إنتل تعيد إختراع الترانزستور بإستخدام بنية جديدة ثلاثية الأبعاد

أعلنت شركة إنتل اليوم عن إختراق مهم في مسيرة تطور الترانزستور – وهو وحدة البناء المجهرية في الإلكترونيات الحديثة، فلأول مرة منذ إختراع ترانزستورات السليكون منذ أكثر من 50 عاماً، ستوضع الترانزستورات التي تستخدم بنية ثلاثية الأبعاد في عملية التصنيع بكميات كبيرة. وستطرح إنتل تصميم ترانزستور ثوري ثلاثي الأبعاد يسمى الترانزستور ثلاثي البوابات (Tri-Gate)، وهو ما كانت قد كشفت عنه إنتل أول مرة سنة 2002، لتستخدمه في التصنيع بكميات كبيرة بتقنية "عقدة 22 نانومتر" لاحقاً خلال العام الجاري لإنتاج رقاقة تعرف بالإسم الرمزي آيفي بريدج (Ivy Bridge). يذكر أن النانومتر هو جزء من مليار جزء من المتر.
تمثل الترانزستورات ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات إنتقالاً جذرياً من البنية المسطحة للترانزستورات ثنائية الأبعاد، والتي تعتبر حتى الآن المكون الأساسي في الحواسيب والهواتف النقالة وأجهزة الإلكترونيات الإستهلاكية، فضلاً عن عناصر التحكم الإلكترونية في السيارات وسفن الفضاء والأجهزة الكهربائية المنزلية والأجهزة الطبية والآلاف من الأجهزة التي نستعملها يومياً منذ عقود من الزمن.
وفي هذه المناسبة يقول بول أوتيلليني، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة إنتل: "إن إختراعنا للترانزستورات ثلاثية البوابات وتوظيفها بسرعة ضمن الرقاقات المصنعة بتقنية 22 نانومتر هي نقلة نوعية ستغير المشهد كلياً. ومع الإختراعات الأخرى التي قدمتها إنتل مثل الترانزستورات ذات البوابة المعدنية ومعامل العزل العالي، والسليكون المُجهَد، عامي 2007 و 2003 على التوالي، ستساعد الترانزستورات الجديدة ثلاثية الأبعاد شركة إنتل على تحقيق خفض كبير في إستهلاك الطاقة وكذلك في تكلفة تصنيع الترانزستور، وفي الوقت ذاته رفع مستوى الأداء. وسيمكننا ذلك من تصنيع أفضل المنتجات في العالم لكل التطبيقات، من الأجهزة الكفية الصغيرة إلى أسرع الحواسيب الفائقة في العالم".
ولطالما أدرك العلماء فوائد البنية ثلاثية الأبعاد للإستمرار بوتيرة التقدم وفق قانون مور، لأن أبعاد الترانزستورات تصبح صغيرة إلى درجة تصبح فيها قوانين الفيزياء عائقاً لتحقيق مزيد من التقدم. إن مفتاح الإختراق المهم الذي تقدمه إنتل اليوم هو قدرة الشركة على تطبيق هذا التصميم المبتكر ثلاثي الأبعاد للترانزستور ثلاثي البوابات في التصنيع بكميات كبيرة، وبالتالي إطلاق الحقبة التالية من عهد قانون مور وفتح الباب أمام جيل جديد من الإبتكارات عبر طيف واسع من الأجهزة.
مكتسبات غير مسبوقة على صعيد توفير الطاقة وزيادة الأداء
ترانزستورات إنتل الجديدة ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات ستمكّن الرقاقات من العمل بتيارات ذات توتر أخفض مع تسرب أقل للطاقة، وتقدم بالتالي جمعاً غير مسبوق بين تحسين مستوى الأداء وكفاءة إستهلاك الطاقة مقارنة مع أفضل ترانزستورات الجيل السابق. وهذه الإمكانيات تمنح مصممي الرقاقات مرونة كبيرة لإختيار الترانزستورات الموجهة إما لإستهلاك منخفض للطاقة أو لتحقيق أداء عالٍ، وفقاً للتطبيق المطلوب.
تقدم الترانزستورات ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات عيار 22 نانومتر زيادة في الأداء تصل إلى 37% مع تيار ذو توتر منخفض، مقارنة بالترانزستورات المسطحة التي تصنعها إنتل بتقنية 32 نانومتر. هذا التقدم الهائل يعني أنها مثالية للإستخدام في الأجهزة الكفية الصغيرة التي تعمل بطاقة أقل لتنتقل من وضع تشغيل لآخر. أما بالنسبة لإستهلاك الطاقة، فالترانزستورات الجديدة تستهلك أقل من نصف الطاقة عند مستوى الأداء ذاته بالمقارنة مع الترانزستورات المسطحة ثنائية الأبعاد عيار 32 نانومتر.
ويقول مارك بور، وهو باحث أول في شركة إنتل: "إن مكتسبات تحسين الأداء وتوفير الطاقة لترانزستورات إنتل الفريدة ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات تختلف كلياً عن كل ما شاهدناه من قبل. وهذه النقطة المفصلية في تاريخ تطور التقنية تذهب أبعد من مجرد مواكبة قانون مور، فالطاقة المنخفضة والتيار المنخفض التوتر الذي تعمل به هذه الترانزستورات يحققان فوائد تتجاوز كثيراً ما تعودنا رؤيته عند الانتقال من جيل تقنية تصنيع إلى آخر. وهي ستمنح مصممي المنتجات مرونة كبيرة لجعل الأجهزة الحالية أكثر ذكاء، فضلاً عن إتاحة طرح تصاميم جديدة كلياً. ونعتقد أن هذا الإنجاز سيوسع الفارق في الصدارة بين إنتل وبقية الشركات العاملة في صناعة أشباه الموصلات".
