التاريخ كما لم تره من قبل: الطلاب يحولون المقابلات إلى روايات مصورة مذهلة

هذا الصيف، أصبحت مكتبة جامعة جورجتاون في قطر موطنا لمجموعة مثيرة من الروايات المصورة حول الأحداث التاريخية مثل الحرب والهجرة والاضطرابات السياسية، لتقدم رؤية فريدة حول تأثير هذه الأحداث على حياة الناس العاديين والأجيال التالية.  لكنهم ليسوا جزءا من مجموعة مكتبة جديدة، فهم نتيجة منهج تعليمي مبتكر يتم تدريسه في الحرم الجامعي بعنوان: التاريخ والرواية المصورة.

تدرس هذه الدورة الدكتورة كارين والثر، الأستاذ المشارك في التاريخ، حيث يعكف الطلاب خلال هذه الفصول الدراسية على تفحص الروايات المصورة كمصادر ثانوية لرواية التاريخ، وهو ما يوضحه محمد جاسكي، الطالب المتخصص في الثقافة والسياسة مع تخصص فرعي في التاريخ، والذي كان واحدا من 12 طالبا مسجلين في هذا الفصل الإبداعي: "يمكن للروايات المصورة أن تجسد أحداث التاريخ، وليس فقط وصفها فهناك ثقل عاطفي فريد عندما ترى التاريخ يتكشف من خلال الفن، فهو يشعرك بأنه شخصي وكيان حقيقي أكثر من مجرد قراءة للحقائق والأرقام  أو  التواريخ ، "

إن تدريس التاريخ بطرق جديدة ومثيرة للإبداع ليس جديدا على الدكتورة كارين والثر، التي تم اختيارها بغالبية الأصوات لتكون "عضو هيئة التدريس المفضل لهذا العام" من قبل طلاب السنة النهائية الذين تخرجوا مؤخرا، وهو ما أعلن في حفل توزيع الجوائز وتكريم الطلاب والاساتذة لهذا العام.  وعن هذا قال جاسكي، الذي درس ما مجموعه أربعة مساقات في  فصول للدكتورة والثر: "لقد أخذت فصولا  من البروفيسور والتر لأول مرة خلال سنتي الأولى في مادة طرق البحث العلمي، ومنذ ذلك الحين، ظلت أستاذتي المفضلة على الإطلاق"، وبلغت ذروتها في هذا المنهج المبتكر في ربيع سنته الدراسية الأخيرة.

كان حجر الزاوية الآخر في هذا المساق الجديد هو ورشة عمل فنية حول كيفية استخدام برامج وتطبيقات احترافية مثل "كانفا Canva" و "أدوبي اللاستريتور "Adobe Illustrator و "فوتوشوب Photoshop " و تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتكوين المشاهد المتخيلة وتطوير القصص المصورة لروايتهم المتكونة، وهذا الجزء التقني الذي يقوم بتدريسه المدير المساعد للمكتبة "روبرت لوز".  وعن هذا قال جاسكي: "عرفتنا الدورة على العديد من أنماط الرسوم وأساليب الوصف المتنوعة، والتي ألهمتني لمزج التقنيات بطريقتي الخاصة". حيث تمزج روايته المصورة، التي تحمل عنوان "مريم"، والتي تستكشف خسارة الحرب وحزنها، بين التصميم على غرار أسلوب "مارفل" للرسم الإبداعي للصور والانتقال منها إلى صور صارخة بالأبيض والأسود لإحساس درامي غامر.

تقول الدكتورة والثر: "إن رؤية الطلاب يتولون مسؤولية عملية تجسيد التاريخ هي دائما أفضل جزء في الفصل، ففي هذا الفصل، أجروا مقابلات وأحاديث مع أفراد أسرهم أو أحد أفراد المجتمع من المسنين، وترجموا تلك الذكريات إلى روايات مصورة. وعلى الرغم من أنني أرشدتهم خلال عملية الدخول الإبداعي إلى عمق تاريخهم عبر حوار مع النصوص التاريخية، إلا أنهم كانوا هم الذين تولوا الانطلاق وجعلوا هذا الفصل أفضل ما يمكن أن يكون عليه ".

شارك محمد جاسكي، الذي كان قادرا أيضا على تقديم الدعم لأقرانه وزملائه من خلال دوره كمساعد في "مختبر الابتكار"، وهو مختبر تكنولوجي متطور مقره داخل المكتبة يعمل مع برامج ومعدات احترافية متخصصة. وأضاف "لقد علمنا بعضنا البعض، وتشاركنا الموارد والأساليب والافكار، ودفعنا بعضنا البعض للتحسين. كان هناك شعور جميل بالتعاون والتحفيز، فقد حجز العديد من الزملاء الطلاب جلسات معي لتبادل الأفكار ووضع اللمسات الأخيرة على تعديلاتهم وصقل صورهم".

توجت الدورة بمعرض رائع لأعمال الطلاب أقيم في بهو المكتبة، والذي أصبح امتدادا للفصل الدراسي نظرا لدوره الأساسي في دعم هذا الفصل. وأوضح محمد جاسكي ذلك قائلا: "لقد لعبت المكتبة ومواردها  دورا رئيسيا في هذه الدورة، سواء من حيث إتاحة الوصول إلى الروايات المصورة أو توفير مساحة للتعاون، فقد استخدم الكثير من الطلاب المكتبة كمساحة إبداعية لصياغة رواياتهم المصورة ومسحها ضوئيا وتحريرها."

قالت الدكتورة والثر: "أصبح الفصل ممكنا من خلال الدعم المستمر لموظفي المكتبة، الذين ساعدوا الطلاب في كل مرحلة من مراحل العملية". بالإضافة إلى المشورة التي قدمها كلا من روبرت لوز  أمين المكتبة المتخصص في التكنولوجيا و الطالب المتميز محمد جاسكي، كما نظمت منسقة المكتبة ميرتا لينديتش مساحة العرض، وطبعت الروايات وجمعتها في مجلدات، وأنشأت مواد للمساعدة في الترويج للعرض على مستوى الحرم الجامعي.

كما طبعت الروايات المصورة التي تم إنتاجها بشكل احترافي من قبل مكتبة جامعة جورجتاون في قطر وقدمت للطلاب كتذكير ملموس بقوة التعبير الإبداعي في الأوساط الأكاديمية. يتذكر محمد جاسكي، الذي رأى في هذا الفصل تتويجا رائعا لوقته في جامعة جورجتاون في قطر: "لقد غيرت هذه الدورة فهمي لرواية القصص التاريخية". وأشار إلى أن  هذا الشعور شاركه فيه العديد من زملائه في الفصل مضيفا: "لقد حضرنا جميعا المعرض خلال أسبوع التخرج الذي اتسم بالازدحام المجنون، والذي أعتقد أنه يتحدث كثيرا عن مدى حبنا لهذا الفصل المتميز و لأستاذتنا."