مصر: 150 مليون دولار لشراء لياميش وفوانيس رمضان

تاريخ النشر: 19 أكتوبر 2005 - 05:46 GMT

يصاب المصريون في رمضان بحمى الشراء ويخضعون خضوعا كاملا لأوامر البطون•• ويأكلون في هذا الشهر الكريم ما لا يأكلونه في العام كله•• وتصاب الجيوب بانيميا حادة ولا تستطيع في رمضان أن ترفض طلبا•• فهي تنزف من أجل الفوانيس والياميش حتى إذا أقبل العيد يزداد نزيفها لشراء الملابس الجديدة ولوازم كعك العيد•• وتخرج الجيوب من رمضان والعيد خاوية على عروشها•• وقد ازداد نزيف الجيوب هذا العام بسبب تزامن رمضان مع موسم دخول المدارس فتضاعفت الفاتورة وثقل العبء على الناس•• ورغم ذلك لم يكن هناك مفر من تلبية المطالب فالآباء والأمهات لا يستطيعون كسر فرحة الابناء برمضان•• لذلك أكد الخبراء ان مائدة رمضان العامرة بالمكسرات والياميش بالاضافة إلى الفوانيس المستوردة من الصين تلتهم هذا العام أكثر من 150 مليون دولار•

وقد ارتفعت فاتورة الواردات هذا العام من السلع الرمضانية المتمثلة في الياميش و الفوانيس الصينية بنسبة 20 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي، رغم التراجع الملحوظ في كميات هذه الواردات• وارجع المستوردون السبب في ارتفاع الفاتورة إلى أن معظم الدول التي يتم الاستيراد منها رفعت أسعار منتجاتها لأسباب مختلفة منها ارتفاع أسعار الشحن والتفريغ نتيجة للارتفاع المتواصل لأسعار البترول أو لتراجع حجم المحصول لديها هذا العام، وبذلك ارتفعت قيمة الواردات المصرية من هذه السلع من 125 مليون دولار العام الماضي إلى 150 مليون دولار هذا العام أي ما يعادل 900 مليون جنية، منها 82 مليون دولار لواردات الياميش الرمضاني الذي تم استيراده من الولايات المتحدة وتركيا وإيران وسوريا و50 مليون دولار لواردات الفوانيس من الصين، والمفارقة هي استيراد بعض السلع الأساسية بقيمة اقل من استيراد الفوانيس الصينية حيث تم دعم الأسواق بكميات إضافية من السكر بقيمه 18 مليون دولار فقط•!!

ومؤشرات السوق في رمضان هذا العام تشير إلى أن ارتفاع أسعار السلع الرمضانية مرتبط بارتفاع الأسعار العالمية بنسب تتراوح بين 90 و150 في المئة، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر طن المشمشية من 700 دولار إلى ما يقرب من الألف دولار، لذلك وصل سعر الكيلو إلى 40 جنيها بعد أن كان في العام الماضي لا يتعدى 25 جنيها وارتفع سعر طن الزبيب من 600 دولار إلى 1250 دولارا، وطن التين من 1700 إلى 2000 دولار وطن اللوز من 8000 إلى 10 آلاف دولار بعد ان حددت الحكومة الأميركية سعر الكيلو منه بواقع 10،5 دولار، مما دفع سعره إلى الارتفاع في الأسواق المصرية بنسبة 25 في المئة مقارنة بالعام الماضي أما طن البندق فقد ارتفع من 7500 دولار إلى 9 آلاف دولار ليرتفع سعر الكيلو منه في الأسواق المصرية من 46 جنيها العام الماضي إلى 76 جنيها هذاالعام•

وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية لمعظم السلع الرمضانية فإن مستوى الأسعار للكثير منها شهد تراجعا طفيفا في الأسواق المصرية• وارجع المستوردون ذلك إلى التأثير الايجابي للإصلاحات الجمركية التي طبقت مؤخرا حيث تراجعت التعريفة الجمركية على الواردات من هذه السلع من 30 إلى 12 في المئة فقط• وهو ما جعل الأسعار تتراجع إلى حد ما، حيث تراجع سعر الكيلو من جوز الهند من 12 جنيها العام الماضي إلى 8 جنيهات العام الحالي وسعر الكيلو من التين السوري من 24 إلى 18 جنيها والقراصيا التركية من 37 إلى 24 جنيها فقط•

وشهدت أسعار الفوانيس الصينية هذا العام ارتفاعا ملحوظا حيث تراوحت أسعارها بين 6 جنيهات و35 جنيها، بينما في العام الماضي تراوحت بين 4 جنيهات و25 جنيها مما أعاد الإقبال هذا العام إلى الفانوس المصري ليستعيد بعض مكانته التي فقدها منذ سنوات أمام الفانوس الصيني حيث تراوحت أسعاره بين 3 جنيهات و20 جنيها للفانوس•

ولم يتوقف ارتفاع أسعار السلع الرمضانية عند حدود المستورد من الخارج، فقد ارتفعت أسعار البلح الرمضاني 'ياميش الفقراء ' بنسب تراوحت بين 20 و50 في المئة نظرا للتراجع الحاد في كميات المعروض منه في الأسواق فما زال المحصول الجديد على النخيل والمطروح منه حاليا يمثل الكميات التي تم تخزينها من العام الماضي، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع أسعار الطن لبعض الأنواع بنسب وصلت إلى 100 في المئة مثل البلح من نوع الشامية حيث كان الطن يباع العام الماضي بقيمة 1200 جنيه وارتفع إلى 2400 جنيه هذا العام•

