نظرة عامة على أسواق الأسهم في الشرق الأوسط لعام 2008

تاريخ النشر: 08 يناير 2009 - 08:50 GMT

أنهت أسواق الأسهم في الشرق الأوسط لعام 2008 بنتائج متفاوتة بعد أن شهدت الأسواق نصف عام كارث، حيث هبط المؤشر العام للأسواق العربية إلى حوالي 55% خلال السنة. وقد خسر المؤشر العام ما يقارب 6% في ديسمبر لوحده بسبب المزيد من الخسائر في سوقي الأسهم الإماراتية والكويتية. أما السوق الإقليمية الكبرى، وهي المملكة العربية السعودية، فقد أبدت أداء إيجابيا، في حين نهضت السوق المصرية، وهي الكبرى خارج منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، من تعثرها بعد خسائر فادحة في الأشهر القليلة الماضية. وواصلت أسواق الأسهم الإماراتية معاناتها بسبب مجموعة من العوامل المحلية والعالمية لتنهي العام كأسوأ الأسواق أداء بعد أن خسرت ما يفوق 14% خلال الشهر الأخير من السنة.

وفي إشارة إلى أن المستثمرين بدؤوا بالتمييز بين الأسواق والأسهم المختلفة، في أعقاب عمليات بيع شاملة شهدتها الأشهر الماضية، فقد أبدت الأسواق الإقليمية ردود فعل مختلفة خلال ديسمبر إزاء العوامل المحلية والإقليمية والعالمية. وقد أكدت سوق دبي المالية مركزها الأخير كأسوأ الأسواق أداء، بمجموع خسائر بلغ 72% خلال العام 2008، بينما أبدت سوق أبوظبي أداء أفضل نسبيا بخسارة بلغت 48% خلال السنة. وساهم التحسن القوي في السوق القطرية في الشهر الأخير في تقليل خسائرها الإجمالية للعام 2008 إلى نحو 28%، لتكون أفضل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أداء، وأفضل أسواق المنطقة إلى جانب الأسواق الصغرى كالمغرب وتونس والأردن. كما كان التحسن التطفيف في السوق السعودية خلال ديسمبر انتعاشا طيبا، إلا أن هذه السوق المهمة أنهت العام بانخفاض إجمالي يقارب 56%.

وبالتطلع إلى العام 2009 فإننا نشعر بتفاؤل حذر، ونتوقع أن تكون المرحلة الأسوأ قد مرت، وأن تتحسن مشاعر المستثمرين تدريجيا، وكذلك أداء أسواق الأسهم. إلا أن التعافي لن يكون بالمستوى ذاته في كافة الأسواق والقطاعات، حيث سيتفاعل المستثمرون بشكل مختلف مع البيئة الاستثمارية المعقدة محليا وعالميا. وستكون الصورة الاقتصادية العالمية ذات أهمية كبيرة، لكن العوامل المحلية ستلعب كذلك دورا متزايد الأهمية مع إعلان الحكومات عبر المنطقة عن الإجراءات المالية والنقدية والتشريعية للتعامل مع التحديات الحالية التي تفرضها الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار النفط.

المملكة العربية السعودية
في شهر ديسمبر من عام 2008 أغلقت السوق الإقليمية الكبرى على مكاسب شهرية طفيفة، لكنها منيت بخسارة سنوية قدرها 56%. وكان الدافع خلف مكاسب شهر ديسمبر الأداء الإيجابي في أسهم الشركات الكبرى من أمثال سابك وسافكو، والتي تفاعلت إيجابيا مع التحسن الطفيف في الأسواق العالمية والارتفاع الذي شهدته أسعار النفط نهاية العام، بالإضافة إلى المكاسب التي حققتها "الاتصالات السعودية". وقد تعززت مشاعر المستثمرين بفضل الإعلان عن موازنة قياسية للمملكة بلغت 475 مليار ريال (127 مليار دولار) وتعهدات الحكومة بدعم النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق على استثمارات البنية التحتية وتوفير المزيد من الوظائف، على الرغم من انخفاض العائدات بسبب انخفاض إنتاج وأسعار النفط. ويمكن النظر إلى العجز المتوقع في موازنة العام 2009 والبالغ 17 مليار دولار في سياق الفائض المقدر بـ 178 مليار دولار عام 2008. وبفضل المكانة المالية المتينة بعد خمس سنوات من العائدات القياسية، فإن المملكة تتمتع بهامش حماية كبير من تأثيرات الأزمة المالية العالمية.
وفيما تبلغ التقييمات الحالية للأسهم أقل من تسع مرات أرباحها في العام 2008، وحصيلة توزيعات الأرباح التي تقارب 5%، والسياسة المالية والنقدية التوسعية، فإن الأسهم السعودية في وضع يؤهلها للاستفادة من أي تحسن في البيئة الاقتصادية العالمية. وستكون نتائج أرباح الربع الرابع مهمة في هذا السياق لأن السوق كانت تتوقع الأسوأ، وأي نتيجة أفضل من التوقعات بالغة السوء ستعمل على دعم الأسهم. كما سيكون عرض الاكتتاب الأولي العام البسيط بقيمة 300 مليون ريال سعودي من مزود الاتصالات الجديد "عذيب تليكوم" اختبارا جيدا لتوجهات المستثمرين.

