النروج كانت تخشى الاسلاميين اكثر من اليمين المتطرف

تاريخ النشر: 23 يوليو 2011 - 04:23 GMT
رجل يلتقط صورا فيما رجال الاطفاء يعملون في موقع الانفجار امام مكاتب رئيس الوزراء النروجي في اوسلو
رجل يلتقط صورا فيما رجال الاطفاء يعملون في موقع الانفجار امام مكاتب رئيس الوزراء النروجي في اوسلو

 

قبل الاعتداءين الداميين اللذين اوقعا نحو 92 قتيلا في النروج، كان الامن الداخلي في هذا البلد يخشى وقوع هجوم اسلامي على اراضيه، فيما لم يكن يعتبر اليمين المتطرف مصدر "تهديد خطير"، بحسب تقرير نشر مطلع السنة.
واعتقلت شرطة اوسلو مشتبها به نروجيا في الثانية والثلاثين من العمر عرفت عنه وسائل الاعلام النروجية باسم اندرس بيرينغ برايفيك، وافادت عن خطة "مسيحية اصولية" ذات توجهات يمينية في الاعتداءين الداميين اللذين اوقعا ما لا يقل عن 92  قتيلا الجمعة.
ويشير تقرير جهاز الامن في الشرطة النروجية الى ان الفرق شاسع بين الاعتداءات السابقة والمجزرة التي وقعت في مخيم صيفي للشبيبة العمالية على جزيرة اوتويا قرب اوسلو والتفجير القوي بوسط المدينة.
وذكر التقرير حول "تقييم المخاطر" انه "كما في السنوات السابقة، فان مجموعات اليمين المتطرف واليسار المتطرف لا تشكل تهديدا خطيرا للمجتمع النروجي عام 2011".
لكنه لفت الى "تسجيل زيادة في نشاط مجموعات اليمين المتطرف عام 2010، ومن المتوقع ان يتواصل هذا النشاط عام 2011".
وترى الشرطة ان "تزايد مستوى نشاط المجموعات المعادية للاسلام يمكن ان يقود الى استقطاب متزايد والى اضطرابات ولا سيما خلال او على صلة بالمناسبات والاعياد".
غير ان التقرير اعتبر ان الخطر الرئيسي لهذه السنة لا ينجم عن المتطرفين المسيحيين بل عن المتطرفين الاسلاميين.
وذكرت الاستخبارات الداخلية ان "بعض المتطرفين الاسلاميين يتجهون بشكل متزايد حاليا على ما يبدو الى الساحة الدولية، وهذه المجموعة تحديدا هي التي قد تشكل خطرا مباشرا على النروج خلال السنة المقبلة".
وبحسب شبكة تي في 2، فان المشتبه به مقرب من اوساط اليمين المتطرف، وهي معلومات لم تؤكدها الشرطة ولو انها اشارت الى مواقفه المعادية للاسلام في مداخلاته على الانترنت.
ولم ينشر المشتبه به على الحساب الذي فتحه قبل بضعة ايام على موقع تويتر سوى رسالة واحدة بتاريخ 17 تموز/يوليو استشهد فيها بمقولة الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل "ان شخصا واحدا مؤمنا يملك قوة مئة الف شخص لا يسعون سوى وراء المصالح".
واعلن الحزب التقدمي السبت ان المشتبه فيه الرئيسي في الاعتداء المزدوج الدامي هو عضو في هذا التشكيل اليميني الشعبوي وحركته الشبابية.
وقالت رئيسة الحزب سيف جنسن في بيان: "يحزنني اكثر معرفتي ان هذا الشخص كان بين صفوفنا".
واوضح الحزب ان المشتبه فيه انضم الى صفوف الحزب في 1999 وشطب من سجلاته في 2006.
وبحسب بيان الحزب، فقد كان برييفيك مسؤولا محليا عن حركة الشبيبة في حزب التقدم بين 2002 و2004.
واضاف البيان ان "الذين كانوا يعرفونه عندما كان عضوا في التنظيم يقولون انه فتى خجول نادرا ما كان يشارك في المناقشات".
وعلى ذمة المعلومات التي وردت على الانترنت، فان المشتبه به نروجي الجنسية و"الاصل" يبلغ من العمر 32 عاما وهو "اصولي مسيحي"، كما اعلن المسؤول في الشرطة روجر اندرسن، موضحا ان اراءه السياسية تميل الى "اليمين".
وبحسب المعلومات الواردة بشانه على صفحة الفيسبوك، فان الرجل اندرس بيرينغ برييفيك وهو صاحب شعر اشقر متوسط الطول، يوصف بانه "محافظ" و"مسيحي" عازب يهتم بالصيد وبالعاب الكترونية مثل "وورلد اوف واركرافت" و"مودرن وارفير 2".
وعلى فيسبوك، يقدم الرجل نفسه على انه مدير في شركة "برييفيك جيوفارم" البيولوجية الامر الذي سمح له بشراء مواد كيمياوية يمكن استخدامها في صنع متفجرات.
واعلنت تعاونية المواد الزراعية السبت انه اشترى ستة اطنان من الاسمدة الكيميائية في بداية ايار (مايو).
