مترو دبي سيسهم في تخفيف الضغوطات النفسية لدى الموظفين والعمّال

تاريخ النشر: 21 يوليو 2009 - 08:18 GMT

سوف يشكّل مترو دبي المقرّر أن يبدأ تشغيله في 9 سبتمبر 2009 وسيلة تنقّل جديدة وممتعة حول المدينة بالنسبة للكثيرين من سكّان الإمارة، لكن بالنسبة لأحد أبرز أخصائيي الأعصاب والطب النفسي في دبي فإن المترو سيشكّل فرصة لتقليل الضغوطات التي يواجهها الناس هنا ويسهم في تحسين مستوى الحياة لآلاف الأشخاص المتنقّلين في المدينة.

ومن المتوقع أن يلبّي هذا المشروع البالغة تكلفته نحو 15.5 مليار درهم متطلبات التنقّل لنحو 1.2 مليون راكب في اليوم ويغطّي ما نسبته 17 في المئة من احتياجات التنقّل العام في إمارة دبي، وهو على الطريق الصحيح للبدء بتشغيل الخط الأحمر في شهر سبتمبر بحيث تسير نحو 40 عربة دون سائق على طول الخط البالغة مسافته 52 كيلومتراً. وسوف تتوقف الرحلة عبر شارع الشيخ زايد من منطقة الراشدية إلى جبل علي عند 29 محطة من بينها محطات برج دبي ومطار دبي الدولي. ومن المقرّر أن يتم افتتاح الخط الأخضر في شهر مارس 2010 حيث ستتوفر الخدمات عبر 18 محطة أخرى على طول المسارات الإضافية البالغة مسافتها 22.5 كيلومتر.

وقام البروفسور آرني بروسيغ، مدير مركز GNP الألماني المتخصّص بالأعصاب والطب النفسي في مدينة دبي الطبية، بتقديم شرح عن المنافع المتعدّدة المرتبطة بالتنقّل عبر المترو كبديل للسيارة، وكيف أن هذا الأمر قد يسهم في تعزيز الانتاجية لدى الأفراد في المدينة. وقال: "لقد أظهرت دراسات كثيرة العلاقة القوية بين قلّة الضغوطات النفسية والأداء المهني الأفضل. وبالمناسبة، قامت هيئة الأبحاث الأميركية لقطاع النقل بإجراء دراسة ميدانية بعد تطوير خط قطار التنقّل في مدينة نيويورك الأميركية ووُجِد أن هناك ارتفاع في الانتاجية بالأعمال وانخفاض في مستويات الضغط والإجهاد لدى المتنقّلين. كما أشار المتنقّلون الذين تحوّلوا إلى استخدام خدمة القطار الجديد إلى أنّهم تمتّعوا بمستويات أقل من الإرهاق في العمل بعد البدء بتشغيل خط القطار الجديد."

وأضاف: "عند قيادة السيارة في ساعات الذروة، يجب أن يكون المتنقّلون متنبّهين ذهنياً ويقظين بشكل كامل لقوانين القيادة وحدود السرعة والإشارات الضوئية والازدحامات المرورية وباقي السائقين والحوادث التي قد تحصل على الشوارع والضغوطات بسبب البطء في الحركة والتأخر عن المواعيد وعدوانية باقي السائقين وغيرها من الأمور الأخرى. ولا تنتهي اللائحة هنا فقط وكل هذا يسهم في ارتفاع مستوى الضغوط. وبالطبع، سيكون هناك عوامل ضغط أخرى مرافقة لعملية الانتقال إلى ومن محطات المترو، لكن بشكل عام سوف تكون النتيجة انخفاضاً كبيراً في مستويات الضغط والإجهاد اليومي لدى آلاف الأشخاص."

وتابع البروفسور بروسيغ قائلاً: "للضغط والإجهاد علاقة وثيقة بالانتاجية في العمل. وعادة يكون مستوى الضغط في أعلى مستوى عند بداية يوم العمل وينخفض مع القدرة على التحمّل والتعامل مع مجريات باقي اليوم. وعلى سبيل المثال، إن تعرّضت سيارتك لحادث خلال التوجّه إلى العمل، عندها لن تكون منتجاً خلال اليوم كما لو وصلت إلى مكان عملك مرتاحاً وغير منزعج. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الانتاجية في العمل، بل ينسحب على باقي نواحي الحياة ويمكن أن تتأثر الصحة بسبب الضغط والإجهاد كثيراً. وهناك مستواً معيّن من الضغط الذي يُعدّ مفيداً ويساعد في تحسين الانتاجية، لكن بعد نقطة معيّنة وعندما يصبح الضغط كثيراً يؤدّي إلى خفض إنتاجية الفرد. ومن المستحيل التوقّع بشكل فردي كمية الضغط التي تُعدّ كثيرة بالنسبة لشخص ما كون العوامل المؤثّرة ذاتها كالازدحام المروري مثلاً قد يتم التعامل معها بطريقة مختلفة تماماً من قبل شخصين مختلفين بناءً لمستوى الضغط العام لدى الشخص وميكانيكية التحمّل والتأقلم التي يعتمدها هذا الشخص في الحالات التي يتعرّض فيها للضغوطات."

