ما يريد منك المسوِّقون فهمه عن الواقع المعزَّز

تاريخ النشر: 26 أبريل 2016 - 09:32 GMT
تعتمد المهمة الحقيقة لتكنولوجيا الواقع المعزَّز التجارية على دمجها بطريقة تُحسِّن تجربة العميل، بتسهيلها، وجعلها مسلية أكثر، ومناسبة أكثر
تعتمد المهمة الحقيقة لتكنولوجيا الواقع المعزَّز التجارية على دمجها بطريقة تُحسِّن تجربة العميل، بتسهيلها، وجعلها مسلية أكثر، ومناسبة أكثر

تخيَّل أنك تستطيع أن ترى كيف لِكَنبة أن تلائم غرفة جلوسك قبل أن تشتريها، أو ترى أيّ النظارات الشمسية تلائم شكل وجهك، أو أيّ أحمر شفاه يبدو جميلاً عليكِ دون أن تجرّبي وضع أي شيء على جسمك.

 ليست هذه السيناريوهات خيالية، لأنها بالفعل ممكنة؛ فهي أمثلة واقعية من علامات تجارية مثل “إيكيا” (Ikea)، و”راي بان” (Ray-Ban)، و”كوفر غيرل” (Cover Girl)، عن كيفية استخدام الشركات حالياً للواقع المعزَّز (augmented reality).

أخذ الواقع المعزز يثير اهتمام المسوِّقين في السنوات الأخيرة، نظراً لإمكان تغييره مجموعة واسعة من تجارب المستهلك، تراوح ما بين انطباعات الناس عن منتَج جديد، وكيفية اختيارهم المنتجات التي سيبتاعونها. وتُحسِّن تكنولوجيا الواقع المعزَّز المحيط الحسي الذي تشاهده، بتركيب عناصر افتراضية، مثل المعلومات أو الصور، فوق ذلك المحيط، إمّا بواسطة شاشات عرض مماثلة لـ”هولولنس” (HoloLens) و”غوغل غلاس” (Google Glass)، أو بواسطة شاشة كاميرا هاتفك الذكي.

مع ذلك، على الشركات مقاومة الرغبة المُلِحة بالتسرع في إنشاء تطبيقات الواقع المعزَّز (ما يعرّضها لأن تكون مزيفة) لتحقيق القدرة الكامنة لهذه التكنولوجيا، والتركيز بدلاً من ذلك على تعميق فهمها لكيفية تفاعل المستهلكين مع هذه التكنولوجيا. وبناءً على بحث أجريتُه على استجابات المستهلكين للواقع المعزَّز خلال السنوات الأربع الماضية، وجدتُ أن تصميم تطبيقات قيِّمة للواقع المعزَّز وتنفيذها يتطلبان ما يأتي: فكرة أوضح عن الطرق المحتملة لاستخدام المستهلكين تكنولوجيا مماثلة؛ ومزيد من التعاون بين علماء الكمبيوتر والمصمِّمين والمسوِّقين؛ واستراتيجية لدمج تلك التطبيقات بتجربة المستهلك الحالية.

حين بدأتُ العمل على الواقع المعزَّز موضوعاً لأطروحتي للدكتوراه، كان مجال التسويق شبه خالٍ تماماً من أية معرفة ثابتة حول هذا الموضوع. مع ذلك، كانت علوم الكمبيوتر والأبحاث حول التفاعل بين البشر والكمبيوتر تعالج الواقع المعزَّز لسنين، ومن الممكن أن يساعد استلهام الأفكار من هذين المجالين المسوِّقين على فهم المعاني التي ستكتسبها هذه التكنولوجيا في السياقات التجارية.

على الشركات أولاً أن تفهم كيف يختلف الواقع المعزَّز عن تقنيات رقمية أخرى. ففي حين توجد أوجه شبه من بعض النواحي بينهما (من ذلك مثلاً أن التطبيقات تستخدم بكثرة على الهواتف الذكية، ويتألف المحتوى من نص أو صور، وغالبًا ما تكون التطبيقات شديدة التفاعلية)، ثمة شيء مختلف تماماً في الواقع المعزَّز، وهو القدرة على تركيب محتوى افتراضي على عالم حسي وجعل الاثنين يتفاعلان في الوقت الحقيقي.

