آفاق النمو الاقتصادي لدول الخليج ومصر مرهونٌ بمواصلة الإصلاحات

توقع التقرير الصادر حديثاً عن وحدة البحوث الاقتصادية التابعة لبنك الكويت الوطني نمواً اقتصادياً جيداً لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر خلال الفترة المقبلة. حيث شهد النمو الاقتصادي في الدول الخليجية تحسناً كبيراً خلال العام 2018، وانتعشت أوضاع المالية العامة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وتنمية وتطوير البنية التحتية، وتنويع مصادر الاقتصاد، وتطبيق الإصلاحات المالية، إلا أن التقرير أكد على أن الحساسية اتجاه أسعار النفط ما زالت تشكل أهم المخاطر التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي. كما أشار التقرير إلى أن مصر أحرزت أداءً مميزاً على صعيد الاقتصاد الكلي، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة مواصلة الالتزام بتطبيق الإصلاحات الهيكلية العميقة وتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية.
وفي سياق تعليقه على الآفاق الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر، قال كبير الاقتصاديين لمجموعة بنك الكويت الوطني د. سعادة شامي "شهدت القطاعات غير النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي تحسناً عاماً. حيث ساهم ارتفاع أسعار الطاقة وتوسع الانفاق العام وتنفيذ برامج تحفيز أنشطة القطاع الخاص في زيادة نمو الإنتاج. أما على المدى المتوسط فإنه يتعين على الحكومات الموازنة ما بين تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز نمو القطاع غير النفطي".
ومن جهة أخرى أكد التقرير على أن الوضع الاقتصادي العالمي قد يؤثر سلبياً على الأداء الاقتصادي للمنطقة وذلك من خلال عدد من العوامل، من ضمنها تراجع الطلب العالمي على النفط وإمكانية أن تشهد أسعار النفط المزيد من التراجع على خلفية النزاعات التجارية القائمة في الوقت الحاضر. ولكن في المقابل هناك عوامل داعمة تتمثل في إمكانية خفض أسعار الفائدة الأمريكية وبالتالي خفضها في معظم دول مجلس التعاون الخليجي. وبغض النظر عن التقلبات الخارجية فهناك حاجه لبذل المزيد من الجهود لتنويع القاعدة الاقتصادية والتقدم المستمر في الإصلاحات المالية والاطر التنظيمية وتفعيل القطاع الخاص على المدى المتوسط.
استقرار وتيرة نمو الاقتصاد الكويتي، وآفاق النمو قد تتحسن على خلفية تطبيق الاصلاحات
وسلط التقرير الضوء على أداء الاقتصاد الكويتي، حيث أكد على أن معدل النمو الاقتصادي سيظل ثابتا ما بين 1-3% خلال ثلاثة أعوام المقبلة، في ظل ضعف نمو القطاع النفطي على خلفية تمديد اتفاقية الأوبك وحلفائها لخفض الانتاج. وأوضح أن السياسة النقدية التيسيرية والزيادة المتوقعة في الإنفاق العام، قد تساهم في رفع النمو غير النفطي تدريجياً إلى 2.8% بحلول عام 2021.
وقال شامي: "من المتوقع أن يسجل الميزان المالي الكويتي أول فائض له منذ أربع سنوات فيما يعزى بصفة رئيسية لارتفاع أسعار النفط وانخفاض مستويات الإنفاق. وفي الوقت ذاته توفر الفوائض المالية الضخمة التي تتمتع بها الكويت مصدات تساهم في تعزيز النمو والحماية من أي صدمات خارجية معاكسة.
وأوضح شامي أنه وفي ظل اتساع فجوة عجز الموازنة يصبح من الأهمية تطبيق إصلاحات مالية مجدية تهدف للحد من الضغط على صندوق الاحتياطي العام، كما تبرز أهمية تعزيز نمو القطاع الخاص كضرورة حيوية لخلق فرص عمل للأعداد المتزايدة من الشباب الكويتي الذي يدخلون إلى سوق العمل."
