مليارديرات الخليج يستثمرون 52% من أموالهم محلياً
من المتوقع أن تنمو الثروات التي يملكها كبار الأغنياء في دول مجلس التعاون الخليجي، وهم أصحاب الثروات الاستثمارية التي تزيد على مليار دولار أميركي، من 2.1 تريليون دولار في عام 2007 إلى 3.8 تريليونات دولار بحلول عام 2012، وفقاً لتحليلٍ أجرته مؤسسة أوليفر وايمان للاستشارات الإدارية، على قطاع الأعمال المصرفية الخاصة في العالم.
وفي تقريرها الذي نشرته امس بعنوان «مستقبل الخدمات المصرفية الخاصة - ثروة من الفرص؟»، وجدت أوليفر وايمان أن الانطلاقة الكبيرة لسوق الأسهم وتكوين الثروات غير المسبوق قاد إلى نمو سنوي سريع بمعدل 11% في أصول أصحاب الثروات الكبرى عالمياً. لكن بسبب الأوضاع القاسية التي تعاني منها الأسواق، فإنه من المتوقع أن يتباطأ النمو السنوي إلى 9% خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال ستيفان جاكلين، الشريك في مؤسسة أوليفر وايمان ورئيس قسم ممارسات إدارة الثروات والأصول: «إن المنافسة المتزايدة والظروف الصعبة التي تشهدها الأسواق شكلا معاً نقطة بداية لعصر مليء بالتحديات أمام قطاع الخدمات المصرفية الخاصة في العالم. ونتوقع أن تختلف معدلات النمو بشكل كبير باختلاف المناطق، وستتصدر المجموعة منطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ باستثناء اليابان. ومع القوة التي تتمتع بها هذه الأسواق الناشئة بالإضافة إلى البيئات المتغيرة في العالم ستتوافر أمام الأطراف العالمية القادرة على أداء أدوار مميزة، فرص جديدة لبناء علامة مميزة».
ويظهر تحليل أوليفر وايمان أن ما يقدر بنسبة 16% من ثروات كبار الأغنياء عالمياً تم استثمارها خارج دولها في عام 2007 (اما للشرق الأوسط فيقدر التحليل أن 52% من ثروات كبار الأغنياء تم استثمارها خارج دولها.) لكن مقابل ذلك نما توجه قوي بين أغنياء دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة الثروات لأوطانهم واستثمارها في المنطقة. وبالنسبة لمثل هذه الأسواق المعروفة تاريخياً باستثمار أموالها في الخارج فإن على العاملين في الاستثمار الآن توظيف فرق مكرسة لخدمة العملاء محلياً، كما أن العديد من المؤسسات الأجنبية لإدارة الثروات بدأت تزيد من تغطيتها لمنطقة الشرق الأوسط.
أبرز التقرير أيضاً أن الضغوط التشريعية العالمية على التهرب من الضرائب ستستمر في الازدياد، مع تناقص حجم الاستثمارات المصرفية التي تسعى وراء بيئات الضرائب المخفضة في الخارج خلال السنوات المقبلة. وثمة اتجاه مستمر نحو الاستثمار «المحلي» للأصول المالية، ومن المرجح أن تؤدي الأعمال المصرفية في الخارج ذات الشفافية الضريبية إلى تغيير استراتيجيات المصارف الخاصة وحتى مراكز الاستثمار الخارجي نفسها.
ومن التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط ندرة مديري علاقات العملاء ذوي الكفاءة والخبرة، في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى فرق مخصصة في المنطقة لتغطية الاحتياجات الاستثمارية لعائلات المليارديرات وأصحاب الثروات الكبرى.
وقال السيد جاكلين: «في هذه المنطقة، فإن العامل الحاسم لم يعد العثور على العملاء - فأعداد المليارديرات تتزايد بسرعة - ولكن الأهم هو العثور على مديري العلاقات المهرة والمؤهلين للعمل في هذا السوق. ويعتبر مدير علاقات العملاء الجيد الأساس الأكثر أهمية للفوز بالعملاء والاحتفاظ بهم، خاصة في الشرق الأوسط الذي تلعب فيه العلاقات الشخصية دوراً كبيراً».
