مجموعة مكتبة قطر الوطنية من المخطوطات الصينية والآسيوية تثري الأبحاث التاريخية حول التأثير العالمي للإسلام

تبين مجموعة مكتبة قطر الوطنية من المخطوطات التي تنتمي إلى الصين ومناطق جنوب شرق آسيا اسهامات هذه الشعوب وكيف أثّرت عناصر ثقافتها المحلية في التراث الثقافي الإسلامي الذي أُنتج في هذه المناطق. وتضم هذه المجموعة من المخطوطات نحو 700 مادة، أغلبها مخطوطات قرآنية، مما يجعلها واحدة من كبرى المجموعات في المنطقة. ويعود تاريخ أقدم المخطوطات ضمن المجموعة إلى القرن السادس عشر، لكن معظمها كُتب وأُنتج في القرنين التاسع عشر والعشرين.
تُمثّل هذه المخطوطات كنزًا ثقافيًا وتاريخيًا وفنيًا في حد ذاتها، وتقدم للباحثين والمؤرخين معلومات قيّمة حول امتزاج الطابع الإسلامي للخطوط العربية والزخارف والتجليد بالأنماط والأساليب المحلية والسمات الجمالية السائدة في المجتمعات الآسيوية. ويتجلى تأثير الأساليب والثقافة المحلية بوضوح في المخطوطات القرآنية التي أُنتجت في الصين، لا سيّما في تطويعها للفنون الصينية في كتابة هذه المخطوطات.
وبتوفر هذا العدد الكبير من المخطوطات في المكتبة التراثية بمكتبة قطر الوطنية تتاح للباحثين مصادر عديدة وثرية لدراسة التراث الثقافي الإسلامي في هذه المناطق، الأمر الذي يسهم في فهم أكبر وأعمق للتأثير الإسلامي حول العالم.
تقول وسيلينا سيكولوفا، رئيس قسم المخطوطات والأرشيفات بالمكتبة: "بينما حظيت العصور العثمانية والمملوكية بدراسة مكثفة، لم تنل المخطوطات الإسلامية الصينية حظًا مماثلًا من الدراسة والاهتمام. ومن ثم تعتبر مخطوطات الصين وجنوب شرق آسيا مصدرًا نادرًا يساعد على فهم علاقات التأثير المتبادل بين الإسلام والشعوب الآسيوية، وهي علاقات لم تنل ما تستحقه من البحث والدراسة".
من بين المخطوطات في المجموعة تفسير "أنوار التنزيل وأسرار التأويل"، المعروف باسم تفسير البيضاوي وهو من تأليف ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي الذي توفي في 685 هـ، ومخطوط للمصحف الشريف باسم فاطمة خاتون من الصين في القرن التاسع عشر.
أغلب المخطوطات مكتوبة باللغة العربية، وبعضها بالخط الجاوي، وهو نظام كتابة مشتق من الأبجدية العربية طُوِّع لكتابة لغات معينة في جنوب شرق آسيا. وجدير بالذكر أن هذه المجموعة القيمة من المخطوطات قد تم تنميتها بإضافة مواد جديدة في إطار رسالة المكتبة الهادفة إلى الحفاظ على التراث العربي والإسلامي المرتبط بدولة قطر والمنطقة.
وفي إطار جهودها الساعية لإثراء المجموعة، تعكف المكتبة التراثية على إضافة المزيد من المواد والمقتنيات الجديدة التي ستتيح فرصًا إضافية للمزيد من الدراسات البحثية والأكاديمية وتثريها. ولتحقيق هذا الهدف، سيشارك خبراء من عدة دول في برنامج بحثي شامل سيتم إطلاقه في نهاية العام الجاري في المكتبة لتعزيز دراسة مجموعة المخطوطات وتيسير إنتاج أبحاث أصلية ومبتكرة، بما يُعزز فهم التقاليد الإسلامية ويبني الجسور بين مناطق ومجالات التأثير الإسلامي المختلفة.
تقول وسيلينا سيكولوفا: "بدراسة التفاعل بين الإسلام ومعتنقيه في آسيا، سنتمكن من اكتساب فهم أعمق للتأثير العالمي للإسلام. وفي هذا الصدد تفتح لنا مخطوطات المجموعة الصينية والآسيوية بالمكتبة نافذة واسعة نطل بها على هذا العالم الفريد"
خلفية عامة
مكتبة قطر الوطنية
تضطلع مكتبة قطر الوطنية بمسؤولية الحفاظ على التراث الوطني لدولة قطر من خلال جمع التراث والتاريخ المكتوب الخاص بالدولة والمحافظة عليه وإتاحته للجميع. ومن خلال وظيفتها كمكتبة بحثية لديها مكتبة تراثية متميزة، تقوم المكتبة بنشر وتعزيز رؤية عالمية أعمق لتاريخ وثقافة منطقة الخليج العربي. وانطلاقاً من وظيفتها كمكتبة عامة، تتيح مكتبة قطر الوطنية لجميع المواطنين والمقيمين في دولة قطر فرصاً متكافئة في الاستفادة من مرافقها وتجهيزاتها وخدماتها التي تدعم الإبداع والاستقلال في اتخاذ القرار لدى روادها وتنمية معارفهم الثقافية. ومن خلال نهوضها بكل هذه الوظائف تتبوأ المكتبة دوراً ريادياً في قطاع المكتبات والتراث الثقافي في الدولة.
وتدعم مكتبة قطر الوطنية مسيرة دولة قطر في الانتقال من الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى تنويع مصادر الاقتصاد والحفاظ على استدامته، وذلك من خلال إتاحة المصادر المعرفية اللازمة للطلبة والباحثين وكل من يعيش على أرض دولة قطر على حدٍ سواء لتعزيز فرص التعلُّم مدى الحياة، وتمكين الأفراد والمجتمع، والمساهمة في توفير مستقبل أفضل للجميع. وقد تفضلت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، بالإعلان عن مشروع مكتبة قطر الوطنية في 19 نوفمبر 2012. وكان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قد تفضل بإصدار قرار أميري بإنشاء مكتبة قطر الوطنية بتاريخ 20 مارس2018.