الإمارات العربية المتحدة
أنهت الأسهم الإماراتية شهر ديسمبر بالمزيد من الخسائر الشهرية حيث بلغت 14%، لتصل بأدائها خلال العام 2008 إلى خسارة تقارب 70%. وقد تحملت الأسهم المدرجة في سوق دبي المالية الجانب الأكبر من الخسائر خلال الشهر والعام. ففي استمرار للتوجه خلال الأشهر الماضية، شهدت قطاعات البنوك والعقارات أكبر قدر من الخسائر في سوق دبي المالية حيث خسرت أسهم شركات كبرى من أمثال إعمار و"الاتحاد العقارية" وديار و"بنك الإمارات دبي الوطني" ما بين 20 – 33%، بينما خسر "بنك دبي الإسلامي" ما يقارب 35%. وفي الجانب الآخر فقد أنهت شركة الإنشاءات الرائدة أرابتك الشهر دون تغير في نتائجها بسبب ارتفاع في أسعار أسهمها نتج عن طمأنة المستثمرين من خلال مجموعة من العقود الجديدة المقبلة ومضاعفة رأس المال بأسهم منحة. أما في أبوظبي، فقد خسرت الأسهم الرائدة مثل أسهم "بنك أبوظبي الوطني" واتصالات والدار ما بين 15 إلى 27% من قيمتها، بينما خسرت أسهم "بنك أبوظبي التجاري" رقما كبيرا وصل إلى 33%، ما جعل المستثمرين قلقين حيال جودة الأصول في قطاع البنوك.
وتبلغ تقييمات الأسهم المدرجة في الأسواق الإماراتية حوالي خمس مرات أرباحها في العام 2008، وهي الأقل في المنطقة وواحدة من التقييمات الأكثر جذبا في العالم. لكن بسبب بقاء حالة التشكك المحيطة بعمليات إعادة الهيكلة المعلنة في قطاع التمويل العقاري، ونقص حجم قاعدة المستثمرين المحليين، فإن تعافي السوق في المدى القريب يبدو مستبعدا، على الرغم من التقييمات بالغة الجاذبية. وقد تم الإعلان عن موازنة اتحادية قياسية بلغت 42.2 مليار درهم إماراتي (11.5 مليار دولار) للعام 2009، ما يمثل زيادة قدرها 21% على موازنة العام 2008، وستعلن دبي عن موازنتها للعام 2009 قريبا، فيما يشير كبار المسؤولين إلى أنها ستكون أكبر من موازنة العام 2008، والتي حققت رقما قياسيا وصل إلى 135 مليار درهم (37 مليار دولار). وما تزال السيولة شحيحة، فيما يسعى البنك المركزي إلى تحديد النمو الائتماني بنسبة 5 – 10% مع السماح للبنوك بالحصول على السيولة من خلال تسهيلات خاصة، ومن خلال تسهيلات مبادلة الدولار الأمريكي التي تم تقديمها مؤخرا، ما أدى حتى الآن إلى انخفاض أسعار الإقراض بين البنوك قليلا.