تحسن آفاق النمو غير النفطي السعودي بدعم من الانفاق العام
وتناول التقرير أداء الاقتصاد السعودي الذي يشهد عامه الثاني من الانتعاش، منذ الانكماش الذي شهده في العام 2017. حيث توقع التقرير تحسن النشاط غير النفطي وتسارع وتيرة نموه من نسبة 2% في العام 2018 إلى 3.2% في العام 2021 بدعم من الإنفاق الحكومي القياسي الذي يهدف إلى تطوير وتحفيز القطاع الخاص، وخلق فرص العمل لدعم وتنويع الاقتصاد.
وحول التوقعات المستقبلية لآفاق نمو الاقتصاد السعودي، توقع شامي استمرار الأداء الضعيف للقطاع النفطي في ظل مواصلة الحكومة جهودها لإدارة عرض النفط من خلال منظمة الأوبك، مشيراً إلى أن وضع المالية العامة قد يتحسن بفضل ارتفاع إيرادات الضرائب، لكن العجز سيستمر مما سيؤدي الى زيادة الدين العام. وأضاف أن المخاطر التي تهدد آفاق النمو تشمل الارتباط الكبير بأسعار النفط، وبطء التنويع في القاعدة الاقتصادية، ومحدودية نمو العمالة في القطاع الخاص."
تحسن الاقتصاد غير النفطي في الامارات سيواصل دعم النمو
كما توقع التقرير أن يتحسن النمو الاقتصادي الإماراتي خلال السنوات 2019-2021، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى استمرار انتعاش القطاع غير النفطي بجانب تحسن محدود في الاقتصاد النفطي. حيث تشير تقديرات بنك الكويت الوطني إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيرتفع من 2.2 في العام 2018 إلى حوالي 3.0% تقريباً في العام 2021.
وأشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من إمكانية تأثر اقتصاد الإمارات بالتوترات التجارية وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتقلبات أسعار النفط، ترجح التوقعات أن تساهم الإصلاحات الهيكلية المعززة للنمو التي تم الإعلان عنها مؤخرا في التخفيف من حدة تلك المخاطر وتدعم النمو الاقتصادي مستقبلاً.
وأضاف كبير الاقتصاديين لمجموعة بنك الكويت الوطني أن " السياسة النقدية التيسيرية، في ظل تراجع أسعار الفائدة على الصعيد العالمي وتحسن الأوضاع المالية العامة بالإضافة إلى المرونة والسرعة في اتخاذ القرارات والإصلاحات الداعمة للاستثمار، ستساهم في استمرار انتعاش الأداء الاقتصادي".
الاقتصاد المصري يمضي على المسار الصحيح رغم التحديات
وقال التقرير إن آفاق النمو الاقتصادي لمصر تبدو مشرقة بصفة عامة، حيث استمرت في إحراز تقدم مميز على صعيد الإصلاحات التنظيمية، كما توقع استمرار جهود التنمية الاقتصادية. وأشار التقرير إلى أنه في ظل استمرار تطبيق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح، تسارعت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي من 5.3% في السنة المالية 2017/2018 إلى 5.6% بنهاية مارس 2019.
كما أشار تقرير وحدة بحوث بنك الكويت الوطني إلى أن معدل التضخم لا يزل مرتفعاً نسبياً ولكن من المتوقع أن يتباطأ خلال العامين القادمين، على أن يتبعه انخفاض في أسعار الفائدة، مما قد يساهم في دعم الأنشطة الاقتصادية وخفض تكلفة الاقتراض. ولكن من أجل الحفاظ على الأداء الاقتصادي الجيد على المدى المتوسط، تحتاج السلطات إلى التركيز أكثر على الإصلاحات الهيكلية التي تعزز دور القطاع الخاص لدعم النمو وخلق فرص العمل، والحد من الفقر ورفع مستوى المعيشة وضمان توزيع ثمار تلك الإصلاحات على نطاق أوسع.
خلفية عامة
بنك الكويت الوطني
افتتح بنك الكويت الوطني - الأردن أول فرع له في العاصمة الأردنية عمان عام 2004 لتعزيز أواصر العلاقات الكويتية مع السوق المحلية الأردنية وتوفير الخدمات للعملاء المحليين لمجموعة بنك الكويت الوطني. في العام 2017، انتقل مقر بنك الكويت الوطني - الأردن إلى منطقة حيوية في مدينة عَمان لما توفره من بيئة متميزة لاحتضان مكتب رئيسي جديد للبنك، ما أسهم في تعزيز مكانته في السوق وبناء قاعدة صلبة تنطلق منها أعماله وأنشطته.