كما أجريتُ تجربة مخبرية على 60 مشاركاً، لاستيضاح كيفية تأثير تعزيز مماثل على استجابات المستهلكين. وستنشر الدراسة في العدد القادم من مجلة “جورنال أوف ماركتنغ مانجمنت” (Journal of Marketing Management). كان على المشاركين في التجربة البحث عن طرازهم المفضل من النظارات الشمسية، أو المفروشات، باستخدام تطبيق للواقع المعزَّز (من “إيكيا” أو “راي بان”)، أو تطبيق يتيح القيام بنشاط مماثل، ولكن من دون خاصيات الواقع المعزَّز. وقد أظهرت النتائج بثبات أن إدراك المشاركين لعنصر في المحيط معزز في الوقت الحقيقي (مثل رؤية نظارة تمت محاكاتها على وجوههم، أو رؤية كرسي افتراضي في مكتب) جعلهم يعيشون تجربة غامرة، أقوى بكثير من مجرد رؤيتهم صورة للنظارات الشمسية ملصقة على صورهم الشخصية على الإنترنت، أو رؤيتهم قطعة المفروشات في غرفة افتراضية.

ومما وجدته أيضًا أن التجربة المعزَّزة تؤدي إلى تكوين مواقف إيجابية من التطبيق، واستعداد لإعادة استخدامه والتحدث عنه للآخرين. ولكن لم تبدُ هذه التأثيرات شاملة المنتجات نفسها، أو العلامات التجارية، واقتصرت على التكنولوجيا وحدها.

مع ذلك، أظهرت دراسة أخرى أن هذه الخلاصة قد تتغير بناءً على كيفية دمج التطبيق بتجربة المستهلك. ومن خلال عملي مع البروفيسورة إيفون رودجرز من “مركز يو سي إل للتفاعل” (UCL Intreaction Center)، ومصممَي الواقع المعزَّز آنا موتينو وراسل فريمان من وكالة “هوليشن” (Holition) لتكنولوجيا الواقع المعزَّز، أجرينا إحدى أولى الدراسات عن كيفية استخدام المستهلكين الواقع المعزَّز لـ“تجربة” مستحضرات تجميل في أحد المتاجر. وقد أتاح التطبيق الذي استخدمناه في هذه الدراسة للسيدات وضع أحمر شفاه، أو ظلال عيون افتراضية، تتحرك بتحرك وجوههن.

وجدنا أن استخدام هذه المرآة للواقع المعزَّز في المتجر ساعد المستهلكات على اختيار مشترياتهن. كما استمتعت معظمهن بهذه التجربة المرحة، التي سمحت لهن باختبار مظاهر مختلفة كانت لتكون أصعب بكثير باستخدام نماذج تجريبية حسية. والأهم من ذلك أن الناس لم يستحسنوا تلك التكنولوجيا بشدة فحسب، بل أظهروا إعجابهم بالمنتجات، عندما تم دمج تطبيق الواقع المعزّز في وضع شراء بالمفرق مألوف، كجزء من تجربة التسوق. فقد أبدى الناس استعدادًا أكبر لشراء المنتجات ووجدوا التطبيق أداة مناسبة للتسوق، لا للتسلية فقط.

كما أظهرت دراسة أخرى أجريناها عبر الإنترنت أن المشاركات اللواتي استخدمن بشكل متكرر تطبيق واقع معزَّز على هواتفهن شبيهًا بالتطبيق السابق لتجربة مستحضرات تجميل لمدة خمسة أيام، أبدَين ردود فعل إيجابية تجاه التكنولوجيا والمنتجات على حد سواء. وقد وجدن التطبيق ممتعًا ومفيدًا لشراء مستحضرات التجميل في آن معًا، ما ترجم من جديد في نيَّتهن شراء المنتجات التي جرَّبنها.

بشكل أساسي، إذا كانت تجربة الواقع المعزَّز مجرد حدث واحد منفرد – كما حصل في الدراسة المخبرية – فمن المرجح أن يوجِّه التعزيز اهتمام الناس نحو التكنولوجيا. أمّا في حال دمجه بطريقة جيدة بمحيط، أو عملية، فسيمتلك القدرة على التأثير الإيجابي بأنشطة الشراء، وسيكون مدى تأثيره أوسع.