دولة الكويت
سوق الأوراق المالية الكويتية أنهت شهرا من الاضطرابات، حيث قاربت خسارة ديسمبر 12%، ما يجعل مجموع خسائر العام 2008 تصل إلى 38% بعد أن ارتفعت بنسبة تقارب 25% في معظم النصف الأول من العام. وقادت الشركات الاستثمارية خسائر الشهر الأخير، حيث خسر كل من "بيت الاستثمار العالمي" و"دار الاستثمار" أكثر من 50% من قيمة أسهمها. أما شركة الاتصالات الكبرى زين فقد خسرت حوالي 23% خلال ديسمبر، حيث شهدت خسائر كبيرة بعد إعلانها عن توزيعات الأرباح التي كانت أقل من التوقعات. وما يزال المستثمرون قلقين جدا حيال جودة الأصول والسيولة في القطاع الاستثماري في أعقاب أزمة السيولة في "بيت الاستثمار العالمي". كما لا يزال هناك شيء من التشويش بشأن توقيت الدخول المتوقع لـ "الهيئة العامة للاستثمار" الكويتية إلى السوق.
أما تقييمات الأسهم الكويتية فهي من ضمن أكثر التقييمات جذبا في المنطقة، وقد بدأ البنك المركزي بعملية جريئة لتقديم التسهيلات النقدية بتقليل أسعار الفائدة ومتطلبات الاحتياطيات. وما تزال المخاوف المستمرة حول قطاع الاستثمار والنزاعات السياسية المتواصلة تلقي بظلالها على المستثمرين وتؤخر تعافي السوق على الرغم من التوقعات الجاذبة والدعم الرسمي للسوق.

دولة قطر
كانت السوق القطرية أفضل الأسواق الإقليمية أداء في الشهر الماضي، حيث بلغت مكاسبها حوالي 13% مع عودة المستثمرين المحليين والأجانب إلى السوق، في أعقاب الخسائر الكبيرة التي منيت بها عبر الأشهر الماضية. وقد تعززت السوق بفعل مكاسب "صناعات قطر" التي بلغت 28% ومكاسب أسهم "بنك قطر الوطني" البالغة 17%. وقد أبدت السوق مؤخرا حساسية كبيرة تجاه البيئة العالمية وأسعار النفط، واستفادت من تحسن كليهما خلال الشهر. ويتوقع أن يكون الاقتصاد القطري واحدا من أسرع الاقتصادات نموا على المستوى العالمي خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث يتمتع بالقدرة على تمويل البنية التحتية الضخمة وإمكانات إنتاج الغاز على الرغم من أزمة الائتمان العالمية. وبهذا، وعلى الرغم من التقييمات التي بلغت عشر مرات من المكاسب لتجعل من السوق القطرية الأغلى في المنطقة، فإننا نتوقع أن تستمر السوق في جذب اهتمام المستثمرين الإقليميين والعالميين.

سلطنة عُمان
أنهت أصغر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي شهر ديسمبر بخسارة قدرها 13%، لتصل بمجموع خسائر العام 2008 إلى ما يقترب من 40%. وقد ظهرت الخسائر في كافة قطاعات السوق، حيث كانت "كابلات عُمان" الأسوأ أداء بعد خسارتها لحوالي 40% من قيمتها خلال العام 2008. كما شهدت أسهم رائدة مثل "بنك مسقط" وعمانتل خسائر منخفضة نسبيا بلغت 8% من قيمتها، ما أنقذ المؤشر من خسائر أكثر فداحة. وتتماشى تقييمات الأسهم العمانية مع المعدل الإقليمي، وتنتظر السوق الإعلان عن نتائج الربع الرابع من كبرى الشركات لتحدد ما إن كانت التقييمات الحالية جذابة.

جمهورية مصر العربية
مدفوعة بأداء قوي جدا في ديسمبر من قبل كل من أوراسكوم تليكوم والبنك التجاري الدولي، فقد أنهت السوق الإقليمية الأكبر خارج دول مجلس التعاون الخليجي عامها بمكاسب شهرية تقارب 9%، ما قلل إجمالي خسائر العام 2008 إلى 57% لتكون ثاني أسوأ الأسواق الإقليمية أداء بعد سوق دبي المالية. وقد استفادت السوق من تحسن الوضع العالمي وازدياد التدفق من مستثمري الأسواق الناشئة. كما تبدو الصورة الاقتصادية الكلية في مصر أفضل بقليل بفضل تخفيف ضغوط التضخم، ما منح الحكومة المزيد من المجال لتطبيق الحوافز النقدية من خلال تقليل أسعار الفائدة. كما ساعدت الحزمة المالية الحكومية لدعم الاقتصاد في تعزيز مشاعر المستثمرين، ويمكن توقع التعافي من تلك المستويات المنخفضة، إذا لم تواصل الأسواق العالمية انحدارها.

© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن