علماء وايل كورنيل للطب قطر يستقصون دور الجِمال المحتمل في علاج كوفيد-19

يعتقد باحثون في وايل كورنيل للطب - قطر أن الجِمال يمكن أن تكون أحد المصادر المحتملة لأجسام مضادّة علاجية، ربما تكون ذات خاصية شفائية للإنسان في مواجهة كوفيد-19.
وعلى الرغم من وجود عدد من اللقاحات المتاحة اليوم لكوفيد-19، إلا أن البشرية لم تزل بحاجة إلى علاج ناجع للمرض وللجوائح المحتملة في المستقبل التي يمكن أن تتسبب بها فيروسات غير معروفة بعد من الفيروسات التاجية.
وفي هذا السياق، يعتقد الدكتور لطفي شوشان، أستاذ الطب الوراثي وعلم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في وايل كورنيل للطب - قطر، أن الحل قد يكمن في الجِمال أحادية السنام، لأن الأجسام المضادة أحادية السلسلة (أجسام نانوية) في الجِمال يمكن إنتاجها بكمية ضخمة وربما باستطاعتها أن تصل إلى أهداف فيروسية مخفية أمام الأجسام المضادة التقليدية.
وأوضح الدكتور شوشان أن الفيروسات التاجية قد تفشّت ثلاث مرات على نطاق واسع: المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) في عام 2002، متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) في عام 2012، وجائحة كوفيد-19 الراهنة. وهذه الفيروسات جميعها منتمية إلى العائلة الفرعية ذاتها من الفيروسات التاجية، ويُعتقد أنها جميعاً نشأت في الخفافيش قبل أن تنتقل إلى مضيف وسيط ومن ثم إلى البشر. وبالنسبة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كان المضيف الوسيط الفريد هو الجِمال أحادية السنام.
وقال في هذا السياق: "من السهل تماماً أن تجد الأجسام المضادة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الجِمال، ولكن من النادر أن تجد جملاً يعاني المرض، لذا يبدو أن جهاز مناعة الجِمال أحادية السنام قادر على التغلب على العدوى بسرعة. وتنطلق فرضيتنا من التشابه بين الفيروسين المسبّبين لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وكوفيد-19، ما يجعلنا نتساءل عن احتمال أن تكون الأجسام المضادة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية فعالة أيضاً ضد فيروس كوفيد-19".
وبدعم من وايل كورنيل للطب - قطر، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي في إطار المنحة رقم NPRP12S-0317-190379، ووزارة الصحة العامة ووزارة البلدية والبيئة في قطر، استعان الباحثون بأحد المستودعات الأحيائية لأخذ عينات من الجِمال، يعود بعضها إلى ما قبل ظهور جائحة كوفيد-19 وبعضها الآخر إلى ما بعد الجائحة، وجميعها لجِمال لديها أجسام مضادة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
ووجد الدكتور شوشان، خلال دراسة أُنجزت بالتعاون مع زملاء من وايل كورنيل للطب - قطر وسدرة للطب ووزارة الصحة العامة القطرية، أن الأجسام المضادة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الجِمال أحادية السنام قادرة بالفعل على منع فيروس كوفيد-19 من الالتصاق بخلاياها المستهدفة.
وتمثلت المرحلة التالية في اكتشاف المستهدف من الأجسام المضادة لفيروس كوفيد-19 في جسم الجمل، وهو ما تم بالفعل بالاستعانة بتقنيات جزيئية متقدمة، ما أتاح للباحثين فهماً دقيقاً عن ذلك الجزء من البروتينات الفيروسية المسؤول عن حفز الأجسام المضادة التحييدية وتعطيل عمل الفيروس. ولأن فيروسات المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وكوفيد-19 متشابهة إلى حدّ بعيد، يمكن تسخير ذلك الجزء المشترك ليكون علاجاً لها جميعاً، جنباً إلى جنب مع السلالات المختلفة المحتملة والفيروسات التاجية المستقبلية المنتمية إلى العائلة الفرعية ذاتها
وقال الدكتور شوشان: "يقوم العلاج المقترح على الإتيان بأجسام مضادة معدّلة جينياً من الجِمال تشكّلت من ثلاثة أو أربعة أجسام مضادة صغيرة في جزيء واحد، يتعرف كل واحد منها على أجزاء مختلفة من الفيروس. ومن ثم يُحقن الشخص المصاب بالفيروس بهذه الأجسام المضادة، وتعزز التوليفة التي تتألف من ثلاثة أو أربعة أجسام مضادة فرصة نجاح العلاج"
وفي حين أن عمليات زرع الأنسجة الحيوانية في جسم الإنسان أخفقت بشكل عام بسبب رفض جهاز مناعة الإنسان لها، لا يعتقد الباحثون بحدوث مشكلة ما عند استخدام أجسام مضادة من الجِمال. وفي هذا الصدد، قال الدكتور شوشان: "كل ما نقوم به أننا نستخدم ذلك الجزء من الجسم المضاد المستهدِف للفيروس، وإذا ما نظرنا إلى الأجسام المضادة التي تنتجها الجِمال أحادية السنام نجد أنها تشبه إلى حد بعيد في هيكليتها تلك التي ينتجها جسم الإنسان، لذا لا نتوقع استجابة مناعية سلبية للعلاج بسبب انتقال الأجسام المضادة من نوع إلى نوع آخر".
وفي الوقت نفسه، شدد الدكتور شوشان على أن علاج الأجسام المضادة لن يكون بمثابة بديل للقاحات الحالية، وقال: "نأمل أن تخفف اللقاحات المتاحة من حدة آثار الجائحة وأن تحقق مناعة القطيع. ولكن ثمة عقبات علينا التغلب عليها، مثل السلالات الجديدة التي تظهر من حين إلى آخر، وإن كان الخبراء يؤكدون فعالية بعض لقاحات كوفيد-19، كما يبدو، ضد السلالات المتحورة من الفيروس. ولكن، تهدف اللقاحات في المقام الأول إلى الحد من انتشار الفيروس، وليس علاج المصابين بالمرض. وفي المحصلة، سيصيب المرض أعداداً من البشر، ويمكن استخدام الأجسام المضادة المأخوذة من الجِمال العربية كوسيلة علاجية".
وأما المهمة التالية لفريق الباحثين فقد تستغرق بضعة أشهر لا أكثر وتتمثل في إثبات أن الفرضية صحيحة ومحصلتها مأمونة وفعالة من خلال إجراء تجارب على القوارض. وإذا ما نجحت، سيتم الانتقال إلى المرحلة التالية من التطوير وستكون مثل هذه المرحلة، على الأغلب، بمشاركة شركة دوائية متعددة الجنسيات.
ونُشرت مؤخراً الورقة البحثية الكاملة المعنونة "الجِمال أحادية السنام بصفتها مصدراً طبيعياً للأجسام المضادة التحييدية ضد فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (SARS-CoV-2) في JCI Insight، الدورية المرموقة الصادرة عن الرابطة الأميركية للاستقصاءات الإكلينيكية (AACI)، ويمكن الاطلاع عليها باتباع الوصلة التالية:
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.