تجدر الملاحظة أنه نظرًا لدعوة مساعِدة التسويق المستهلكات لاستخدام المرآة الافتراضية وشرحها لهن طريقة الاستخدام، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت تجربة المستهلكين ستتغير لو لم يحصلوا على مساعدة.

وعلى المسوِّقين أن يتذكروا أن الواقع المعزَّز لا يتعلق بصنع حقيقة جديدة بالكامل، وإنما بتعزيز الواقع الحالي. حين يتلاءم الافتراضي جيداً مع الحسي، ويتفاعل معه، حينها يحدث سحر الواقع المعزَّز. وبخلاف الواقع الافتراضي، الذي يجعلك تنغمس في عالم مختلف (نظام Oculus Rift مثلاً)، يتداخل الواقع المعزَّز مع العناصر الافتراضية، التي قد تغيب في وضع معيّن من الواقع الحسي (المثال الأفضل والأحدث لذلك هو خاصية “هولوبورتايشن” من هولولنس). وهذا سبب من أسباب إعجاب الناس بخاصية الواقع المعزَّز لـ “سناب شات” (Snap Chat)، منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة، حيث يستطيع المستخدمون التلاعب بتأثيرات بصرية مختلفة لتحويل مقاطع الفيديو العادية إلى قصص قابلة للمشاركة.

ويتمثل الجزء الحاسم من تجربة الواقع المعزَّز فيما إذا كانت هذه التكنولوجيا تضيف قيمة حقيقية. فمجرد تركيب شيء افتراضي على شاشة هاتف لا ينهي المشكلة دائماً، وقد تبدو النتيجة مزيفة. قد يكون الظهور المفاجئ لإعلان على شاشة كاميرا هاتفك الذكي عند مسح شعار علامة تجارية مسلياً، إلا أن الناس سيملون منه سريعاً. وبالمثل، قد يبدو من المفيد استخدام تطبيق يركّب معلومات وعروضاً على شاشة هاتفك عند توجيهك الكاميرا إلى متاجر مختلفة في الشارع، أو منتجات في محل، إلا أن على المسوِّقين أن يطرحوا السؤال الآتي: هل سيقوم المستهلكون حقاً بالسير في الشارع رافعين أجهزتهم الإلكترونية اللوحية في الهواء؟ وهل سيرغبون في التسوق بمسح كل منتج؟

لعل الإجابة عن هذين السؤالين هي على الأرجح النفي، حتى بالنسبة إلى المتخصصين في الرقميات؛ فالناس لا يغيرون سلوكهم، إلا إن رأوا أن القيمة تستحق بذل جهد لإضافة طبقة أخرى من المعلومات إلى حيِّز رقمي مشبَع أساساً. لذا، من المهم التفكير في السياقات التي قد يكونون مستعدين للتغيير فيها، مثل استكشاف فعالية ثقافية، أو محيط مدَني، أو موقع تاريخي بتطبيق للواقع المعزَّز (شبيه بطريقة استخدام الناس سماعات الرأس في متاحف الفن)، أو لدى رغبتهم معرفة المزيد عن منتج مكلف، أو علامة تجارية تهمهم حقاً.

وتعتمد المهمة الحقيقة لتكنولوجيا الواقع المعزَّز التجارية على دمجها بطريقة تُحسِّن تجربة العميل، بتسهيلها، وجعلها مسلية أكثر، ومناسبة أكثر.

لا نريد العيش في عالم تُستبدل فيه العناصر الملموسة الحسية بنسخ رقمية طبق الأصل. وقد فشلت فكرة “غوغل غلاس”، لأننا لا نريد أن نمشي في الأرض ونحن نرى كل شيء معززاً طوال الوقت. (قد تكون طريقة وضع شركة مايكروسوفت شاشة “هولولنس” أمراً مختلفاً، لأنها صُممت لمناسبات خاصة، مثل قاعات الاجتماعات، أو ورش العمل).

لذا، بدلاً من التفكير في كيفية تركيب أكبر قدر ممكن من الأماكن على محتوى بصري إضافي، يكمن السر في فهم الواقع المعزَّز في تعرّف الأنشطة المحددة التي يمكن أن تُولّد فيها هذه التكنولوجيا قيمة حقيقية.

اقرأ أيضاً: 

تعرف على تحليل فترة الاسترداد

كيف تروج منتجاتك بفعالية؟

تعرف على 12 خطوة أساسية للتفاوض المثمر

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن