تسييس وكالة الطاقة الذرية يعزز سباق التسلّح النووي

تاريخ النشر: 31 يناير 2013 - 01:48 GMT
يمثل خطر الأسلحة النووية واحدة من كبري المشاكل الملحة في العالم اليوم
يمثل خطر الأسلحة النووية واحدة من كبري المشاكل الملحة في العالم اليوم

يمثل خطر الأسلحة النووية واحدة من كبري المشاكل الملحة في العالم اليوم، وقد كثر في السنوات الأخيرة الخوض في هذا الملف، حيث فشل العالم تقدما بشأن نزع الأسلحة النووية، وفي هذا السياق يرى الخبراء أن إنقاذ العالم من خطر سباق التسلح النووي القادم يكمن في الرقي بمهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

منصف الخروبي ولدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إثر اقتراح الرئيس الأميركي ايزنهاور المسمى 'ذرات من أجل السلام' إذ كان للاتحاد السوفياتي وأميركا مواد نووية تقدمها للبلدان التي ترغب في امتلاك برامج طاقة نووية سلمية وفي المقابل تتخلى هذه الدول عن السعي لامتلاك القنبلة.

ولم تسر الأمور بذلك الشكل لكن كانت النتيجة بالتأكيد إنشاء وكالة الطاقة الذرية سنة 1957 من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان غربية أخرى. وكانت الوكالة تقوم على فكرة المساومة بين الاستعمالات السلمية وعدم انتشار السلاح النووي. ولم يكن لأي أحد فكرة عن كيفية منع الدول من اكتساب الأسلحة النووية. لكن مع مرور الوقت تطورت تحصينات وأصبحت معقدة وتمت إضافة السلامة النووية والأمن النووي.

ويرى الباحث ترافر فيندلي، في تقرير له عن كيفية اصلاح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى تكون أنجع في منع انتشار التسلح النووي وتعزيز السلامة والأمن فيما يتصل بالنشاط النووي، أن الوكالة فعالة وناجعة نسبيا ولديها كفاءة تقنية ودورها الفريد هو تعزيز مجتمع نووي عالمي.

ولديها ميزانية صغيرة نسبيا بالمقارنة مع ما تقوم به من أجل الأمن الدولي وذلك راجع في جزء منه إلى صفر نمو حقيقي فرض على المنظمة منذ سنة 1985. أما المشكل الآخر فيتعلق بالحوكمة التي أصبحت أكثر تسييسا مع مر السنوات خاصة نتيجة لقضية إيران وغيرها. وهذا التسييس قضى على روح فيينا التي بموجبها تتعاون الدول في هيئة الحكام وفي المؤتمر العام.

وفيما يتعلق بالسلامة النووية يشير فيندلي إلى نقاط الضعف التي تعاني منها الوكالة وظهرت جليا في التعامل مع كارثة فوكوشيما اليابانية إذ عجزت عن فعل أي شيء في الأيام الأولى وانتظرت للحصول على المعلومات من الحكومة اليابانية التي عجزت عن تقديمها. وحتى بعد إعداد تقرير عن الحادث لم تنشره لأنها تفتقد إلى الاستقلالية اللازمة في اتخاذ القرار. كما توجد مشكلة كبيرة بخصوص رصد حالات عدم الامتثال للتحصينات النووية إذ تبين أن سوريا لم تلتزم بالاتفاق في هذا الصدد بعد أن اعتقدنا أن مسألة التحصينات تعززت بعد العراق.

وتبين أيضا عدم امتثال كوري الشمالية، وهو ما يراه المتحدث أمرا مرعبا. ويواصل فيندلي تعديد نقاط الضعف ليشير إلى عدم تبني الوكالة لممارسات إدارة عصرية تشمل كامل تفاصيلها، ونفس الشيء ينسحب على التكنولوجيا والبنية التحتية اللذان تعطلتا نتيجة عدم تطور الميزانية.

أما بخصوص المالية والميزانية فيقول أن القوانين وضعت في ظروف عالمية مغايرة عن الوقت الحالي فيما يتعلق مثلا بقلة عدد اتفاقيات التحصينات وميزان القوى العالمي والوضع المالي لمختلف البلدان لذلك وجب التغيير هنا أيضا.

ويلفت النظر إلى شيء يقول إن الكثير من الناس لا يدركونه وهو استمرار وجود الوكالة الدولية للطاقة إلى ما لا نهاية –حسب تعبيره- نظرا لحاجتنا لتحصينات دائمة ضد انتشار السلاح النووي ولذا لن تختفي هذه الوكالة في أي وقت قريب.

ومن بين التحديات التي تواجهها الوكالة مراقبة المرافق المتعلقة بالنشاط النووي تحت الأرض والمثال على ذلك ما تفعله ايران، اضافة إلى عجز الوكالة إلى حد الآن عن التثبت من التخصيب الليزري. ويرجع ذلك الوضع لكون السلامة والأمن النوويين عمل دؤوب لا ينتهي وعلى الوكالة أن تتعايش مع تلك الحقيقة وتجد حلولا باستمرار.

ويذكر فيندلي أن حادث فوكوشيما لفت النظر إلى الحاجة لآلية مراجعة المنشآت النووية من قبل الأقران، وهو مقترح وافقت عليه روسيا وفرنسا لكن عارضته الولايات المتحدة. ويضيف أن الوكالة ستفعل ما في وسعها لاقناع الدول بحاجتهم للمراجعة من قبل الأقران التي تمثل حسب رأيه جزءا أساسيا من انشاء نظام سلامة نووي معزز.

وفي سبيل تعزيز السلامة النووية أيضا يدعو فيندلي إلى تعاون الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع المعهد العالمي للأمن النووي في فيينا. وسبيل نفس الغاية كذلك يمكن للوكالة أن تبادر بربط علاقات تعاون مع الوكالات الأمنية مثل الانتربول وكل الأجهزة التي كانت غريبة عن الوكالة.

ويتمثل المقترح الآخر في زيادة الشفافية عن طريق نشر تقارير تطبيق التحصينات عن كل بلد ولا يقتصر ذلك على غير الممتثلين مثل ايران وسوريا ولكن يجب أن يشمل 'المنضبطين' أيضا لكن يجب الحذر لوضع المعلومات في سياقها حتى لا يسيئ العموم ووسائل الاعلام الفهم.

ويرى ترافر فيندلي أن السكرتارية يمكنها بالتأكيد القيام بإصلاحات غير أنها لم تغتنم جميع الفرص المتاحة ولم تستخدم كل سلطاتها. وعليها الآن تدارك الأمر والقيام بالإصلاحات اللازمة التي من أهمها إعداد خطة استراتيجية دون تدخل الدول الأعضاء في عملها. لكن المشكل يتمثل في أن أي برنامج يتطلب تمويلات إضافية عبر هيئة الحكام أو المؤتمر العام، والحل هو عدم تسييس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن