اليوم العالمي للسلاحف البحرية: مناسبة للتذكير بضرورة انقاذ السلاحف البحرية في عُمان

تُعد السلطنة بشواطئها البكر ومياهها المعتدلة موطناً مثالياً للسلاحف البحرية، بل إنها تحتضنُ ثاني أكبر تجمُعٍ لسلاحف الريماني في العالم، وفيها أحد أهم مناطق تعشيش السلاحف الخضراء على طول شمال المحيط الهندي، وإليها تأوي سنوياً فصيلتين من السلاحف البحرية (الشرفاف والزيتوني) للتعشيش على الامتداد الواسع لسواحلها. ومع اقتراب موعد اليوم العالمي للسلاحف البحرية بتاريخ 16 يونيو، فإن كل تركيزنا ينصب على هذه الأنواع المميزة، والتي عاشت في محيطات الأرض لأكثر من 100 مليون سنة، ولكنها اليوم تواجه العديد من التهديدات المختلفة.
وقد أدت عوامل مختلفة مثل التنمية الساحلية وقيادة المركبات على الشواطئ والصيد العرضي (صيد السلاحف عن طريق الخطأ) والصيد الخفي (معدات الصيد الضائعة) والتلوث الضوئي والتلوث البلاستيكي والتغير المناخي، إلى الإضرار بالموائل الطبيعية للسلاحف البحرية ونظامها البيئي، مما أدى إلى إدارج الأنواع الأربعة الموجودة في عُمان (إما مهددة بالأخطار أو معرضة بشدة للانقراض) ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة للأنواع المهددة، وهذه القائمة هي بمثابة ملف عالمي لتحديد وضع الصون لكافة الأنواع والفصائل، كما قامت مجموعة من الباحثين خلال العام الماضي بعرض النتائج المؤسفة التي تبين وجود انخفاضٍ حادٍ بأعداد سلاحف الريماني المُعششة في جزيرة مصيرة بنسبةِ 79%، والتي كانت على مدى العقود الماضية تُشكل ثروة وطنية هامة.
سعت جمعية البيئة العُمانية وعلى مدى 13 عاماً مضت، وبالتعاون مع هيئة البيئة إلى وقف هذه الخسائر الفادحة، ليس من أجل مصلحة هذه السلاحف فحسب، بل من أجل صون البيئة البحرية والحفاظ على صحتها ومن أجل حماية الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، ولقد تم هذا المشروع البعيد المدى بتمويلٍ من الإدارة الأمريكية لخدمات الحياة الفطرية والثروة السمكية، وبمساهمة محلية من شركة المحيطات الخمسة للخدمات البيئية وشركة بحار المستقبل.
وتعليقاً على ذلك، قالت سعاد الحارثية، المديرة التنفيذية لجمعية البيئة العُمانية: "تلعب السلاحف البحرية دوراً هاماً في الحفاظ على الأنظمة البيئية للمحيطات، فضلاً عن كونها جزءً لا يتجزأ من السلسلة الغذائية الحساسة. وهذا الأمر قد يترك الكثير من الأثار على مجتمعات الصيادين، ناهيك عن أولئك الذين يعتمد دخلهم على النشاطات السياحية المُرتبطة بالسلاحف، وعلى الرغم من حساسية الموقف وصعوبته إلا أن هذه المجتمعات هي من يقوم اليوم بمساعدتنا على تصحيح الوضع. وبقدر ما نبذل من الجهود في الدراسات والأبحاث، فإننا نبذلُ جهداً مساوياً في العمل والانخراط مع أبناء المجتمع بهدف رفع مستوى الوعي لديهم حول أهمية السلاحف البحرية وضمان مساهمتهم ودعمهم لإجراءات الصون والحماية الرئيسية، ومن خلال هذا النهج المجتمعي الشامل، فإننا نسعى للعمل معاً لوقف هذا التناقص الحاد"
وضمن هذا الإطار والسياق تكرسُ جمعية البيئة العُمانية مجموعةٍ مخصصة من الأنشطة، والتي تشمل حملات إزالة معدات الصيد وانتاج فيديوهات التوعية وبرامج التواصل مع المجتمعات المحلية وإصدار العديد من المطبوعات، أما على أرض الواقع فقد جرى تشكيل فريقٍ للعمل الميداني من أبناء جزيرة مصيرة بغية مراقبة وحماية أعداد السلاحف هناك، كما تسعى الجمعية وفق توجهاتها العامة إلى تدريب مجموعة من العُمانيين لاكتساب الخبرة في مجال خطط وسياسات الصون والحماية والتواصل مع المجتمع وإدارة المنظمات الأهلية، وتسعى أيضاً إلى دعم الاقتصاد المحلي للمجتمعات. وتتلقى الفرق الميدانية الدعم من الخريجين التابعين لبرنامج جمعية البيئة العُمانية لبناء القدرات والكفاءات. تزداد هذه المبادرات والجهود عاماً بعد عام، وفي نفس الوقت الذي تركز فيه الجمعية على إلهام وإشراك الأجيال المُستقبلية، فإنها تسعى لاكتساب المزيد من المعرفة والفهم حول احتياجات ومتطلبات السلاحف البحرية وبيئتها ومحيطها الحيوي وإجراءات صونها، إضافة إلى التعريف بالسلاحف البحرية في عُمان على الصعيد العالمي.
وأضافت سعاد: "لن تتوقف جمعية البيئة العُمانية عن المرافعة عن هذه الثروة الوطنية النفيسة من السلاحف البحرية، ونحن نُدركُ أننا سنواجه الكثير من المصاعب، ولكننا ماضون في هذا الزخم ونعي تماماً أننا لن نضمن وننجح في صون مواردنا الطبيعية كي تبقى سليمة للأجيال المستقبلية، إلا من خلال العمل المشترك مع المجتمعات المحلية ومن خلال ترسيخ هذه الثقافة وغرسها في نفوس وعقول سفراء البيئة المستقبليين من الشباب والناشئة".
وللتبرع إلى جمعية البيئة العُمانية أو استكشاف السبل الأخرى التي يمكن دعم الجمعية من خلالها، يمكن زيارة الموقع الإلكتروني [www.eso.org.om].
خلفية عامة
جمعية البيئة العُمانية
تأسست جمعية البيئة العُمانية في مارس 2004 على يد مجموعة من العُمانيين الذين يمثلون في تعددهم المناطق والولايات والمحافظات ومن خلفيات مهنية مختلفة. إن أبواب العضوية مفتوحة لكل من بلغ الثامنة عشر من العمر ممن يحرص على حماية البيئة بهدف صون تراث عُمان الطبيعي وحمايته للأجيال الحاضرة والمستقبلية.