محاضرة في وايل كورنيل للطب - قطر تناقش الصلة بين وزن جسم الإنسان وصحته

عقد قسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر مؤخراً محاضرة عبر الإنترنت تمحورت حول سُبل تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض الناجمة عن أنماط الحياة غير الصحية والمرتبطة بالوزن الزائد والسمنة.

وقد ألقى هذه المحاضرة الدكتور رافيندر مامتاني، أستاذ علوم الصحة السكانية ونائب العميد لشؤون الصحة السكانية وطب نمط الحياة في وايل كورنيل للطب - قطر وأستاذ الطب في مركز الصحة العالمية (CGH)، نيويورك. 

ويشير الأطلس العالمي للسمنة إلى إصابة قرابة 770 مليون شخص حول العالم بالسمنة، ويدقّ الأطلس ناقوس الخطر من أن عدد المصابين بالسمنة سيصل إلى مليار شخص بحلول عام 2030. وأما في قطر، من المرجّح أن يبلغ معدّل انتشار السمنة نحو 51% بين النساء ونحو 43% بين الرجال بحلول عام 2030.

وكانت بحوث علمية قد أظهرت أن أنماط الحياة غير الصحية، مثل قلة الأنشطة البدنية أو انعدامها وتناول الأطعمة غير الصحية والتدخين وعدم المواظبة على عادات النوم الصحية، قد تتسبب بحدوث تغيّرات فسيولوجية في جسم الإنسان تقود إلى إصابته بالوزن الزائد أو السمنة. وثمة طرق عدة تساعد الإنسان على فقدان الوزن، منها الأنظمة الغذائية الصحية ومزاولة الأنشطة البدنية وتعديل السلوكيات اليومية والأدوية والجراحة. ومعالجة السمنة طبياً ترتكز إلى اتّباع طريقة أو أكثر من تلك الطرق وتعتمد على المريض نفسه.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور مامتاني: "من المتفق عليه علمياً أن زيادة الوزن والسمنة لهما عواقب صحية خطيرة. فالسمنة تفاقم خطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والأمراض النفسية، بل ويمكن أن تنال من جودة حياة الإنسان أو تتسبّب بوفاته المبكرة. وفي المقابل، يؤدي فقدان الوزن بنسبة 7٪ وممارسة الأنشطة البدنية إلى تقليل خطر الإصابة بداء السكري بنسبة 58٪. ويمكن أن يكون ما بين 20 إلى 30% من تباين الوزن مرتبطاً بالوراثة، ولكن لا يبرز خطر السمنة إلا من خلال أنماط الحياة التي يمكن التحكم بها مثل الطعام والتمارين الرياضية".

وفي حال ازدياد وزن الإنسان على نحو غير مبرّر أو لأسباب مجهولة، ينصح الدكتور مامتاني بإجراء تقييمات طبية لاستبعاد أي حالات مرضيّة أساسية كامنة مثل قصور الغدة الدرقية ومتلازمة كوشينغ وتكيّس المبايض. وثمة أدوية، مثل مضادات الاكتئاب وحاصِرات بيتا وحبوب منع الحمل والستيرويدات القشريّة (كورتيكوستيرويد) وغيرها، قد تسهم في ازدياد الوزن. وفي إطار تعليقه على المكمّلات الغذائية، قال الدكتور مامتاني إنها لا تستحق المخاطرة لأنها غير خاضعة للرقابة والتنظيم ولم تُختبر بقدر كافٍ.

وأوجز الدكتور مامتاني نصائحه بالقول: "واظبوا على تدوين كل ما تأكلون في سجل، وطالعوا ملصقات المعلومات الغذائية على الأطعمة المختلفة، وتناولوا طعامكم ببطء، واشربوا الماء أو مشروباً منخفض السعرات الحرارية قبل الوجبة أو في أثنائها. انخرطوا في أنشطة بدنية منتظمة وتبنّوا سائر العادات اليومية الصحية، ومن أهمها نيل قسط وافٍ من النوم، والتواصل اجتماعياً مع الآخرين، وتجنّب المواد المضرة مثل التبغ". 

وفي سياق متصل، قال الدكتور مامتاني إن باستطاعة الإنسان اتّباع الصيام المتقطع أو الأنظمة الغذائية النباتية ولكن عليه الحذر من الحميات المبتدعة التي يتم تسويقها كطريقة سريعة لفقدان الوزن. فالأنظمة الغذائية الصحية قوامها الأطعمة المتوازنة وتناول كميات معتدلة منها. وعلى سبيل المثال، يجب أن تشكّل الخضروات والفواكه نصف الطبق، والحبوب الكاملة رُبع الطبق، وأما الرّبع الأخير فيجب أن يكون من نصيب أحد البروتينات الصحية.

وشدّد الدكتور مامتاني على أهمية طب نمط الحياة قائلاً: "علينا أن نركّز على خيارات نمط الحياة، مثل الأنظمة الغذائية الصحية والأنشطة البدنية والسلوكيات اليومية، واكتساب مهارات تثمر عن فقدان الوزن على نحو مستدام. أما الأدوية والجراحة فخياران قد يساعدان لكنهما لا ينفيان الحاجة إلى تغيير سلوكياتنا اليومية"

يُذكر أن هذه الحلقة انعقدت بعنوان "لنتكلم بصراحة عن فقدان الوزن" وذلك في إطار سلسلة المحاضرات المجتمعية "الصحة وأنت" التي تناقش القضايا الصحية الملحّة الماثلة أمام مجتمعات العالم اليوم.