وأشار البروفسور بروسيغ إلى أن هناك نقاطاً إيجابية أخرى يجب النظر إليها عند البدء بتشغيل المترو. وأوضح بقوله: "إلى جانب عنصر الضغط الذي سيتأثر بشكل إيجابي، سوف يكون المترو نقطة لقاء لعدة مجموعات اجتماعية مختلفة ومتنوعة وهذا الأمر سيكون ممتعاً بالفعل. وبالطبع هناك حدوداً لمتسويات التفاعل بين الفئات بسبب وجود الدرجات المختلفة (الذهبية، الفضية، النساء، العائلات) على متن المترو، وهناك بعض التحديات لاستقطاب الأغنياء جداً ليتشاركوا وسيلة النقل ذاتها التي يعتمدها الكثيرون ومن بينهم القوى العاملة والموظفين الصغار. وفي هذا الجزء من العالم، لدى العديد من رجال الأعمال سائقين خاصين ويبدو أنهم المجموعة التي ستستخدم المترو بأقل حد."

وأكمل يقول: "عند الأخذ بالاعتبار عدد السكان في دبي الذين يشتكون من الازدحامات المرورية في المدينة، عندها تبدو واضحة الحاجة إلى وسيلة تنقّل بديلة. والعنصر الأبرز في تغيير رغبة الناس باستخدام سياراتهم الخاصة والانتقال إلى استخدام المترو تقف على سهولة الوصول إلى محطات وخطوط المترو وكيف سيتم التعامل مع والإجابة على مجموعة من الأسئلة مثل: كم هو سهل الوصول إلى محطة المترو والخروج منها؟ كيفية الوصول إلى الوجهة النهائية عند الوصول إلى المحطة المرغوبة؟ كم سيكون المترو مريحاً ومزدحماً؟ لكن كما نسمع عبر الوسائل الإعلامية، فإن هيئة الطرق والمواصلات في دبي تأخذ هذه النقاط بعين الاعتبار وهي تنشئ على سبيل المثال أبنية متعدّدة الطوابق لركن السيارات مجاناً لصالح مستخدمي المترو."

وتعمل هيئة الطرق والمواصلات بجهد كي تضمن رضى مستخدمي المترو من أول مرة وعدم شعورهم بأي إحباط وعدم رغبة باستخدامه مجدّداً بعد رحلتهم الأولى وذلك من خلال تسهيل الاستخدام عبر بطاقات الدفع المسبق الموحّدة والتي يمكن أيضاً استخدامها في الحافلات والتاكسي المائي. وبحلول موعد افتتاح الخط الأحمر، سيتم تشغيل 33 خطاً للحافلات لتلبية متطلبات المتنقّلين في 29 محطة مع معدّل وقت انتظار للحافلة لا يزيد عن 10 دقائق كحد أقصى."

وقال البروفسور بروسيغ أيضاً: "الجميع في دبي مهتم جداً بالمترو حالياً، لذلك فإن الانطباع الأول سيدوم، وإذا استمتع الناس بتجربتهم الأولى واكتشفوا أن المترو بالفعل يربط بين الخطوط الهامة بالنسبة لهم، عندها من الطبيعي أن يعتمدوا أكثر على هذه الوسيلة الجديدة في المستقبل. لكن بين أوساط الأشخاص الذين يركبون سياراتهم الفخمة للتمتّع بالرحلة مع بعض المزايا الجانبية الأخرى، كالبرهان على حالتهم الاجتماعية أو التقدير أو غيرها من الأمور الأخرى على سبيل المثال، فأنا أعتقد أنه سيكون صعباً على المترو المنافسة بشكل قوي."

وفي دراسة أجراها المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض ومنعها، يتم التشديد على جدول رياضي يومي يقوم على المشي لمسافة 10 آلاف خطوة، وتم الاكتشاف أن الأشخاص الذين يستقلّون القطارات يمشون مع معدّله 30 في المئة أكثر خلال كل يوم عمل عن الأشخاص الذين يستقلّون السيارات. كما تبيّن في الدراسة أن أكثر من 40  في المئة من هؤلاء الأشخاص يمشون 10 آلاف خطوة على الأقل في اليوم مقارنة بنسبة 14 في المئة فقط من مستخدمي السيارات.

وقال البروفسور بروسيغ أيضاً: "إن فكرة المشي والتمتّع بلياقة بدنية أفضل كعنصر استقطاب للناس كي يستخدموا المترو يمكن أن تكون جيدة، لكنني لا أعتقد أن الناس سيستخدمون المترو لهذا السبب فقط. ولعل زيادة عدد الممرّات المغطّاة التي تربط مناطق دبي بالمترو في المستقبل وخصوصاً في الصيف قد تدفع الناس للتفكير بالمترو كطريقة لممارسة الرياضة أيضاً."

وختم بقوله: "رغم توفر تقنية الاتصال Wi-Fi عبر الانترنت مجاناً في العربات والتي قد تكون محفّزاً للبعض لإنجاز جزء من الأعمال خلال اليوم، فإننا في مركز GNP الألماني المتخصّص بالأعصاب والطب النفسي، وبالطبع نظراً لاهتمامنا الرئيسي بالصحة العقلية للناس، ننصح ركّاب المترو بأن يركّزوا أكثر على تبادل الأحاديث الممتعة مع باقي الركّاب أو قراءة بعض المقالات الشيّقة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة خلال التنقّل بدلاً من التركيز كثيراً على العمل أثناء الرحلة."

© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن