قتل شخصان وجرح عشرات اخرون الجمعة عندما استخدمت قوات الامن القوة لتفريق مئات المعتصمين الذين كانوا يطالبون باصلاحات دستورية في ميدان جمال عبدالناصر الحيوي وسط العاصمة عمان.
وقال موقع عمون ان مواطنين اثنين عرف احدهما ويدعى خيري سعد (٥٥) قد لقيا مصرعهما واصيب ١٠٠ اخرون "بفعل الاعتداء الذي قامت به قوات الدرك بدعم من البلطجية".
واضاف الموقع ان قوات الدرك استخدمت خراطيم المياه واعتدت بالهروات على المشاركين في الاعتصام، كما اقتلعت خياما كانوا نصبوها مساء الخميس في الميدان.
وقامت قوات الدرك باعتقال عدد كبير من المشاركين في الاعتصام، بحسب عمون.
وكان مئات الشباب من تيارات مختلفة بينهم اسلاميون بدأوا الخميس اعتصاما مفتوحا في الميدان الذي يعرف ايضا باسم ميدان الداخلية تحت المطر تلبية لدعوة حركة "24 آذار" التي اعلنت نفسها عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، للمطالبة ب"تعديلات دستورية" و"محاكمة رموز الفساد" ونصبوا خيما للمبيت هناك.
وقد حملت الحكومة جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الاسلامي مسؤولية الاحداث التي تخللت فض الاعتصام، واتهمها بتلقي تعليمات من مصر وسوريا.
وقال رئيس الوزراء الاردني معروف البخيت "انهم يحاولون تبادل الادوار في عملية الحوار الوطني والتظاهر في الشارع" .
وقال البخيت مخاطبا الاخوان عبر شاشة التلفزيون الاردني في برنامج ستون دقيقة "اياكم والعبث بالنار والتلاعب مع الدولة. وتابع " لدينا ادلة ان الاخوان يقفون خلف تحرك 24 اذار " و" ان هولاء مرتبطون بجماعات في الخارج".
واكد البخيت ان "الحكومة لن تسمح من الان وصاعدا باي اعتصام او تظاهرة تعطل الحياة العامة او تغلق الطرق" .واعتبر ما جرى في ميدان الداخلية مسيئا لصورة الاردن .
من جهته، قال الناطق الاعلامي باسم جماعة "الاخوان المسلمين" في الأردن جميل ابو بكر لوكالةإنَّه لا يستغرب من "معروف البخيت هذا الكلام"، ولا يستغرب من الحكومة "مثل هذا الموقف"، مضيفاً: "تحميل ما حدث للحركة الاسلامية هو هروب من المسؤولية، لكن الحركة الاسلامية تحمّل الحكومة والأجهزة الامنية المسؤولية الكاملة عما حدث وتطالب بمحاسبة قادة الاجهزة الامنية على هذه المجزرة التي ليس لها اي مبرر او منطق".
وقال أبو بكر: "إن المعتصمين مسالمين وكانوا يعبّرون عن وجهة نظرهم، وهم من مختلف الاتجاهات والتيارات والمنابت والأصول، وهؤلاء لم يستخدموا حجراً أو عصا للدفاع عن انفسهم، وكانوا يقفون في مكان لم يُغلِق شارعاً او يعطل مساراً ولم يعتدوا على مبنى او مؤسسة او غيره".
وفي وقت لاحق من مساء الجمعة، وجهت القوى الوطنية المشاركة بتجمع 24 آذار دعوة للتجمع صباح السبت في مقر النقابات المهنية في عمان وذلك "ردا على قمع الاعتصام المفتوح".
وشددت القوى على الدعوة وبشكل مكثف من أجل التأكيد على رفض العقلية العرفية والقمعية التي انتهجها البلطجية والجهات الامنية الجمعة على حد وصف البيان الصادر على صفحة "مقاطعون من اجل التغيير" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" .
واعلن 16 عضوا في لجنة الحوار الوطني تقديمهم للاستقالة من اللجنة على خلفية احداث ميدان جمال عبدالناصر واعلن العديد منهم انضامهم الى شباب ٢٤ اذار .