الحفاظ على تسارع الإبتكارات – قانون مور
يستمر حجم الترانزستورات في التضاؤل جيلاً بعد جيل، وتصبح أقل تكلفة وأكثر كفاءة في إستهلاك الطاقة، وذلك مواكبة لقانون مور – الذي سمي كذلك تيمناً بـ غوردن مور أحد مؤسسي شركة إنتل. لذا، ما تزال إنتل قادرة على مواصلة الإبتكار والتكامل، وإضافة مزايا جديدة ونوى معالجة أكثر إلى كل رقاقة، ما يرفع الأداء ويخفض من تكلفة إنتاج الترانزستور الواحد.
وتغدو مسألة المحافظة على التقدم وفق قانون مور أكثر تعقيداً مع جيل تقنية 22 نانومتر، وعلماء الأبحاث في إنتل يدركون ذلك، لذا فإنهم إخترعوا الترانزستور ثلاثي البوابات (Tri-Gate) عام 2002 وقد سمي كذلك لأن البوابة لها ثلاثة جوانب. ويأتي هذا الإعلان اليوم بعد سنوات من التطوير المستمر في خطة إنتل عالية التنسيق بين أقسام البحوث والتطوير والتصنيع، ليضع أخيراً نتاج هذا العمل حيز التطبيق بهدف تصنيع الرقاقات بتقنية 22 نانومتر بكميات كبيرة.
تمثل الترانزستورات ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات إعادة اختراع للترانزستور. حيث تم إستبدال البوابة التقليدية المسطحة ثنائية الأبعاد بوريقة سليكون فائقة النحافة وثلاثية الأبعاد ترتفع عمودياً من قاعدة السليكون. ويتم التحكم بالتيار من خلال وضع بوابة على كل جهة من الجهات الثلاث للوريقة – واحدة من كل جهة وواحدة تمتد على الحافة العلوية لها – بدلاً من بوابة وحيدة فقط على الحافة العلوية كما هو الحال في الترانزستور المسطح ثنائي الأبعاد. ويتيح عنصر التحكم الإضافي مرور أكبر كمية ممكنة للتيار عبر الترانزستور عندما يكون في وضع الوصل (لتحقيق الأداء العالي) ويوقف مرور التيار لما يقرب من الصفر عندما يكون الترانزستور في وضع الإيقاف (لتقليل إستهلاك الطاقة)، كما يتيح أيضاً التبديل بسرعة بين الحالتين (من أجل الأداء أيضاً).
كما هو الحال مع ناطحات السحاب التي مكنت مصممي المدن من الاستفادة القصوى من المساحة المتوافرة عبر البناء عمودياً للأعلى، تقدم البنية ثلاثية الأبعاد للترانزستور ثلاثي البوابات من شركة إنتل طريقة للتحكم بكثافة الترانزستورات. وبما أن وريقات السليكون تلك عمودية بطبيعتها، فقد أصبح ممكناً وضع الترانزستورات بشكل أقرب إلى بعضها البعض، وهو أمر أساسي لتحقيق الفوائد التقنية والإقتصادية لقانون مور. ويمكن للمصممين في المستقبل أيضاً متابعة زيادة إرتفاع الوريقات السليكونية وبالتالي الحصول على مكاسب إضافية في الأداء وكفاءة إستهلاك الطاقة.
ومن جانبه يقول غوردن مور: "على مدى سنوات طويلة، كنا نرى ونعرف الحدود التي ستقف عندها الترانزستورات من حيث تضاؤل الحجم. ويعتبر هذا التغيير في البنية الأساسية مقاربة ثورية حقاً، فهي قادرة على المحافظة على سريان مفعول قانون مور، وعلى مواصلة التسارع التاريخي للإبتكارات بشكل مستمر".
أول عرض في العالم للترانزستورات ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات عيار 22 نانومتر
سيتم توظيف الترانزستور ثلاثي الأبعاد ثلاثي البوابات في تقنية التصنيع المقبلة للشركة والمسماة تقنية "عقدة 22 نانومتر" (والتي تشير إلى مواصفات كل ترانزستور مفرد). وبفضل الأبعاد الجديدة للترانزستور أصبح بالإمكان حشر أكثر من 6 ملايين ترانزستور ثلاثي البوابات عيار 22 نانومتر في مساحة لا تتجاوز مساحة النقطة التي ترونها في آخر هذه الجملة.
وقد عرضت إنتل اليوم أول معالج في العالم مصنع بتقنية 22 نانومتر، واسمه الرمزي هو آيفي بريدج (Ivy Bridge)، وهو يعمل ضمن حاسوب محمول وحاسوب مكتبي وخادم. وستكون معالجات عائلة Intel Core المعتمدة على رقاقات آيفي بريدج أول رقاقات تنتج بكميات كبيرة تستخدم الترانزستورات ثلاثية الأبعاد ثلاثية البوابات. ومن المتوقع أن تصبح هذه الرقاقات جاهزة للإنتاج التجاري بنهاية العام الجاري.
وسيساعد هذا الاختراق الكبير في تقنيات السليكون على تقديم منتجات جديدة أكثر تكاملاً تقوم على معالجات Intel Atom، تتيح التدرج في الأداء والوظائف والتوافقية البرمجية لمعمارية إنتل مع تحقيق المتطلبات الشاملة المتوقعة من حيث إستهلاك الطاقة والتكلفة والأبعاد، لأجهزة تغطي طيفاً متنوعاً من حاجات السوق.
خلفية عامة
إنتل
إنتل هي من أكبر الشركات المتخصصة في رقاقات ومعالجات الكمبيوتر، وقد تأسست إنتل في عام 1968 كشركة للإلكترونيات المتكاملة ومقرها في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية.