أكثر من شهر ولا تزال السلطات السورية، تقفل حدودها بوجه الشاحنات والبرادات المحملة بالبضائع والخضر المتجهة الى البلدان العربية، تحولت بفعلها الطرق الدولية المؤدية الى الحدود شرايين مضغوطة، ولا حل حتى هذه الساعة، فيما تعيش القطاعات الانتاجية والاقتصادية حالة من الركود والخسائر التي فاقت ملايين الدولارات، وبانتظار الفرج، يعاني سائقو الشاحنات حالة يخيم عليها الاحباط، وتفاقمت أوضاعهم الصحية، النفسية، والمادية.وأكد رئيس نقابة مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي "أن أزمة الحدود اللبنانية¬السورية تراوح مكانها، حيث وصلت الخسائر الى نحو مليون دولار يوميا وتصل خسائر الموسم الى 50 مليار ليرة لبنانية".
في غضون ذلك، قال وزير النقل السوري مكرم عبيد "إن الشاحنات اللبنانية وغيرها من السيارات التي تمر عبر جميع المراكز الحدودية تخضع في الوقت الحالي، الى اجراءات جمركية وامنية خشية وقوع امر ما على غرار ما هو حاصل في لبنان والعراق".وأكد "ان كل الاجراءات المعمول بها الآن، اتخذت نتيجة لما يحدث في البلدان المجاورة من تفجيرات تستهدف الاستقرار والامن".
هذا وبلغ بلغ عدد الشاحنات أمس الأول على معبر العبودية¬الدبوسية، الذروة (زياد منصور)، وكان الأكبر منذ بدء الأزمة، والسبب هو انتقال عدد كبير من السائقين من المصنع إلى العبودية، بسبب الاجراءات التخفيفية في التفتيش، التي دحضتها الاجراءات الأمنية السورية وتغيير في عدد من العناصر قامت به السلطات السورية وفق مصدر حدودي، والتي استثارها التساهل الذي تمثل بعبور أكثر من 160 شاحنة في يوم واحد مع معدل يصل إلى أكثر من مئة شاحنة يومياً خلال الأيام الأخيرة، وهذا ما أدى إلى سلسلة من المناقلات تمثلت بتغيير الأمين الجمركي، وعدد كبير من العناصر وقد انعكست هذه الاجراءات مباشرة وأدت إلى تراجع كبير في عدد الشاحنات العابرة وتزايداً في عدد المنتظرة مما يعيد الأزمة إلى ذروتها بعد أن كانت شهدت بعض الحلحلة خلال الأيام الأخيرة ووصلت منذ يومين إلى 115 شاحنة يومياً.
في المقابل، أكدت المصادر الحدودية وجود توجيهات ومن أعلى المستويات للجمارك اللبنانية بوجوب تقديم أفضل التسهيلات والخدمة للسيارات والباصات والشاحنات القادمة إلى لبنان بحيث تتم اجراءات التفتيش والعبور خلال دقائق. يقول أحد السائقين المنتظرين والذي مرّ بهذه التجربة ولا يرغب كثيراً باعادتها "فرحتنا بالعبور لا تكتمل عادةً، إذ بعد التفتيش الحدودي، هناك توقف طويل للتفتيش في سوريا"، ويستطرد بعد عبورنا الدبوسية جرى توجيهنا إلى منطقة عدرا بالقرب من حمص حيث انتظرنا 9 أيام قبل أن تكتمل اجراءات التفتيش ويسمح لنا مع حمولتنا من الخضر بالتوجه نحو الخليج، لذلك لا تفرحوا بقرب حلحلة في المدى المنظور.
وفي النقطة الحدودية عند المصنع¬جديدة يابوس (أحمد كموني)، لم يتغير مشهد أرتال شاحنات النقل الخارجي وبرادات الخضر والفواكه "المتكدسة، منذ اندلاع الأزمة التي بدأتها السلطات السورية منذ شهر ويوم. ومع تفاقم الوضع على الحدود، تفاقمت أوضاع السائقين الصحية، النفسية، والمادية، فيما تضاعفت خسائر القطاعات الانتاجية، التي تصدر الى البلدان العربية عبر الطرق البرية السورية، وبلغت ملايين الدولارات، وتفيد بعض المصادر، أن عدداً من المصدرين بدأ تصريف منتجاته بحراً وجواً.ويلفت السائقون الى أن إعاقة المرور تخطت المعقول، "فمعاملة الجمارك والمخابرات السورية عدائية جداً، ودون مبررات، وهو قد طال سائقي السيارات السياحية اللبنانية وفي كلا الاتجاهين (سوريا¬لبنان)". وطالب نقباء التعاونيات الزراعية وأصحاب الشاحنات، رئيس الجمهورية اميل لحود، بالتدخل لحل الأزمة.
