توقع تقرير حديث صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تنمو القوة الشرائية للمستهلكين المتقاعدين والمسنين على مستوى العالم من 8 تريليونات دولار في عام 2010 إلى 22 تريليون دولار بحلول عام 2025، وذلك بالتزامن مع زيادة الدخل المتاح لشريحة «الاقتصاد الفضي» والتحولات الديموغرافية الجذرية الحاصلة.
وذكر التقرير الذي حصلت «البيان الاقتصادي» على نسخة منه أنه وللمرة الأولى في التاريخ يتوقع أن يتجاوز عدد الناس البالغين 60 عاماً وأكثر عدد الأطفال ما دون العشر سنوات بحلول 2030.
حيث سينمو عدد البالغين 60 عاماً أو أكثر في العالم 962 مليوناً في 2019 إلى 1.41 مليار بحلول 2030 و2.1 مليار بحلول 2050. وفي المقابل يتوقع أن يتزايد عدد البالغين 80 عاماً وأكثر بشكل أسرع من 137 مليوناً عام 2019 إلى 425 مليوناً مع حلول عام 2050 أي ارتفاع بثلاثة أضعاف.
وأوضح داميان نج، محلل الجيل القادم في بنك «جوليوس باير» السويسري الخاص في دبي في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي» أهمية تعزيز التوجّه نحو الاستثمار في الاقتصاد الفضيّ (الذي يعرف أيضاً باقتصاد كبار السن) وذلك من خلال وضع مقاربة استثمارية متعددة الأوجه تستثمر في مجموعة واسعة من الخدمات التي تركّز على دعم كبار السن في الحفاظ على نمط حياتهم.
وأضاف: «يجب أن يتخذ المستثمرون على المدى الطويل موقفًا إيجابيًا بشأن موضوع الاستثمار في ارتفاع أمد الحياة، نظرًا للتغيرات الديموغرافية الهامة التي تطرأ حول العالم والفرص الاستثمارية المتعددة التي تنجم عنها.
وتعتبر الرعاية الصحية من القطاعات الأساسية التي تتوفر فيها مقوّمات النمو فمع ارتفاع معدّل الأعمار يرتفع احتمال الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتقدم بالعمر. هذا وتمثل الأمراض غير المعدية مثل مرض باركنسون، وأمراض المناعة الذاتية، والسكتات الدماغية، ومعظم أمراض القلب، ومعظم أنواع السرطان، ومرض السكري وغيرها حوالى 86% من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية إلى 10 تريليونات دولار بحلول 2022، ويرتكز هذا بشكل أساسي على المسنين الذين سينفقون حوالي 75% من إجمالي المبلغ.
وستكون الأسباب الثلاثة الأساسية الرئيسية للوفاة مسؤولة عن نصف نفقات الرعاية الصحية حول العالم وهي أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات وأمراض الجهاز التنفسي. علاوة على ذلك، سيزداد عدد المصابين بالسكري من 415 مليوناً إلى 642 مليوناً بحلول عام 2040».
محركات السوق
وعزا نج الارتفاع في أرقام المسنين على نطاق عالمي إلى أربعة عوامل أساسية هي انخفاض معدلات الخصوبة، وانخفاض معدل الوفيات في جميع الفئات العمرية، وتوفر علاجات طبية أفضل، بالإضافة إلى تبدل نمط الحياة.
وأضاف: «نظراً إلى هذه التغيرات الديموغرافية يتوجب على المستثمرين أن يتبنوا موقفاً إيجابياً إزاء ارتفاع أمد الحياة. فإن بات بإمكان الناس الاستمتاع بحياة أطول وأسعد من خلال المشاركة بأنشطة ترفيهية وتخطيط مالي أفضل، لا شك في أن مساهمتهم الاقتصادية في المجتمع ستكون أكبر من مساهمة الأجيال السابقة».
وأضاف: «على سبيل المثال، أصبحت منتجات التجميل المضادة للشيخوخة من أكثر المنتجات المستهلكة بين كبار السن والشباب على حد سواء.
وفقًا لشركة لوريال، من المتوقع أن يتوسع سوق منتجات التجميل العالمية من 510 مليارات دولار في عام 2015 إلى 716.6 مليار دولار بحلول عام 2025. وبالتالي تبقى تطلعاتنا إيجابية فيما خص برؤية القطاع الاستهلاكي في الاقتصاد الفضي، خاصة بالنظر إلى أنه يمثل نصف إجمالي الاستهلاك الحضري في الأسواق المتقدمة اليوم».
تمويل التقاعد
ويمثّل اتخاذ قرار التقاعد نقطة تحوّل في حياة الفرد ويتطلب تخطيطاً دقيقاً. على الصعيد العالمي، يعتمد حوالي شخصين من بين كل خمسة أشخاص على مدخراتهم من أجل تمويل تقاعدهم، وهي تمثل حوالي 30% من إجمالي دخل التقاعد.
ومن المتوقع أن يزداد العزم على الادخار من أجل التقاعد مع ارتفاع الطلب والتوعية حول الاستثمارات الشخصية ومع ازدياد توافر فرص استثمارية أفضل. وأضاف نج: «نرى بشكل خاص توفر فرص نمو في شركات التأمين التي تقدم خدمات ومنتجات الادخار والحماية للعملاء الموجودين في بعض الأسواق الناشئة، وخاصة الصين والهند مع استمرار تطوّر اقتصاداتهم».
