دعا ثلاثة من كبار المستثمرين السعوديين في مصر، منظمة المؤتمر الإسلامي إلى التدخل لحل قضايا مشاريعهم المتعثرة، وقالت مصادر في المنظمة لـ"الاقتصادية": "حجم الرساميل التي عجز المستثمرون عن تحصيلها وحتى الشهر الماضي، تقدر بنحو 400 مليون دولار، وهذا ما فسره الخطاب الذي تسلمته المنظمة من الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي المصري".
وأبانت المصادر، أن المشاريع التي يبلغ عددها أربعة مشاريع، تعود ملكية اثنين منها لعبد الرحمن الشربتلي وتصل مستحقاتها إلى نحو 20.3 مليون دولار، وأحدها لجميل القنيبط ومستحقاته تقدر بنحو 300 مليون دولار، والأخير لعبد الإله كعكي وبمستحقات قيمتها تتجاوز الـ 72.7 مليون دولار.
وأفادت أن المستثمرين الثلاثة في خطابهم الذي تعمل المنظمة في الوقت الحالي على اتخاذ الإجراءات اللازمة حياله، يريدون أن تصدر الموافقة من المنظمة بتكليف الأمانة العامة للتحكيم في التعاون الإسلامي بالتنسيق مع الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي المصري، وذلك للاطلاع على القضايا المتعثرة من أجل البدء في إجراءات التحكيم.
وجاءت مطالب المستثمرين وفقا للخطاب :"تحتفظ الاقتصادية بنسخة منه" مستندة إلى المادة 17 من اتفاقية تشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تنص على أنه وحتى يتم إنشاء جهاز لتسوية المنازعات الناشئة عن الاتفاقية، يحل ما يكون من المنازعات عن طريق التوفيق أو التحكيم.
واشترطت قواعد الاتفاقية عددا من الإجراءات التي يجب اتخاذها قبل اللجوء للتحكيم، والتي تتمثل في اللجوء إلى التوفيق أولا، وذلك من خلال الاستعانة بمنظمة التعاون الإسلامي ودعوتها للتدخل أو تعيين من يتولى التوفيق، والذي يقتصر عمله على التقريب بين وجهات النظر المختلفة وإبداء المقترحات الكفيلة بوضع حل ترتضيه الأطراف المعنية في القضية، ودون أن يكون لتلك الحلول التي ستقدم على شكل تقرير للأطراف المتنازعة، أي حجية أمام القضاء فيما لو عرض عليه النزاع.
وأما فيما يتعلق باللجوء لمرحلة التحكيم، فإن ذلك يتم في حال لم تتفق الأطراف المتنازعة على تقرير ونتيجة التوفيق، أو في حالة لم يتمكن الموفق من إصدار تقريره في الوقت المحدد، حيث ستبدأ إجراءات التحكيم عند كل إخطار يتقدم به الطرف الراغب في التحكيم إلى الطرف الآخر يوضح فيه طبيعة المنازعة واسم المحكم المعين من قبله، وهو ما سيجعل الطرف الآخر ملزماً بتعيين محكم خلال 60 يوماً من تاريخ تبليغه، وهي الفترة ذاتها التي يجب على المحكمين عند تعيين آخر من قبل الطرفين أن يختارا فيها حكماً مرجحاً يكون رئيساً لصوت هيئة التحكيم وله الصوت المرجح عند تساوي الأصوات.
ووفقاً للمصادر، فإن من المشاريع السعودية المتعثرة في مصر والتي تضمنها الخطاب الموجه لإياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، تشمل: شركة جنوب الوادي للأسمنت العاملة في مجال الصناعة والعقار والتجزئة والعائدة ملكيتها للمستثمر عبد الرحمن الشربتلي، وتعاني تضررا من عدم تجديد السجل الصناعي لها ورخصة التشغيل، كما تطالب باسترداد مبلغ 20 مليون جنيه مصري من هيئة التنمية الصناعية.
وشركة أنوال السعودية "محلات عمر أفندي" والعائدة الملكية فيها إلى المستثمر جميل القنيبط، وتعاني من التضرر من صدور الحكم القضائي ببطلان عقد البيع الذي تم الطعن عليه من قبل المستثمر، وهو الحكم الذي دفع أيضاً بالعديد من البنوك الدائنة المتعاملة مع عمر أفندي بتقديم شكاوى.
إضافة إلى شركة طنطا للكتان والزيوت والمملوكة لعبد الإله كعكي، وتعاني من طعن الدولة لها في عملية البيع التي تدعي بطلانها، حيث صدر حكم قضائي بفسخ عقد الشركة مع الحكومة.
وبالاطلاع على نتائج التقرير الذي قدمته عبير الخولي مديرة مكتب مجلس الأعمال السعودي في مصر حول آخر المستجدات في قضايا المستثمرين السعوديين المتعثرة في مصر بحسب نتائج أعمال وزارة الدفاع المصرية التي تتولى لجنة منها متابعة تلك المشاريع، فإن اللجنة تبحث الآن في تطبيق الحل المقترح لمعالجة مشكلة تعثر شركة طنطا للكتان والزيوت، وذلك من خلال بحث كيفية تعويض المستثمر بعد استعادة الدولة للشركة.
وأما بالنسبة لشركة جنوب الوادي للأسمنت، فإن الحلول المقترحة لها تتمثل في: تجديد السجل الصناعي للشركة لمدة عام، كما قامت المحافظة بموافاة وزارة الدفاع بخطاب سبق أن أرسلته الشركة يفيد بتبرعها بمبلغ مليون دولار للمحافظة، ومن ثم فإن المبلغ ليس وديعة وقد تم موافاة الشركة بنسخة من الخطاب، كما عرضت شركة القاهرة 20 ألف متر مربع في منطقة العامرية في الإسكندرية وتقوم الشركة في الوقت الحالي بالتفكير في العرض.