أوضح الترشيشي في بيان أمس "ان ارتفاع اسعار الشحن البحري والجوي يسبب خسائر مادية كبيرة، وعلى الدولة ان تقوم وعبر مؤسسة "ايدال" بدفع الفوارق المادية بين البر والبحر".واكد "أن أزمة الحدود اللبنانية¬السورية تراوح مكانها، حيث وصلت الخسائر الى نحو مليون دولار يوميا وتصل خسائر الموسم الى 50 مليار ليرة لبنانية".وأضاف، وكما ذكرت صحيفة المستقبل اللبنانية،:" ان الشحن عبر البحر لا يشمل ثلاث اسواق عربية كبيرة تستوعب 35% من الانتاج اللبناني وهي سوريا¬العراق¬الاردن"، وقال "إن تكلفة شحن البحر والجو لا يستطيع التاجر تحملها لان مدة وصول الشحنة تستغرق عشرين يوما بينما الشحنة في البر يستغرق وصولها مدى سبعة ايام، وان وصول المنتجات عبر البحر يغرق الاسواق العربية عند وصولها، لانها تصل بكميات كبيرة بينما بالبر يتحكم التاجر بارسال عدد المنتجات الذي يريدها".
وطالب الترشيشي "وزارة الاقتصاد الاسراع باستلام محصول القمح من المزارعين، لان ذلك يخفف اعباء مادية ومعنوية على المزارعين".ورأى "أن الخط البحري ليس الحل، وعلينا ان نقوم بعلاقات مميزة مع سوريا لانه لا بديل عن الخط البري وخصوصا السوق السورية".
وقال وزير النقل السوري مكرم عبيد في مؤتمر صحافي عقده أول أمس "إن الشاحنات اللبنانية وغيرها من السيارات التي تمر عبر جميع المراكز الحدودية تخضع في الوقت الحالي، الى اجراءات جمركية وامنية خشية وقوع امر ما على غرار ما هو حاصل في لبنان والعراق".وشدد عبيد "على أن أمن سوريا يعتبر من المقدسات وان كل الاجراءات المعمول بها الآن، اتخذت نتيجة لما يحدث في البلدان المجاورة من تفجيرات تستهدف الاستقرار والامن"، ولفت الى أن تفجير سيارة واحدة يعادل أزمات أكثر بكثير من أزمة الشاحنات الحالية.وأكد "أهمية رفع درجة التنسيق والتعاون بين سوريا ولبنان، واتخاذ الاجراءات اللازمة التي تكفل حفظ الامن في كلا البلدين، باعتبار أن أمن سوريا من أمن لبنان".
وشدد على ضرورة وضع اجراءات تنفيذية تتناسب مع الوضع وان تكون هناك مساهمة من الجانبين اللبناني والسوري، جمركيا وامنيا والعمل على تسريعها.وأمل عبيد في أن تكون هناك لقاءات قريبة مع الحكومة اللبنانية الجديدة بعد نيلها الثقة واجتماعات ثنائية واجتماعات اللجنة العليا.وحول ما تردد عن تعطل تنفيذ مشروع التاكسي الجوي بين شركتي الطيران السورية والشرق الاوسط اللبنانية، قال عبيد ان الاتصالات مستمرة بين ادارتي الشركتين السورية واللبنانية، وقد تمت مؤخرا الموافقة على بعض الانظمة المتعلقة بطرح الاسهم على الاكتتاب من قبل القطاع الخاص في سوريا ولبنان.
وحول ما يقوله بعض اللبنانيين بأن هناك غبنا يقع على لبنان في الاتفاقيات الموقعة مع سوريا ومن ضمنها اتفاقيات النقل، قال عبيد: ليس هناك بين الاخوة في الوطن العربي غبن وانما نحن في سوريا ننظر الى العلاقات بين الدول العربية على انها علاقات قومية.وقال "إن عبور الشاحنات اللبنانية الفارغة من الاراضي السورية، لا تفرض عليها أي رسوم ثم ان الشاحن اللبناني يعامل المعاملة نفسها التي يعامل بها الشاحن السوري، واعطيت له نفس الميزات المعطاة للشاحن السوري".وأشار الى ان هناك مزايا تفضيلية كثيرة ان كانت في مجال النقل البري او الجوي ايضا، فالطائرات السورية عندما تقطع المجال الجوي اللبناني تقطع مسافة قصيرة جدا، بينما تقطع الطائرات اللبنانية لدى عبورها المجال الجوي السوري مسافات طويلة.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)