دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان دمشق يوم الاربعاء الى الحد من العنف ووعد بعدم اغلاق الباب في وجه اللاجئين في الوقت الذي وصل فيه بعض سكان بلدة حدودية الى الحدود التركية خشية هجوم محتمل من الجيش السوري.
وقال أردوغان الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بالرئيس السوري بشار الاسد "على سوريا أن تغير موقفها تجاه المدنيين ويجب أن تنتقل بموقفها الى مستوى اكثر تسامحا في أسرع وقت ممكن."
وتتهم حكومة الاسد عصابات مسلحة بقتل العشرات من أفراد قوات الامن في بلدة جسر الشغور وتعهدت بارسال قوات الجيش لتنفيذ "مهامها الوطنية لاعادة الامن والطمأنينة".
وتفاوتت الاقوال المتعلقة بالعنف الذي بدأ في جسر الشغور يوم الجمعة بين الرواية الرسمية التي تقول ان مسلحين نصبوا كمينا لقوات الامن والسكان الذين يتحدثون عن تمرد داخل الجيش.
وأثار هذا العنف قلقا دوليا من أن تدخل سوريا في مرحلة جديدة أكثر دموية بعد ثلاثة أشهر من الاضطرابات الشعبية التي خلفت أكثر من 1000 قتيل.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان بريطانيا وفرنسا ستتقدمان بمشروع قرار لمجلس الامن يوم الاربعاء لادانة قمع سوريا للمحتجين.
ومضى يقول "اليوم في نيويورك ستتقدم بريطانيا وفرنسا بقرار لمجلس الامن يدين القمع ويطالب بالمحاسبة وبدخول (مساعدات) انسانية.
"واذا صوتت اي دولة ضد ذلك القرار او حاولت الاعتراض عليه فان الامر متروك لضميرها."
وقال كاميرون في لندن ان مشروع القرار يدين القمع ويطالب بدخول مساعدات انسانية لكن لم يتضح موقف روسيا. وتقول موسكو انها لن تؤيد التدخل ضد سوريا في مجلس الامن مستندة الى عمليات القصف التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي ولم تسفر عن نتيجة حاسمة حتى الان.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه في مقر الامم المتحدة بنيويورك أن تصويت المجلس على قرار بادانة سوريا "مسألة أيام.. ربما ساعات". ولا تقترح مسودة قرار وزعت الشهر الماضي التدخل العسكري.
وقال سكان في جسر الشغور التي يسكنها عشرات الالاف انهم يحتمون من الهجمات ويتأهبون لها. وقالت وكالة الاناضول التركية للانباء ان نحو 120 سوريا من الرجال والنساء والاطفال فروا الى تركيا ليل الثلاثاء طلبا للجوء.
وقال اردوغان الذي نأى بنفسه عن الاسد منذ بدء الانتفاضة ان تركيا لن "تغلق أبوابها" في وجه اللاجئين الفارين من سوريا ودعا دمشق الى التحلي بقدر أكبر من التسامح مع مواطنيها.
وقال رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الانسان ان القوات انتشرت في قرى حول جسر الشغور منها قرية أريحا الى الشرق وعلى الطريق السريع بين اللاذقية وجنوب غرب البلاد.
وذكر سكان أن نحو 40 دبابة ومدرعة تقف على بعد نحو سبعة كيلومترات من جسر الشغور التي أصبحت الان شبه خالية الا من بعض المحتجين الشبان.
وقال علي حاج ابراهيم ان قوات الامن أطلقت النار يوم الاحد على ابنه بلال الذي تطوع لمساعدة الجرحى خلال مطلع الاسبوع على مشارف جسر الشغور.
وأضاف حاج ابراهيم "مزقت طلقتا سلاح الي صدره وكتفه الايسر. كان عمره 26 عاما ومعه شهادة جامعية في الجغرافيا.. تزوج منذ أربعة أشهر وزوجته حبلى."
وقال لرويترز "لن نقبل العزاء. نعتبر شهادته عرسا للدفاع عن الحرية."
وقال عبد الرحمن من المرصد السوري ان احتجاجات ضد الاسد قامت يوم الثلاثاء في عدة ضواح بدمشق مثل حرستا ودوما وفي دير الزور والقمشلي في شمال شرق البلاد. كما نظمت ايضا تجمعات مؤيدة للاسد في بعض ضواحي العاصمة.
وطردت الحكومة السورية الصحفيين المستقلين مما يجعل من الصعب تحديد ما الذي يحدث في البلاد بوضوح.
وعلى الرغم من الحماس للحركات المطالبة بالديمقراطية التي أطاحت بالرئيسين التونسي والمصري فان عددا قليلا من الزعماء الغربيين فضلا عن حكام عرب اخرين أبدوا استعدادا للتدخل في سوريا حليفة ايران التي تضم مزيجا عرقيا وطائفيا الى جانب وجودها في منطقة تمثل بؤرة صراعات اقليمية بالمنطقة.
وتهيمن عائلة الاسد وأنصاره من الطائفة العلوية الشيعية التي تمثل أقلية على الاوضاع في سوريا منذ أن سيطر والده الرئيس الراحل حافظ الاسد على السلطة قبل 41 عاما.
ورد بشار الاسد على المظاهرات بمزيج من وعود الاصلاح وقمع المحتجين في الوقت ذاته في بلدات في شتى انحاء البلاد. ويتهم المسؤولون السوريون اسلاميين متشددين باذكاء تمرد مسلح عنيف.
ويساور دول مجاورة منها اسرائيل وتركيا القلق من أن تحول البلاد الى الفوضى يمكن ان يشعل صراعا طائفيا ويفرز اسلاميين متشددين يلجأون الى العنف كما حدث في العراق المجاور بعد الغزو الامريكي عام 2003 .
لكن القوى الغربية واصلت الضغوط. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج في كلمة للبرلمان تحدث خلالها بلهجة مشددة "الرئيس الاسد يفقد الشرعية وعليه اما الاصلاح أو التنحي." وقال ان حكومات اوروبية تتطلع لفرض مزيد من العقوبات.
ومضى هيج يقول "نعمل على اقناع دول اخرى بأن مجلس الامن لديه مسؤولية اتخاذ موقف." وتعارض روسيا فيما يبدو ادانة عامة للاسد فضلا عن السماح بأي عمل عسكري ضده.
وتعارض روسيا فيما يبدو ادانة عامة للاسد فضلا عن السماح بأي عمل عسكري ضده.
وفي بروكسل قال فلاديمير تشيزوف سفير روسيا لدى الاتحاد الاوروبي "احتمال صدور قرار من مجلس الامن التابع للامم المتحدة على غرار القرار 1973 بخصوص ليبيا لن يلقى تأييدا من جانب بلادي... استخدام القوة كما اتضح في ليبيا لا يقدم حلولا."
ونفت لمياء شكور السفيرة السورية في فرنسا تقريرا يوم الثلاثاء عن انها استقالت احتجاجا على قمع الحكومة للمحتجين وقالت ان التقرير جزء من حملة تضليل تستهدف دمشق.