ومع تزايد الصعوبات التي تواجهها بيئة الأسواق، تتوقع أوليفر وايمان أن تخضع بعض القرارات الاستراتيجية التي تتخذها المصارف الخاصة للتدقيق بشكل متزايد، وستزيد أهمية القرارات المتعلقة بالتوسع الجغرافي واختيار نموذج التوزيع واختيار الهيكل العام للعمل. وفيما يتعلق بنماذج التوزيع، وجدت أوليفر وايمان أن علاقات العملاء في نموذج الأعمال المصرفية المحلية الخاصة في أوروبا يولد قيمة أكبر للمساهمين بما يعادل ثلاث إلى أربع مرات في المتوسط عما هو في النموذج الأميركي التقليدي الذي يعتمد على أسلوب الوسيط أو التاجر.
وأضاف جاكلين قائلاً: «يجب أن ينمّ.ي مديرو الثروات فهماً شاملاًَ للعوامل الرئيسية لرفع القيمة بما يتجاوز مجرد «الأصول المدارة> فقط. وتشمل المجالات المهمة التي يجب أن تسترعي انتباه الإدارة: الهيكل العام، وأنظمة إدارة المخاطر، وتعزيز العلامات التجارية، وتحديد موقع الشركة ولمن تتوجه بخدماتها ومنتجاتها».
نتائج أخرى للتقرير
• التركيز على أصحاب المشروعات الجديدة - تؤكد أوليفر وايمان على الأهمية المتزايدة لأصحاب المشروعات الجديدة ضمن مجموعة العملاء الكاملة، على حساب أصحاب «الثروات التقليدية». وقد أتى أكثر من نصف نمو سوق أصحاب الثروات الكبرى من رواد المشروعات الجديدة، ولذلك بات هذا القطاع بحاجة إلى تغيير أو تعديل أنواع المنتجات والخدمات التي يقدمها. ويجب على العاملين في المصارف الخاصة زيادة التنسيق بين وحدات الأعمال في مؤسساتهم، وعرض مزيد من الخدمات والاستثمارات التي يتم تفصيلها حسب الرغبة في سبيل بناء علاقات أكثر متانة مع العملاء.
• الهيكل العام للشركة: يعمل العديد من المصارف الخاصة ومديرو الثروات تحت سقف واحد مع وحدات الأعمال المصرفية الاستثمارية. ومع أن التعاون موجود في هذا النموذج التجاري، فإن أوليفر وايمان وجدت أنه من الصعب غالباً تحقيق التعاون على أرض الواقع. والأهم من ذلك أن هذا الوضع قد يعرض سمعة المصارف الخاصة إلى خطر كبير، كما تبين من التقلبات وعمليات شطب الديون التي تعرضت لها الأسواق حديثاً.
• أنظمة إدارة المخاطر: مع تزايد تعقيدات الأعمال، تحتاج المصارف الخاصة إلى تجديد نظرتها حول إدارة المخاطر. وتتوجه استراتيجيات إدارة المخاطر في الأعمال المصرفية حالياً بقوة نحو ضمان استرجاع الديون والمسائل المتعلقة بالسيولة. لكن في المصارف الخاصة تكون النقطة الأخيرة أقل أهمية غالباً من المخاطر غير المالية وتأثر السمعة (مثل أمن البيانات والاحتيال إلخ). وقد لا تهدد هذه الأخطار وجود المصرف الخاص، لكنها تعرض امتيازاته للخطر، وقد تضر تماماً بفوائد المساهمين بشكل لا يمكن معالجته.
• العلامة التجارية: إن المصارف الخاصة لا تعمل في قطاع الأعمال المصرفية فحسب، بل تشكل السمعة والعلامة التجارية البارزة قدراً لا يقل أهمية عن خدماتها الاستثمارية. وتساعد العلامة التجارية على جذب العميل «الصحيح» والاحتفاظ به. لذا فإن مديري الثروات بحاجة لابتكار رسالة مناسبة يمكن تبليغها عبر صورة العلامة التجارية كأحد المكونات الرئيسية في الحفاظ على قيمة الأعمال وتنميتها. ويقول ديفيد هنسلي، كبير المشاركين في ليبينكوت (Lippincott)، أحد فروع مجموعة أوليفر وايمان: «تحتاج المصارف الخاصة لإدارة علاماتها التجارية لتميز نفسها في هذا السوق الذي تزداد حدة التنافس فيه».
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)