وقال المتحدث باسم المستقيلين الدكتور سعيد ذياب اثناء مؤتمر صحفي عقد مساء الجمعة في مقر حزب الوحدة الشعبية انهم قدموا استقالاتهم بعد قناعتهم ان بقاءهم في اللجنة هو مجرد مضيعة للوقت وتضليل للراي العام .
وكانت الشرطة حاولت ليل الخميس الجمعة منع المعتصمين من البقاء في المكان وتمضية الليل وقطعت الكهرباء عن الميدان قرابة الساعة 11,00 بالتوقيت المحلي (21,00 ت غ)، ما دفع نحو 50 من الموالين للحكومة او من وصفهم المعتصمون ب"البلطجية" الى استغلال الظلام للاعتداء عليهم وقذفهم بالحجارة من دون تدخل الشرطة.
وصباح الجمعة كان الموالون على بعد نحو امتار من 19 خيمة للمعتصمين يرقصون وسط الشارع على وقع اغان وطنية تعبيرا عن الولاء للعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، من دون وجود امني يذكر.
وقال صدام بصراوي (21 عاما) ، طالب في الجامعة الاردنية، لوكالة فرانس برس "جئنا الى هنا وبتنا في الخيام رغم البرد القارس والمطر والاعتداءات التي تعرضنا لها لأجل الإصلاح ولأجل أن تتحقق العدالة الاجتماعية في الاردن الذي هو ليس للأغنياء فقط".
واضاف "تعرضنا للاعتداء والرشق بالحجارة وسنتحمل أي شيء ومهما طالت المدة لأجل الإصلاح الذي نطالب به، سنبقى هنا مهما حصل حتى تتحقق مطالبنا بحل مجلس النواب وحكومة منتخبة واصلاحات شاملة".
من جانبه قال رضا درويش (21 عاما)، طالب جامعي، لفرانس برس "تعرضنا للاعتداء رغم اعتصامنا هنا سلميا، هل يرضي هذا الملك؟ او كل من يتكلمون بالحريات في هذا البلد؟".
واضاف "انا مواطن ولدي الحق في التعبير سلميا عن مطالبي ولا حق لأحد بمصادرة حريتي، الاعتداء علينا لن يوقفنا ولن يثنينا عن مطالبنا".
وشكل المعتصمون لجانا لتنظيم الموقع فهناك لجنة للعناية بنظافة المكان واخرى لتأمين الشراب والطعام للمعتصمين، مستلهمين تجارب ثورة مصر وتونس والبحرين.
وفي الصباح الباكر بينما كان شاب ينظف المكان ويجمع القمامة من امام الخيام كان آخر يسكب الشاي لمن أفاق من المعتصمين.
واصرت ليشيا اوليفارس (25 عاما)، سائحة من الدنمارك على قضاء الليل مع المعتصمين، للتعبير عن تضامنها معهم قائلة "انا هنا لأعبر عن تضامني مع الشعب الاردني ودعمي للديموقراطية والعدالة".
وكان المعتصمون حملوا الخميس لافتات كتب عليها "الشعب يريد اصلاح النظام" و"الشعب يريد تعديل الدستور" و"نريد محاكمة رموز الفساد" و"نعم لاجتثاث الفساد"، الى جانب اعلام اردنية.
وهتفوا "الشعب يريد حل البرلمان" و"الشعب يريد اصلاح الدستور" اضافة الى "الثورة بتلف وبتدور يا اردن جاييك الدور".
وتنظم الحركة الاسلامية واحزاب المعارضة الاردنية اليوم الجمعة تظاهرة جديدة للمطالبة بالاصلاح الشامل.
ويشهد الاردن منذ نحو ثلاثة اشهر احتجاجات مستمرة تطالب باصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة الفساد شاركت فيها الحركة الاسلامية واحزاب معارضة يسارية اضافة الى النقابات المهنية وحركات طالبية وشبابية.
وتشمل مطالب هؤلاء وضع قانون انتخاب جديد واجراء انتخابات مبكرة وتعديلات دستورية تسمح للغالبية النيابية بتشكيل الحكومة بدلا من ان يعين الملك رئيس الوزراء.