، وحالتهم الاجتماعية ومعرفتهم بالاستثمار، واختلافاتهم النفسية.
لكن لا يعتمد اختيار مدير الاستثمار المناسب على الوضع المالي فحسب، بل على مستوى القيمة أو المنفعة المضافة المطلوبة. وكلما ارتقينا في سلسلة القيمة، لمسنا الحاجة إلى قدر أعظم من المعرفة المطلوبة، ووجدنا أن نموذجي الأعمال والعلاقات يصبحان أكثر تعقيداً.
ليس غريباً في منطقة الشرق الأوسط، لجوء العائلات الثرية والعائلات الأكثر ثراء إلى محاسب يقدم النصح حول شؤون الضرائب المتعلقة بالاستثمارات خارج المنطقة، أو مدير استثمار، أو خبير مصرفي لإدارة محفظة استثمار مكونة من أصول تقليدية “أسهم، وسندات، وسيولة نقدية” أو وكيل تأمين، أو مدير عقارات أو سمسار، فضلاً عن محامٍ لتقييم الصفقات المتنوعة.
فيما تسعى المكاتب العائلية الفردية، والمكاتب العائلية التي تدير ثروات عدد من العائلات، إلى جعل هذه الخدمات مركزية، عبر اتباع أسلوب محدد عبر فريق من المستشارين. وتشتهر العائلات الأكثر ثراء في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، بتاريخها الطويل في امتلاك مكاتب عائلية.
وسابقاً، أصدر مركز دبي المالي العالمي في عام 2008 لوائح وقوانين تهدف إلى تشجيع الشركات العائلية على إنشاء مكاتب مفردة فيه. أما الآن فيحقق هذا النموذج انتشاراً واسعاً، كما نجد المزيد من الأمثلة على لجوء العائلات الثرية إلى المكاتب العائلية التي تدير ثروات عدد من العائلات.
في حين ينال وكلاء التأمين، والسماسرة العقاريون، ومعظم مستشاري الاستثمار أو مديري الثروات في دول مجلس التعاون الخليجي أتعابهم في صورة عمولات في الأساس. بالتالي تتحدد علاقات العمل بناء على الصفقات المعقودة. لكن من المهم فهم هيكل العمولات عند اختيار مدير استثمار في مصرف خاص، أو شركة تأمين، أو شركة إدارة أصول. كذلك لا بد من توافر عنصر الثقة بوصفها أهم الدعائم الأساسية لإنجاح العلاقات.
وينبغي تمركز إدارة الثروات ذات القيمة المضافة الأعلى حول العميل، كما لا بد لها من الاستناد إلى العمولات، والاعتماد على العمليات المحددة بإجراءات واضحة.
وقد ورد في تقرير لمعهد المحللين الماليين المعتمدين في المملكة المتحدة، أن “هيكل أو تركيب رسوم العملاء المالية وأتعاب المديرين متقن التصميم، وكفيل بتحقيق مصالح العميل ومدير الاستثمار معاً. على عكس الهيكل سيء التصميم الذي يشجع على انتهاج سلوك لا يصب في مصلحة العميل”.
وقد حدد المعهد 5 عوامل ضرورية لاختيار مدير الثروات:
الكفاءة أهم من المعيار الشخصي عند تقديم النصيحة أو الاستشارة القيمة والمتعلقة بالثروة.
ينظر المستشار المتميز إلى التكنولوجيا كوسيلة نافعة.
التواصل الواضح والصريح والنزاهة والمهنية كلها ضرورات لا غنى عنها.
يحقق أفضل المستشارين التوازن بين الخبرات الفنية والذكاء العاطفي.
تشكل الإنجازات علامة فارقة، فالمؤهلات المهنية تحدث فرقاً في الكفاءة ومستوى الخبرة.
ولتوضيح هذه العوامل، يمكن النظر إلى قطاع الرعاية الصحية؛ إذ يريد معظم الناس أفضل المتخصصين للإشراف على رعايتهم الصحية. بينما ينال جراحو الدماغ أتعابهم وتعويضاتهم لقاء كفاءاتهم واستخدامهم لأحدث سبل التكنولوجيا.
وعندما يوصي طبيب بعلاج ما، فالأرجح أن النصيحة أو الاستشارة تهدف إلى الوصول لأفضل مستوى من الرعاية الصحية، من دون أي تعارض في المصالح. إن الإنسان بطبعه يثق بالنصيحة، وهذا يبرز فارقاً أساسياً بين الصناعة أو مجال العمل والمهنة.
ويكمن التحدي الأكبر لاختيار مدير ثروات في أي دولة، في العثور على شخص مهني متخصص وجدير بالثقة. فقد ورد في دراسة نشرت مؤخراً من معهد المحللين الماليين المعتمدين بعنوان (Future State of The Investment Profession) أن الثقة والقيمة في إدارة الثروات مترابطتان. “من وجهة نظر المستثمر، سترتبط القيمة بالنتيجة المتعلقة بالتوقعات”. وبالتالي فالمعادلة بسيطة، إذ تنص على أن المصداقية المضافة إلى المهنية، تنتج عنها الثقة والقيمة.
صحيح أن مدير الثروات ليس باستطاعته ضمان نتيجة محددة، إلا أن من واجبه حيازة الخبرات اللازمة، والتمتع بالفطنة المهنية لنصح المستثمر وإعلامه بنتائج واقعية، من أجل تقليص الفجوة بين التوقعات والواقع، وفي سبيل تحقيق أهداف المستثمر المالية. في المقابل، يتعين على المستثمر الشعور بالثقة أن مستشاره يملك الكفاءة والنزاهة المهنية، إلى جانب التأكد من استشارة مدير استثماره له وإشراكه في أي معلومات متعلقة بالاستثمار، وعدم خيانته للأمانة الموكلة إليه. (فوربس الشرق الأوسط)
اقرأ أيضًا:
في دبي... ما هي أرخص وأغلى المناطق بالرسوم المدرسية؟!
