باحثو وايل كورنيل للطب قطر يستقصون معوّقات ممارسة الأنشطة البدنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

درس باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر العوائق التي تحول دون ممارسة الأنشطة البدنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أسهم في زيادة معدلات السمنة والإصابة بالسكري من النوع الثاني في بلدان المنطقة لتصبح من بين أعلى النسب في العالم.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة لا تتجاوز 25% من فئة الشباب في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطبّق التوصية القائلة بممارسة أنشطة بدنية معتدلة الوتيرة إلى شديدة الوتيرة لمدة 60 دقيقة يومياً، وأن نسبة 51% لا أكثر من البالغين تطبّق التوصية القائلة بممارسة أنشطة بدنية معتدلة الوتيرة لمدة 150 دقيقة أسبوعياً. جدير بالذكر أن بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعاني بعض أعلى معدلات داء السكري والسمنة في العالم.
وفي هذا الإطار، أجرى باحثون من قسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر مراجعة استعراضية منهجية للدراسات العلمية الحالية التي استقصت ممارسة الأنشطة البدنية في 17 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي: البحرين، مصر، الأردن، العراق، الكويت، ليبيا، لبنان، المغرب، عُمان، باكستان، فلسطين، قطر، السعودية، سوريا، السودان، تونس والإمارات العربية المتحدة. وبعد إتمام المراجعة الاستعراضية لما مجموعه 119 دراسة، تبيّن للباحثين أن من أكثر العوائق شيوعاً أمام ممارسة التمارين البدنية بالمنطقة: الافتقار إلى مرافق رياضية ملائمة، ضيق الوقت، الأعراف المجتمعية للجندرة التي تقلّل فرص ممارسة النساء للتمارين البدنية، إلى جانب التقاليد الراسخة بثقافة بلدان المنطقة في ما يتعلق بتناول الطعام وظروف الطقس القاسية والمناخ الحار وانعدام دعم المجتمع وانعدام الحوافز.
وفي السياق نفسه، أشارت الدراسة أيضاً إلى أن توسّع المناطق الحضرية بالمنطقة وتوفّر التكنولوجيا المتطورة زادت مقدار الوقت الذي يقضيه كثيرون في الجلوس أثناء العمل. وعند اقتران قلة الأنشطة البدنية بالانتشار الكبير والمتزايد للأطعمة غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية، فإن ذلك يتسبب بالبدانة والسمنة والكثير من الآثار الصحية السلبية الناجمة عنهما. ويُعتقد أيضاً أن لقلة ممارسة الأنشطة البدنية الكثير من الآثار الضارة على الصحة النفسية ونوعية حياة الأطفال والشبان والبالغين.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور رافيندر مامتاني، نائب العميد لشؤون الطلاب والقبول والصحة السكانية وطب نمط الحياة في وايل كورنيل للطب - قطر: "يظهر جلياً من المؤلفات المنشورة في هذا الشأن أن قلة الأنشطة البدنية تمثل أحد العوامل الرئيسة التي تسهم في تدهور صحة الإنسان على امتداد بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لذا، يتعيّن على حكومات بلدان المنطقة أن تتيح لسكانها فرص ممارسة الأنشطة البدنية من خلال بناء المتنزهات والمرافق الرياضية. وكما رأينا في الأعوام القليلة الماضية، قطعت قطر شوطاً بعيداً في هذا المجال بافتتاح متنزهات جديدة في أرجاء البلاد وزيادة عدد مسارات الدراجات الهوائية وتوفير الكثير من المرافق الرياضية الجديدة. وفي ضوء دراستنا، نعتقد بأن ثمة حاجة حقيقية لاستثمار مماثل في شتى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"
وفي سياق متصل، رصد الباحثون عوامل اجتماعية-ديموغرافية محددة تشكّل أيضاً عوائق أمام ممارسة الأنشطة البدنية، منها التقدم في السن والمستوى التعليمي المتدني والزواج إلى جانب العوائق الماثلة أمام الإناث. كما أدّت جاذبية التلفزيون والهوس بالألعاب الإلكترونية واستخدام الحواسيب والأجهزة المحمولة إلى تفاقم خمول الأطفال. وفي المقابل، رصد الباحثون عوامل تيسّر ممارسة الأنشطة البدنية منها رغبة الإنسان بتحسين صحته، ورغبته بفقدان الوزن أو الحفاظ عليه والعادات الغذائية والترفيه وزيادة مؤشر كتلة الجسم، وإن ممارسة مثل هذه الأنشطة أكثر يسراً أمام الذكور.
ونُشرت الدراسة بعنوان "معوّقات وميسّرات ممارسة الأنشطة البدنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مراجعة استعراضية منهجية" في الدورية العلمية الريادية International Journal of Environmental Research and Public Health. وإلى جانب الدكتور رافيندر مامتاني، شارك في تأليف الدراسة الدكتورة سنية شعبان أخصائية المشاريع، الدكتورة كريمة شعابنة المحاضرة في علوم الصحة السكانية، الدكتور ساثيا دوريسوامي المدير المساعد لقسم الصحة السكانية، والدكتورة سهيلة شيما العميد المساعد لقسم الصحة السكانية.
وقالت الدكتورة سهيلة شيما: "تؤثر الاختلافات الاجتماعية والثقافية والبيئية والاقتصادية بين بلدان المنطقة في الطبيعة الخاصة للعوائق التي تحول دون ممارسة الأنشطة البدنية والمواظبة عليها في كل بلد. لذا، أوصت دراستنا بتطبيق تدخلات متوائمة مع خصوصية كل بلد ومراعية للعوائق التي ينفرد بها كل بلد على حدة. وعلى وجه العموم، من المرجح أن تتحقق الغاية المنشودة عند زيادة المرافق الرياضية واتخاذ التدابير الكفيلة بتيسير ممارسة النساء والآباء العاملين وكبار السنّ والنشء للأنشطة البدنية".
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.