تقرير بيت الاستثمار العالمي "جلوبل"- الكويت- قطاع الأسمدة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا – تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موطنا للعديد من شركات الأسمدة وهي في غالبيتها إما مملوكة لدول المنطقة أو مملوكة للقطاع الخاصّ. ولا يوجد سوى عدد قليل منها مدرج في أسواق المنطقة في حين تعمل الشركات الأخرى كمؤسسات فرعية تابعة للكيانات الصناعية الضخمة (مثل مجموعتي سابك وصناعات قطر) أكثر من كونها شركات متخصصة في صناعة الأسمدة فقط. وكانت الطاقة الإنتاجية للأسمدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد ارتفعت خلال الأعوام السبعة الماضية بمعدّل سنوي مركب نسبته 3.5 في المائة مقارنة بالمعدّل العالمي البالغ 2.8 في المائة مما أدّى إلى زيادة نسبة مساهمة المنطقة في إجمالي الطاقة الإنتاجية العالمية للأسمدة لتصل إلى 12 في المائة. علاوة على ذلك، بقيت الطاقة الإنتاجية للأسمدة في المنطقة خلال العام 2007 ثابتة عند مستوى 27.7 مليون طن. وتتمثّل الأسباب الرئيسية لزيادة الطاقة الإنتاجية للأسمدة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا خلال السنوات السبعة الماضية إلى (أولا) توفر الغاز الكافي في المنطقة، (ثانيا) وفرة المواد الخام مثل البوتاس والفوسفات، و(ثالثا) ارتفاع الطلب على الأسمدة في جنوب و شرق آسيا.
نمت ربحية الشركات المتخصصة في صناعة الأسمدة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا عموما بنسبة 149 في المائة في التسعة شهور الأولى من العام 2008 لتصل إلى 1.78 مليار دولار أمريكي بالمقارنة مع 717 مليون دولار أمريكي في ذات الفترة من العام الماضي. ولم تكن الأرقام المالية للشركات غير المُدرجة في أسواق المنطقة والشركات الحكومية متوفرة و إلا كان من الممكن ملاحظة أي طفرة أخرى في صافي ربح القطاع. وقد كان هذا النمو مُمكنا نظرا لارتفاع أسعار منتجات الأسمدة بسبب انعدام التوازن بين العرض والطلب وتوافر المواد الخام التي تؤمِّن وتعزز هامش ربحيتها.
سجّلت شركة الأسمدة العربية السعودية ربحا صافيا قدره 998 مليون دولار أمريكي خلال التسعة شهور الأولى من العام 2008 بالمقارنة مع 391 مليون دولار في ذات الفترة من العام 2007 بارتفاع بلغت نسبته 155 في المائة. و يُعزى هذا الارتفاع البالغ 155 في المائة أساسا إلى تحسّن أسعار منتجاتها من الأسمدة والتأثيرِ الكامل لزيادة إنتاج الشركة من الخطوط الجديدة.
سجّلت شركة مناجم الفوسفات الأردنية ربحا صافيا مقدراه 287 مليون دولار أمريكي عن التسعة شهور الأولى من العام 2008 بالمقارنة مع 44.2 مليون دولار في ذات الفترة من العام 2007، بزيادة بلغت نسبتها 550 في المائة. وتعزى الزيادة في ربح الشركة إلى القفزة الهائلة التي شهدتها أسعار صخور الفوسفات والمُنتجات المصاحبة لها مثل الحامض الفوسفوري، و حامض الكبريتيك وثنائي الفوسفات الأمونيا.
ارتفعت ربحية شركة البوتاس العربية بنسبة 82 في المائة لتصل إلى 307 مليون دولار أمريكي بالمقارنة مع 169 مليون دولار أمريكي في ذات الفترة من العام الماضي. ويرجع النمو في أرباح الشركة إلى ارتفاع أسعار السلع. وقد تفاوضت الشركة بشأن رفع أسعار منتجاتها للعقود المُبرمة اعتبارا من مايو 2008 وذلك بسبب الأساسيات القوية للقطاع الزراعي والتي تتضمّن الارتفاع الكبير في الطلب، وضيق العرض، وتضاؤل مساحة الأراضي الصالحة للزراعة.
سجّلت شركة أبو قير للأسمدة، والتي تُعد المُنتِج الرئيسي لأسمدة النيتروجين في مصر حيث تبلغ حصتها قرابة 62 في المائة من السوق المحلي للأسمدة، ربحا صافيا بلغت نسبته 61 في المائة في التسعة شهور الأولى من العام 2008 (للفترة الممتدة من شهر يناير حتى شهر سبتمبر عام 2008)، ليصل إلى 154 مليون دولار أمريكي. و جاء هذا النمو نتيجة للزيادة الهائلة في مبيعات الشركة و التي تعزى بدورها إلى الارتفاع الذي شهدته أسعار أسمدة النيتروجين المحليّة، في حين ارتفع صافي الربح المجمّع للشركة المالية والصناعية المصرية (EFIC)- المُنتِج الرئيسي لأسمدة الفوسفات في مصر الذي تبلغ حصته 70 في المائة من حصة السوق- ارتفاعا ملحوظا خلال التسعة شهور الأولى من العام 2008 بلغت نسبته 128.4 في المائة ليصل إلى 40.5 مليون دولار أمريكي، بالمقارنة مع 17.7 مليون دولار أمريكي المسجّلة في التسعة شهور الأولى في العام 2007. و تعزى الزيادة في صافي ربح الشركة المالية و الصناعية المصرية إلى الارتفاع الذي شهدته في المبيعات المجمّعة التي سجّلت نموا مضاعفا خلال التسعة شهور الأولى من العام 2008. و ارتفعت أسعار الأسمدة الفوسفاتية ارتفاعا ملحوظا يزيد على الضعفين خلال التسعة شهور الأولى من العام 2008، هذا بالإضافة إلى الطاقة الإنتاجية الجديدة التي أُضيفت لشركة السويس للإنتاج الأسمدة (SCFP) المملوكة بنسبة 99.88 في المائة للشركة المالية و الصناعية المصرية التي بدأت إنتاجها التجاري في العام 2008.
