أعلن سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان العفو عن جماعات مسلحة تقاتل حكومته وتعهد باحلال السلام في المناطق الحدودية المضطربة فور اعلان استقلال جنوب السودان عن الشمال يوم السبت.
وقال "أود أن أنتهز هذه الفرصة لاعلان العفو عن كل هؤلاء الذين حملوا السلاح ضد السودان."
واستطرد "أود أن أؤكد لمواطني أبيي ودارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان أننا لم ننسهم. عندما تبكون نبكي. عندما تنزفون ننزف. أتعهد لكم اليوم بأن نتوصل الى سلام عادل للجميع" مضيفا أنه سيعمل مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير لتحقيق ذلك.
ورقص عشرات الالاف من مواطني جنوب السودان ورددوا الهتافات احتفالا باعلان دولتهم الجديدة استقلالها يوم السبت وتحقق الانفصال عن الشمال بشق الانفس ولكنه يدخل المنطقة في فترة جديدة من عدم اليقين.
ووقف رئيس جنوب السودان سلفا كير الى جوار خصمه القديم في الحرب الاهلية الرئيس عمر حسن البشير الذي اضحى رئيسا للشمال فقط الان في الاحتفال باعلان ميلاد الدولة الجديدة.
وحصل جنوب السودان على الاستقلال في استفتاء اجري في يناير كانون الثاني تتويجا لاتفاق سلام انهى عقودا من الحرب الاهلية مع الشمال.
وفي البداية حاولت قوات الامن السيطرة على الشوارع الترابية في جوبا عاصمة الجنوب ولكنها تراجعت امام حركة الحشود المبتهجة التي لوحت بالاعلام ورقصت وتغنت بالحرية.
وفقد بعض المحتفلين الوعي وسط الحر القائظ بينما تلا رئيس برلمان جنوب السودان الاعلان الرسمي لاستقلال جمهورية جنوب السودان.
وقال الاعلان الرسمي للاستقلال الذي قرأه رئيس البرلمان جيمس واني ايجا "نحن الممثلون المنتخبون ديمقراطيا للشعب نعلن هنا جنوب السودان دولة مستقلة وذات سيادة" فيما انزل علم السودان ورفع علم جنوب السودان وعزف السلام الوطني للدولة الوليدة. وادي سلفا كير اليمين الدستورية.
ورفع المحتشدون ايديهم في الهواء وتعانقوا وبكوا وقال رجل وهو يعانق امراة "نلناه. نلناه."
ووجود البشير الذي دعا لبقاء أكبر دولة افريقية من حيث المساحة موحدة مؤشر مهم على النوايا الحسنة لكنه يسبب احراجا لبعض الدبلوماسيين الغربيين نظرا لان المحكمة الجنائية الدولية اصدرت مذكرة اعتقال بحق البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
وضمن الشخصيات البارزة التي حضرت الاحتفال الامين العام لمنظمة الامم المتحدة بان جي مون وزعماء نحو 30 دولة افريقية.
وفي مؤشر محتمل على تحالفات جديدة في السودان تضمن الحشد نحو 200 من مؤيدي زعيم متمردي دارفور عبد الواحد النور الذي تقاتل قواته الخرطوم في تمرد اندلع قبل ثمانية اعوام على حدود جنوب السودان مع الشمال.
وفي وقت سابق اصطف مؤيدو فصيل النور في جيش تحرير السودان وهم ينشدون مرحبين "بالدولة الجديدة" ويرتدون قمصانا قطنية تحمل صور زعيمهم وحمل احدهم لافتة كتب عليها ان البشير مطلوب حيا او ميتا.
ودقت مجموعات تؤدي رقصات شعبية الطبول ولوحت بدروع واشياء اخرى في جو احتفالي.
وقال جوما سيريلو (47 عاما) وهو يضع يده على كتف ابنه "انا في غاية السعادة. هل تريد ان تكون مواطنا من الدرجة الثانية. لا .. اريد ان أكون مواطنا من الدرجة الاولى في بلدي."
وصاح الحشد حين ازاح كير العلم عن تمثال ضخم لبطل الحرب الاهلية جون قرنق الذي وقع اتفاق السلام مع الشمال.
وقال باجان اموم الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لرويترز "اليوم نرفع علم جنوب السودان لننضم لدول العالم. انه يوم نصر واحتفال."
وقال سايمون اجاني (34 عاما) وهو يتجول ليصافح اخرين "اخيرا الحرية. الانفصال عن الشمال هو الحرية الكاملة."
وكانت حكومة السودان في الخرطوم أول بلد يعترف بالدولة الجديدة قبل ساعات من الانفصال الرسمي في خطوة مهدت الطريق لتقسيم السودان الذي كان حتى السبت اكبر بلد افريقي.
ولم يبدد الانفصال المخاوف من اي توتر في المستقبل كما لم يتفق زعماء الشمال والجنوب بعد على قائمة من القضايا الحساسة ومن اهمها ترسيم الحدود بشكل دقيق وكيفية التعامل مع عائدات النفط شريان الحياة في اقتصاد البلدين.
وبعد حلول منتصف ليل الجمعة فقدت جمهورية السودان نحو ثلاثة ارباع احتياطيات النفط الواقعة في الجنوب وتواجه المستقبل بحركات متمردة في دارفور واقليم جنوب كردفان.
وفي الخرطوم يوم السبت كان احد مؤشرات الوضع الجديد اختفاء بعض الصحف التي تصدر باللغة الانجليزية والتي لها صلة بالحركة الشعبية لتحرير السودان. وقال الشمال انه اوقفها يوم الجمعة لان جنوبيين يصدرونها او يمتلكونها وهو مؤشر لا يبشر بخير لاكثر من مليون جنوبي لا يزالون في الشمال.
وجاء في مقال نشر في صحيفة سودان فيجين التابعة للدولة الشمالية ان خسارة الجنوب "نعمة مقنعة" لانها ستنهي الحرب الاهلية وشبهها ببتر طرف مريض. ويرى كثيرون في الشمال ان الانفصال صفعة قوية.