باحثون يدرسون الاستخدامات المحتملة للعقار ميتفورمين في مكافحة كوفيد-19

درس باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر إمكانية أن يحُول أحد أكثر أدوية السكري شيوعاً في العالم دون إدخال المصابين بفيروس كوفيد-19 المستشفيات أو وفاتهم.
وفي إطار ورقة بحثية نُشرت في الدورية المتخصصة Trends in Microbiology بعنوان "الإمكانات العلاجية للعقار ميتفورمين في علاج كوفيد-19: تعليل دوره في الوقاية"، أبرز الدكتور سامسون ماثيوز صاموئيل والباحثة إليزابيث فارجيز والدكتور ديتريتش بيسلبيرغ الباحث الاستقصائي الرئيس، إمكانية الاستعانة بالعقار ميتفورمين لغرض غير مسبوق يتمثل في استخدامه كدواء محتمل لحماية مريض فيروس كوفيد-19 من الآثار الشديدة للفيروس وعلاجه منه.
فمرضى السكري يعانون بالفعل من ضعف الاستجابة المناعية وهم أكثر عرضة للعدوى البكتيرية والفيروسية الشديدة، ويستغرق شفاؤهم منها فترة أطول، والآثار الضارة التي يظهرونها تستمر لفترة تتجاوز فترة معاناة غير المصابين بداء السكري منها.
وترتبط الإدارة السليمة لمستويات الجلوكوز في الدم المتحكم بها ارتباطاً وثيقاً بقدرة الجسم على تنظيم الاستجابة المناعية والاستجابة الالتهابية ومحاربة العدوى لدى مرضى السكري المزمن. ومن المعروف أن الإصابة بكوفيد-19 ربما تكون أشدّ لدى مرضى السكري، ناهيك عن ازدياد خطر إدخالهم المستشفيات ووفاتهم. ويمكن أن تُعزى شدة الإصابة بالفيروس وخطر الوفاة منه لدى مرضى السكري إلى فرط سكر الدم، وخلل وظيفة الطبقة البطانية الناجم عن داء السكري، والاستجابة الالتهابية والاستجابة المناعية المفرطتين.
وشدّد الدكتور صاموئيل، المؤلف الأول للورقة البحثية، على الحاجة إلى تحكم سليم بمستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري المصابين بفيروس كوفيد-19. وقال في هذا الصدد: "يمكن أن تؤدي عدوى كوفيد-19 إلى ظهور السكري لدى مصابين بفيروس كورونا لم تُشخص إصابتهم بالسكري من قبل، ويحدث الأمر نفسه بين الأطفال المصابين بفيروس كوفيد-19. وعليه، لا بدّ من رصد مستويات الجلوكوز في الدم لدى المصابين بفيروس كوفيد-19 وتوخّي اليقظة في ما يتعلق بعلامات محتملة للإصابة بفرط سكر الدم".
والعقار ميتفورمين، الذي أثبت فعاليته كدواء مأمون وجيد التحمل، لا ينظّم مستويات السكر في الدم ويزيد من حساسية الأنسولين فحسب - على غرار العقاقير الأخرى المضادة للسكري - ولكنه أيضاً قد يعوق التصاق الفيروس بالخلايا، ويقلل خلل وظيفة الطبقة البطانية، ويغيّر كيفية الاستجابتين المناعية والالتهابية في جسم الإنسان، وكل ذلك لمنفعة المريض. ويعتقد الباحثون أن مرضى السكري الذين يتناولون العقار ميتفورمين قبل إصابتهم بالفيروس أقلّ عرضة للإدخال إلى المستشفيات أو الوفاة.
من جهته، أشار الدكتور بيسلبيرغ، أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر والمشرف على فريق الباحثين، إلى أن إعطاء العقار ميتفورمين قد يوفر بعض الحماية لمرضى السكري بل وللأشخاص المصابين بمرضيّة مشتركة ذات صلة. وقال في هذا السياق: "من الثابت والمتفق عليه أن العقار ميتفورمين يوفر الحماية من الآثار الضارة الناجمة عن داء السكري. وثمة دلائل الآن تشير إلى الآثار المفيدة للعقار المذكور في علاج مرضى كوفيد-19. فقد أفادت دراسات منشورة بأن المرضى الذين يتناولون العقار ميتفورمين أقل عرضة للإصابة بأعراض حادة وأقل حاجة للإدخال إلى المستشفيات، وفرصتهم أكبر للبقاء على قيد الحياة. وبالتالي، فإن إعطاء العقار المذكور لمرضى السكري قد يقلل من المضاعفات الخطيرة للإصابة بفيروس كوفيد-19. ولكن ليس لدينا من إجابة بعد في ما إذا كان من الممكن إعطاء العقار ميتفورمين للمصابين بفيروس كوفيد-19 من غير مرضى السكري والفائدة الممكنة المتأتية من ذلك. ومع ذلك، لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن العقار ميتفورمين قد لا يكون خياراً مناسباً للذين يعانون ضائقة تنفسية حادة، أو قصور الكُليتين، أو قصور القلب، وبالتالي يجب توخي الحذر قبل اختيار العقار ووصفه".
وأكد الباحثون أن البشرية جمعاء تأمل أن تكون اللقاحات الحالية المتاحة ناجعة. ومع ذلك، أثار ظهور طفرات شديدة العدوى من فيروس كورونا مخاوف من أن هذه الأشكال المغايرة أو المتحورة منه يمكن أن تفلت من الاستجابة المناعية للجسم وتهدد كفاءة اللقاح. وتتمثل الحاجة الملحّة في هذه المعركة ضد فيروس كوفيد-19 في دواء فعال يعالج المرض بنجاح، ويحسّن تعافي المصابين به، ويقلّل الآثار السلبية البعيدة الأمد للفيروس. وبينما تحتل اللقاحات الفعالة وبرامج التلقيح عالية الكفاءة موقع الصدارة في جهود مكافحة كوفيد-19، علينا عدم إغفال الأدوية مثل الميتفورمين، الموصوفة مراراً للحالات المرضية الأخرى، من حيث كفاءتها في علاج كوفيد-19، مع مراعاة أن ثمة أسئلة ما زالت بحاجة إلى إجابة، وليس أقلّها تأثير الميتفورمين البعيد الأمد في مرضى كوفيد-19.
كما أثارت الدراسة أسئلة أخرى عن إمكانات العقار ميتفورمين، منها ما إذا كان مرضى السكري الذين يتناولون العقار المذكور بالفعل أكثر مقاومة لفيروس كوفيد-19 من أولئك الذين يتناولون أدوية أخرى لفرط سكر الدم، وما إذا كان يمكن استخدام هذا العقار كعلاج لكل من مرضى السكري وغير مرضى السكري بعد تشخيص إصابة الطرفين بالفيروس.
يُذكر أن الباحثون أنجزوا الدراسة بدعم من برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي المنبثق الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، عضو مؤسسة قطر، المنحة رقم NPRP 11S-1214-170101، ويمكن الاطلاع عليها من خلال هذا الرابط: https://www.cell.com/trends/microbiology/fulltext/S0966-842X(21)00063-9 مع التنويه إلى أن الاستنتاجات التي تم التوصل إليها في الورقة العلمية هي مسؤولية المؤلفين وحدهم.
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.