على مدار العامين الماضيين، ارتفعت أسعار الأسمدة العالمية و يرجع ذلك بصفة أساسية إلى ارتفاع أسعار المواد الخام في أميركا الشمالية و أوروبا و شرق آسيا. بالإضافة إلى ذلك، لم تُمنح أي إعانات مالية لأسعار المواد الخام في هذه المناطق. ولذا، شهدت أسعار الأسمدة الكيماوية الأساسية في هذه المناطق زيادة بلغت نسبتها 35.8 في المائة في الحامض الفوسفوري بينما قفزت أسعار حامض الكبريتيك من 75.1 دولارا للطن في العام 2005 إلى 96.9 دولارا للطن في العام 2007. ومن ناحية ثانية، يتوافر الغاز الخام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأسعار مدّعمة جداً كما أنّه ليس مرهونا بأسعار الغاز في الأسواق العالمية. و يعزى ذلك بصفة أساسية إلى وفرة الإنتاج والمعروض من الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و اعتماد اقتصاد جنوب آسيا على الزراعة.
ارتفع متوسط سعر الفوسفات ثنائي الأمونيا بأكثر من 80 في المائة و تجاوز علامة 900 دولارا للطنّ في العام 2008 بينما ارتفعت أسعار سماد اليوريا بنسبة 25 في المائة خلال العام 2008 لتصل إلى 375 دولارا للطنّ. و في العام 2007، بلغ متوسط السعر العالمي للبوتاس 200.0 دولارا للطنّ بالمقارنة مع 174 دولار للطنّ في العام 2006.و لكنه ارتفع ارتفاعا ملحوظا ف العام 2008 (في الفترة الممتدة من شهر يناير حتى شهر أغسطس) بالغا 479.6 دولارا للطنّ، بزيادة قدرها 140 في المائة. و شهدت أسعار صخور الفوسفات زيادة هائلة؛ إذ ارتفع متوسط أسعارها من 44.2 دولارا للطَنّ في العام 2006 إلى 70.93 دولارا للطَنّ في العامين 2007 و2008، محطّما بذلك جميع الأرقام القياسية السابقة وصولا إلى ارتفاع قدره 430 دولارا للطنّ في شهر سبتمبر عام 2008.
ومن المُرجح أن يظهر إنتاج الأسمدة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا زيادة سنوية تتجاوز نسبتها 10 في المائة في العام 2008، حيث أن أي نمو إضافي سوف يكون مقيدا فقط بقدرة المصانع على إنتاج كميات أكبر من اليوريا والأمونيا، والميلامين، وحمض الكبريتيك وهي جميعها عناصر الرئيسية في تصنيع الأسمدة الكيماوية. لذا، فالقطاع مستعد لحملة توسعيّة ضخمة، باستثمارات مخططة تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار بغرض بناء مصانع أكبر لإنتاج 60 مليون طن من الأسمدة بحلول العام 2010 وما يقرب من 70 مليون طن بحلول العام 2012.
تسعى شركة معادن للفوسفات السعودية - وهي شركة تعدين مملوكة للدولة- إلى تزويد سوق الأسمدة العالمي بما نسبته 20 في المائة من الفوسفات عند افتتاحها مجمّع رأس الزور. و صرّحت الشركة بأنّ هذا المجمّع المتكامل الذي تبلغ تكلفته 5.5 مليار دولار سيصبح أكبر مُنتِج لسماد الفوسفات ثنائي الأمونيوم عند الانتهاء من إنشاء المجمّع، ليستحوذ بذلك على خُمس السوق العالمي للأسمدة. وسوف يؤثّر الإنتاج الجديد لهذا المجمّع على منافسي المملكة في المنطقة و خاصّة الأردن التي أنتجتْ 600 ألف طن من الفوسفات ثنائي الأمونيوم في العام 2006، و المغرب التي أنتجت 1 مليون طن، و كذلك تونس التي بلغ حجم إنتاجها 1.1 مليون طن. هذا و سيبقى المكتب الشريف للفوسفات المملوك للدولة المغربية أكبر مُصدِّر لجميع منتجات الفوسفات على مستوى العالم و من ضمنها منتجات الحامض الفوسفوري، بالإضافة إلى أسمدة أخرى، والفوسفات أحادي الأمونيا.
ولتلخيص ما سبق، ما زلنا متفائلين بشأن النظرة المستقبلية لقطاع الأسمدة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا بفضل الأساسيات القوية التي يتمتع بها القطاع وتحسّن إجراءات الرقابة على التكاليف. وقد سجّلت المنطقة معدّل استخدام للأسمدة تجاوز نسبة 100 في المائة في العام 2007، و هو ما يعزى أساسا إلى الزيادة الهائلة في الطلب على الأسمدة في جنوب و شرق آسيا. و سوف يظل التركيز على التقنيات الزراعية المُبتكرة والسعي إلى زيادة المحاصيل الزراعية يبشر بنتائج إيجابية لقطاع الأسمدة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)