وتعاني الشركة في الوقت الحالي تضررا بسبب عدم تجديد السجل الصناعي بسبب القضايا المرفوعة بين الشركة وهيئة التنمية الصناعية، والتي ترغب فيها الشركة باسترداد مبلغ 20 مليون جنيه دفعت للهيئة كثمن لرخصة مصنع الأسمنت، وذلك على الرغم من أن الشركة حصلت على الرخصة بشكل مباشر قبل تطبيق نظام الرخصة بنظام المزايدة، كما أن الشركة كسبت حكم القضية التي رفعتها ضد الهيئة، إلا أنها وحتى اليوم لم تستطع تنفيذ الحكم، ولم تستطع تجديد رخصة التشغيل، حيث ترفض محافظة بني سويف تجديد الرخصة إلا بعد تجديد السجل. كما ترغب "جنوب الوادي" في استرداد مبلغ مليون دولار، والذي أفادت بأنها قدمته للشركة القومية للتشييد كوديعة لحين تشغيل المشروع، وكذلك تنفيذ حكم التحكيم الصادر من السعودية لصالح عبد الرحمن الشربتلي لشخصه ضد شركة القاهرة للمقاولات، والذي تم أخذ صيغته التنفيذية منذ عام 2008.
وحول قضية شركة أنوال السعودية، لفت التقرير إلى أنه تم عقد اجتماع بين المستشار القانوني للشركة والمسؤولين في الشركة القابضة للتشييد، واللذين أفادوا بأن المستثمر عندما تسلم الشركة كانت محققة أرباحا، وكانت هناك بضاعة في المخازن، وعندما تركها كانت محققة خسائر بالمليارات، وكذلك خسائر في الأصول، إذ عاد مبنيان لملاكها بسبب عدم دفع الإيجار، إضافة إلى عدم عمل ميزانيات للثلاث سنوات الأخيرة.
ولفت التقرير إلى أن المستشار القانوني طلب من الشركة القابضة الموافقة على الدخول في التحكيم ومنحه وقتا للسفر للمستثمر للرد على الشركة، وذلك على الرغم من أن المستشار القانوني يتولى القضية منذ عامين مضيا ولديه كافة المستندات، كما أن "القابضة" وافقت من حيث المبدأ على الدخول في التحكيم، مؤكدة أنها لم تسع يوماً لاسترداد عمر أفندي الذي يعد عبئا كبيراً عليها.
وعلى الرغم مما أبدته الشركة القابضة من تفاهم، إلا أن المستشار القانوني لشركة أنوال السعودية لم يواف وزارة الدفاع بخطاب رسمي يبدي فيه رغبة الشركة في الدخول في التحكيم، وذلك على الرغم من إفادة المستشار القانوني للشركة بالتقدم بخطاب رسمي، على حسب وصف تقرير الخولي فيما يتعلق بالحل المقترح للمشكلة.
وبالاتصال على جميل القنيبط لمعرفة حيثيات وتفاصيل ما وصلت إليه القضية، اعتذر بانشغاله في اجتماع، وحدد موعدا آخر للاتصال به والحصول على المعلومات التي رغبت "الاقتصادية" في إيضاحها من خلال التقرير، إلا أنه لم يتجاوب.
ومن المعلوم أن جميل القنيبط رئيس مجلس إدارة شركة عمر أفندي (المستثمر السعودي في الشركة المصرية) قال لـ"الاقتصادية" في وقت سابق، إنه سيلجأ للتحكيم المصري والدولي بعد حكم المحكمة الإدارية المصرية أخيراً ببطلان عقد شراء شركة أنوال المتحدة للتجارة التي يرأس مجلس إدارتها للشركة المصرية، مؤكداً أنه سيعمد قبل ذلك إلى مخاطبة الحكومتين السعودية والمصرية لحل القضية.
الحكم الأخير الذي صدر بحق الصفقة السعودية المصرية التي تمت في 2007، اعتبره القنيبط آنذاك بمثابة "المنفر" للاستثمارات الأجنبية الجديدة في مصر، لافتاً إلى أن قوة الاستثمارات تتمثل في توفير الحماية والطمأنينة للمستثمرين، وأن العقود التجارية لا تتأثر بالعواطف أو بتغيّر الحكومات، بل إنها تبنى على أسس قانونية تضمن حقوق المستثمر والدولة على حد سواء.
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة عمر أفندي المصرية التي يبلغ عمرها نحو 150 عاماً، أنه تكبد أموالا طائلة في سبيل النهوض بالشركة، تمثلت في إعادة الهيكلة وتسديد الديون وجزء من الضرائب المترتبة على الشركة منذ وقت بعيد، مضيفاً، "من يريد خروجنا من الشركة فليقدم لنا 1.3 مليار جنيه".
يشار إلى أن قضية شركة عمر أفندي دارت رحاها في المحاكم زهاء أربعة أعوام، وأثيرت حولها كثير من الشكوك تركزت على العقد الأساسي المبرم مع الحكومة المصرية السابقة، في الوقت الذي نفى فيه القنيبط وجود أي شبهات حول العقد الذي بموجبه تملك 90 في المائة من (عمر أفندي)، قائلاً: "جميع أعمالنا تمت بشكل قانوني، وهي مثبتة، وبشهادة الأجهزة الحكومية المصرية".