ويقول رجب العطار -رئيس غرفة العطارة باتحاد الغرف التجارية- تسببت الظواهر الطبيعية التي حدثت في عدد من دول العالم إضافة إلى الارتفاعات المستمرة لأسعار البترول في اشتعال فاتورة الواردات من المكسرات والياميش الرمضاني رغم تراجع الكميات المستوردة منه، فخلال العام الماضي تسببت الحرائق التي حدثت في ولاية كاليفورنيا الأميركية في اشتعال أسعار اللوز والبندق لتصبح أعلى من مستوى الأسعار العام قبل الماضي، وفي العام الحالي تسبب إعصار كاترينا في استمرار مؤشر الارتفاع لمستوى الأسعار، حيث أدى الاعصار إلى تلف نسبة كبيرة من محصول البندق واللوز وإلحاق خسائر فادحة بالمزارعين هناك والذين رفعوا أسعار ما تبقى لديهم من المحصول لتعويض بعض هذه الخسائر، فارتفع سعر الطن بمقدار 2000 دولار دفعة واحدة بالاضافة إلى الإجراءات الأميركية الخاصة بتسعير الطن والتي تم اتخاذها لتعويض التكلفة المرتفعة للطاقة نتيجة ارتفاع أسعار البترول، وهو الأمر الذي دفع الكثير من مستوردي الياميش الرمضاني إلى التعاقد على استيراد كميات اقل مما كنا نستورد في الأعوام الماضية•

ويرى مصطفى زكي -رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية- ان الياميش فقد الكثير من حصته في السوق المصرية هذا العام بسبب الارتفاع المستمر لأسعاره محليا نتيجة الارتفاع المستمر للأسعار العالمية•وأرجع سبب ارتفاع اسعار الياميش هذا العام الى ارتفاع تكلفة الشحن والتفريغ إضافة إلى رسوم التأمين على الشحنات نتيجة استمرار حالة عدم الاستقرار في العالم• ويؤكد ذلك تراجع أسعار السلع التي تم استيرادها من الدول القريبة من مصرمثل سوريا حيث تراجع سعر قمر الدين من 12 جنيها العام الماضي إلى 8 جنيهات حاليا، ونفس الحال للتين السوري والقراصيا التركية واللوز الإيراني والذي يباع الكيلو منه باثنين وخمسين جنيها على الأكثر•وقال :" أن التوقعات السائدة بين مستوردي الياميش هذا العام هي استمرار الركود والكساد في الأسواق الخاصة بهذه السلع نظرا لارتفاع الأسعار إضافة إلى أن شهر رمضان هذا العام تزامن مع بداية العام الدراسي الجديد مما يعني أن جزءا كبيرا من ميزانية الأسرة ذهب لمستلزمات دخول المدارس"•

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم أن هذه الواردات أصبحت ضد الصناعة المصرية، ففي هذا العام مثلا، تم إنفاق 50 مليون دولار على استيراد الفوانيس من الصين لتضرب بذلك صناعه الفوانيس في مصر، التي كان رمضان فيما سبق سببا في رواجها وانتعاشها وفقدنا بسبب هذه الواردات نقدا أجنبيا تجاوز حدود 150 مليون دولار، انفقت على استيراد الياميش والمكسرات من تركيا وسوريا وإيران، رغم أن الياميش ليس ضروريا للمائدة وتوجد بدائل محليه كثيرة له كما زادت كميه السكر والدقيق المستوردين، وتم طرح ما يزيد على 108 آلاف طن سكر، وزادت الكميه المطروحة من الدقيق بنسبه 200 في المئة، والسلعتان تستخدمان أيضا في أمور هامشيه، كصناعه الحلويات الشرقية، أضافه لوجوب صناعه الكعك والبسكويت في العيد•

ويقول الدكتور سلطان أبوعلي - وزير الاقتصاد الأسبق- أن أنماط استهلاك المصريين في رمضان، تحتاج في مواجهتها لحكومة اضافيه، حيث تجد الحكومة نفسها ملزمة بتوفير السلع حتى الهامشي منها وإلا واجهت حالة من السخط العام لا مثيل لها، مما يرهق العمل الحكومي ويكاد يعطل خطط التنمية الحقيقية•وأشار إلى أن المجتمع المصري يتسم بانخفاض نسبه الادخار، حيث لا تتعدى النسبة 15 في المئة، وحتى يكون هناك تسارع في معدلات النمو يجب إلا تقل نسبه الادخار عن 35 في المئة، ومن المفترض أن يكون الاستعداد لشهر رمضان بالادخار والتفرغ للعبادة وعمل الخير لا بالاسراف وإرهاق الاقتصاد الذي يعاني أصلا طوال العام، لكن العكس هو الذي يحدث حيث تتدنى نسبة الادخار إلى اقل من 15 في المئة في شهر رمضان، بسبب أنماطنا الاستهلاكية السيئة•

وقال الدكتور محمد النجار -أستاذ الاقتصاد بجامعه بنها- انه في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وفي ظل الموارد المحدودة من النقد الأجنبي تصبح عملية إهدار العملات الأجنبية في استيراد سلع أقل ما توصف به بأنها ساذجة مسألة تحتاج إلى إعادة نظر•وأوضح أن حظر استيراد الفانوس أو غيره من السلع الهامشية ليس ضد قوانين التجارة العالمية لأنه يرتبط بظروف اقتصادية بالغة الصعوبة وقتل صناعة محلية بالغة العراقة والخصوصية•

© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)