والمجزرة التي وصفها رئيس الوزراء النروجي ينس ستولتنبرغ بانها "ماساة وطنية"، بدات عصر الجمعة باعتداء بقنبلة في وسط حي الوزارات في اوسلو ما ادى الى مقتل سبعة اشخاص واصابة تسعة اخرين بجروح خطرة.
وبعيد ذلك، اطلق المشتبه به النار على مشاركين في مخيم صيفي للشبيبة تابع للحزب العمالي (الحاكم) في جزيرة اوتويا على بعد حوالى اربعين كلم من العاصمة.
وقد دخل الرجل الى المخيم مدعيا انه يريد الاطمئان الى سلامة المشاركين بعد انفجار اوسلو واطلق النار عليهم. وكان يرتدي بلوزة صوفية عليها شارة الشرطة عندما اوقف بعد اطلاق النار الذي استمر حوالى ساعتين.
وقالت الشرطة السبت، ان 85 شخصا على الاقل قتلوا في اطلاق النار في الجزيرة.
وحاول الكثير من الشبان الفرار عن طريق السباحة عبر القفز في النهر، كما ذكر شهود. وروى صديق احدى الشابات المشاركات في المخيم الصيفي "تلقيت رسالة قصيرة تقول: +انه يطلق النار، اني اختبىء".
وشاهد مراسل لوكالة "فرانس برس" شرطيين على متن زوراق يبحثون في الماء عن ضحايا مفقودين. وعلى طرف من الجزيرة، كانت هناك ضحية اخرى مغطاة ورجال شرطة ينتشرون في كل مكان.
وبعد مرور حوالى عشرين ساعة على الوقائع، كانت كل جثث الشبان الذين قتلوا في اطلاق النار في مكانها.
وبحسب مراسل لوكالة "فرانس برس"، فقد تم تجميع الناجين على بعد بضعة كيلومترات من فندق "صنفولدن".
وقال المراسل: "هناك مشاهد قاسية للغاية: اباء وامهات واطفال يرتمون في احضانهم، اشخاص ينهارون كليا، واخرون يهيمون ولا يزالون تحت وقع الصدمة".
وتكفلت الشرطة والصليب الاحمر ورجال الدين بمواساة الناجين.
وفي اوتويا، اعتقلت الشرطة السبت رجلا يحمل سكيناً في جيبه في الموقع الذي وصل اليه للتو رئيس الوزراء النروجي وحيث يتجمع الناجون من اطلاق النار. واوضح الشاب انه يحمل هذا السكين "لانه لا يشعر بانه في امان".
ويبدو ان الاعتداءين اللذين وقعا بفارق ساعة تقريبا، استهدفا الحزب العمالي الحاكم.
وستعود الشبيبة العمالية الى جزيرة اوتويا حيث وقعت الماساة لتظهر انها لا تستسلم للارهاب، كما اعلن مسؤولها السبت. واعلن اسكيل بيدرسن الذي نجا هو شخصيا من المجزرة، في تصريح صحافي في الجزيرة "لا نستسلم في المعركة من اجل قناعاتنا. سنعود الى اوتويا".
واعلن ستولتنبرغ: "لم يتعرض بلدنا منذ الحرب العالمية الثانية لجريمة بهذا الحجم".
وفي مشهد يذكر باعتداءات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة، نشرت صحيفة "افتنبوستن" النروجية الواسعة الانتشار السبت صورة لمكتب رئيس الوزراء ينس ستولتنبرغ وقد دمره الانفجار. وبدت كل النوافذ متطايرة، مع عنوان بسيط للغاية: "22-07-2011".
وفجر اليوم السبت اعلنت شرطة اوسلو ان قوات الجيش والشرطة ستشدد التدابير الامنية حول المباني والمؤسسات الحساسة التي يحتمل ان تتعرض لتهديدات بعد الاعتداءين اللذين يعتبران الاكثر دموية في اوروبا منذ اعتداءات 11 اذار (مارس) 2004 في مدريد التي اسفرت عن سقوط 191 قتيلا ونحو الفي جريح وتبنتها خلية اسلامية متطرفة باسم تنظيم القاعدة.
وذكر التلفزيون "تي في 2" ان المشتبه فيه كان يحمل سلاحين مسجلين باسمه، احدهما بندقية رشاشة، وهي معلومات لم تؤكدها الشرطة. وعثر ايضا في جزيرة اوتويا على متفجرات لم تنفجر، بحسب الشرطة.
من جهته، اعتبر وزير العدل النروجي نات شتوربرغت ان ما من سبب يدعو الى رفع مستوى التهديد الذي تتعرض له النروج حاليا.
واثار الاعتداء المزدوج موجة استنكار عارمة عبر العالم. فقد دانت الولايات المتحدة والحلف الاطلسي والاتحاد الاورؤوبي الماساة ووجهت رسائل تعزية للنروجيين.
وبحسب حصيلة جديدة لا تزال موقتة اعلنتها الشرطة السبت، فقد قتل 85 شخصا على الاقل في اطلاق النار في جزيرة اوتويا على بعد نحو 40 كلم من اوسلو، و7 في التفجير الذي استهدف الحي الحكومي وسط العاصمة.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن