تشير الدراسات الدولية المتعلقة بظروف المعيشة الغالية التي يرزح تحت وطأتها اللبنانيون اليوم، ان كل من يصل دخله الشهري في لبنان إلى حوالي 800 دولار أمريكي، فهو دون الخط الأعلى للفقر.ويجمع الخبراء الاقتصاديون في لبنان على ان هناك طلاقاً حاداً بين الحد الأدنى للأجور أو دخل الأسرة من جهة، وبين متطلبات الحد الأدنى من العيش من جهة ثانية، هذا الفصام بين الأجر ومتطلبات المعيشة لبنانياً، تثبته الدراسات والإحصاءات التي تنفذها الدولة أو جهات دولية ومحلية أخرى بين حين وآخر.
فدراسة الإحصاء المركزي عن الأوضاع المعيشية في عام،1997 ودراسة وزارة الصحة واليونيسيف والإحصاء المركزي عن الأوضاع الصحية عام 2000، ودراسة الهجرة وأوضاع الشباب التي نفذتها جامعة القديس يوسف عام ،2001 كلها تصب في خانة تأكيد الواقع المعيشي المرير للأسر اللبنانية، إذ صرح حوالي 60% منها أن إجمالي دخلها الشهري لا يصل إلى 800 امريكي، في وقت أظهرت دراسات أخرى من ضمنها دراسات صادرة عن منظمات دولية عدة، ان الخط الأعلى للفقر في الإطار المديني يرواح بين 750 و800 دولار للأسرة الوسطية. أي ان ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور في لبنان (200 دولار) تبقي الأسرة من دون الخط الأعلى للفقر.وهذا ما ينطوي على دلالات بالغة الأهمية بالنسبة إلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلد بحسب تعبير الخبير الاقتصادي د.كمال حمدان، وذلك حسب ما أوردته صحيفة الخليج الإماراتية.
وكان قد تبين لإدارة الإحصاء المركزي عام 1997 ان تركيبة الاستهلاك قد شهدت تغييرات جذرية في الأعوام الثلاثين التي تفصل بين تقديرها الأخير وتقديرها عام 1966. فحصة المواد الغذائية والمشروبات كانت تشكل حوالي 60% من سلة الاستهلاك عام 1966 وتدنت إلى حوالي 25 % في سلة عام ،1997 بينما ارتفعت حصة مصاريف السكن من 5.3 % إلى اكثر من 15%.
وأمام فداحة مسألة الأسعار وحجم الفوارق في سلة الاستهلاك بين عامي 1966 و 1997 كان لا بد من تصحيح المؤشرات الفعلية لأسعار الاستهلاك كما بينتها الدراسة الأخيرة للإدارة العامة للإحصاء المركزي، فبينما أظهر تطور مؤشرات أسعار الاستهلاك في الأعوام العشرة المنصرمة ارتفاع الأسعار تراكمياً في الحقبة كلها بنسبة 24 % في الولايات المتحدة، فقد شهدت لبنان ارتفاعاً بنسبة 40% وفقاً لسلة ،1966 وارتفاعاً يزيد على 80% وفقاً للسلة المصححة لعام 1997. ويظهر من الأرقام المتوافرة ان أسعار الاستهلاك بين عامي 1994 و 1998 شهدت ارتفاعاً صاروخياً بلغت نسبته 70% في أربع سنوات، وبقي الارتفاع مستمراً منذ ذلك الحين ولو بوتيرة أقل، في ظل تدني مستويات الأجور، وجمود الحد الأدنى منها طوال هذه الفترة.
على صعيد ثان، افتتح وزير المال والاقتصاد والتجارة دميانوس قطار في جامعة الروح القدس الكسليك الجمعة الفائتة <<معرض الاعمال>> الذي تنظمه كلية ادارة الاعمال في الجامعة بحضور طلاب الجامعة وأساتذتها وفعاليات اقتصادية وتجارية واجتماعية. بداية القى الاباتي بولس نعمان كلمة الجامعة، أما قطار فتمنى <<ان تتم ترجمة هذا المعرض ضمن آلية تربط بين القطاع الخاص التجاري والصناعي والزراعي والمنتج، وتسمح بالتالي للطلاب ليس فقط خلال العطلة الصيفية او المعرض بخلق ديناميكية، واستقبالهم لفترة تتراوح بين ستة وثمانية اشهر كي يستطيعوا التعلم أكثر عن كثب للحقيقة الاقتصادية>>.
ولفت إلى وجود <<سببين للبطالة هما الاختصاص غير السليم والاقتصاد الفاسد>>، موضحا: <<انه في ما يختص بالاختصاص غير السليم، فنحن نتمنى على الجامعة درس الأسواق، فيما الاقتصاد الفاسد هو هدر الدولة لمواردها غير المناسبة، وهي بالتالي تحرم الشباب اللبناني من استثمارات حقيقية>>. ووعد بالسعي في خلال ما تبقى من عمر الحكومة من اجل <<وضع خطة واضحة ورؤية لكيفية تحوير الهدر والكلفة الحقيقية للاقتصاد وإخراجه من الفساد، وهذا الأمر سيكون من مسؤولية أبناء المجتمع المدني لمقاومة هذا الفساد في الاقتصاد اللبناني>>. وجال قطار والحضور بعد ذلك على ارجاء المعرض الذي يشارك فيه 64 مؤسسة من مصارف وفنادق وشركات تأمين ومؤسسات صناعية وتجارية واجتماعية.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)