بدأ الاثنين التسجيل للاستفتاء على استقلال جنوب السودان، وذلك في وقت اعلن الاتحاد الافريقي ان شمال هذا البلد وجنوبه سيتقاسمان "حدودا مفتوحة" سيتم رسمها بعد الاستفتاء ايا تكن نتيجة التصويت.
وسيجري في التاسع من ابريل نيسان الاستفتاء على ما اذا كانت المنطقة المنتجة للنفط ستعلن استقلالها وهو ذروة اتفاق السلام الذي وقع عام 2005 وأنهى عقودا من الحرب بين الشمال والجنوب وهي أطول حرب أهلية في افريقيا وأودت بحياة مليوني شخص. ويتوقع المحللون على نطاق واسع أن يصوت الجنوبيون لصالح الانفصال.
وتجول مسؤولون بمكبرات صوت في شوارع جوبا عاصمة الجنوب في الصباح داعين المواطنين الى تسجيل اسمائهم.
ودوت أغنية مؤيدة للاستقلال من سيارة غير رسمية.
وتأتي الاجواء المؤيدة للاستقلال في مواجهة حملة يقودها الرئيس السوداني عمر حسن البشير حتى يختار الجنوبيون استمرار الوحدة مع الشمال.
واتهم زعماء جنوبيون الشمال بمحاولة تأجيل وتعطيل الاستفتاء للاحتفاظ بالسيطرة على احتياطيات الجنوب النفطية وحذروا من خطر العودة الى الصراع. ورفض البشير الاتهامات ووعد بقبول نتيجة الاستفتاء.
وقال رئيس المفوضية المنظمة للاستفتاء محمد ابراهيم خليل قبل بدء التسجيل ان البلاد تواجه مرحلة خطيرة في تاريخها.
واعترف خليل بأن المفوضية لم تبذل ما يكفي من جهد للتعريف بأماكن مراكز التسجيل.
وقبل يوم من التسجيل لم تكن قوائم المراكز متاحة الا على موقع المفوضية على الانترنت وفي المدارس واشتكى الكثير من الجنوبيين من أنهم لا يعلمون أين يسجلون اسماءهم.
وسيتمكن الجنوبيون ايضا من التسجيل في الشمال وثماني دول خارج السودان.
وكانت الاجواء في الخرطوم صباح يوم الاثنين هادئة. ولم يأت ناخبون الى مركز اقتراع زارته رويترز بعد الساعة الثامنة صباحا (0500 بتوقيت جرينتش) وهو موعد بدء التسجيل.
حدود مفتوحة
وعلى صعيد متصل، قال الاتحاد الافريقي الاثنين ان شمال السودان وجنوبه سيتقاسمان "حدودا مفتوحة" سيتم رسمها بعد الاستفتاء على مصير الجنوب، ايا تكن نتيجة التصويت، وذلك من اجل اتاحة انتقال السلع والاشخاص.
واعلنت لجنة الاتحاد الافريقي حول السودان التي يقودها رئيس جنوب افريقيا تابو مبيكي الاثنين التوصل الى اتفاق اطاري بين حزب المؤتمر الوطني والمتمردين السابقين في الحركة الشعبية لتحرير السودان حول سلسلة من الملفات الخلافية من اجل تأمين عملية انتقالية سلمية بعد الاستفتاء.
وينص هذا الاتفاق الاطاري على التزام الجانبين على ان ترسم "فورا" الحدود البرية المتنازع عليها والتي تمتد على طول 2100 كيلومترات بين المنطقتين.
واكد الاتحاد الافريقي في بيان ان "الجانبين تعهدا بالابقاء على حدود مفتوحة ستسمح باقامة اقتصاد من دون عقبات ونشاطات اجتماعية وتبادل فعلي"، موضحا انها "امور اساسية للرخاء الاقتصادي والانسجام بين الشمال والجنوب".
وتابع النص انه في حال انفصال جنوب السودان، ستقوم سلطات الخرطوم في الشمال وسلطات جوبا عاصمة الجنوب "بمواصلة التعاون وتبادل المعلومات" الاستراتيجية.
واضاف البيان انه اذا اصبح الجنوب مستقلا، يمكن للجنوبيين الذين يقيمون في الشمال والشماليين في الجنوب البقاء في اماكن اقامتهم.
وكان تابو مبيكي الذي اجرى محادثات الاحد في الخرطوم مع نائبي الرئيس السوداني علي عثمان طه وسلفا كير رئيس المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي حاليا في الجنوب، صرح ان الخلاف حول منطقة ابيي المتنازع عليها سيعهد به الى مؤسسة الرئاسة في البلاد.
وستجتمع هذه المؤسسة التي تضم طه وكير والرئيس السوداني عمر البشير، فور عودة الاخير من السعودية حيث يؤدي مناسك الحج.
انتقاد المانحين
الى ذلك، قال محمد ابراهيم خليل رئيس مفوضية الاستفتاء ان المانحين الاجانب عطلوا الاستعدادات لاجراء الاستفتاء بعد عدم تحويل الاموال الى المنظمين واهدار المال في منح لا فائدة منها.
وانتقد خليل المنظمات الدولية قبل يوم من بدء ناخبي الجنوب تسجيل اسمائهم للمشاركة في الاستفتاء الذي سيجري يوم التاسع من يناير كانون الثاني.
وقال خليل ان الجدول الزمني ضيق جدا ولا يوجد هامش للخطأ اذ يبدأ الجنوبيون الاثنين عملية التسجيل.
وانتقد المجتمع الدولي لعدم تقديم الاموال مباشرة الى مفوضية الاستفتاء كما يقضي القانون.
وقال خليل للصحفيين ان الذين لم يقدموا أي أموال قابلة للاستخدام حتى الان هم المانحون الدوليون.
وقدمت الحكومة الوطنية تسعة ملايين جنيه سوداني (3.8 مليون دولار) للمفوضية كما قدمت حكومة جنوب السودان المتمتعة بحكم شبه ذاتي عشرة ملايين جنيه. لكنه قال ان الشركاء الدوليين لا يستشيرون المفوضية حتى في كثير من اعمالهم.
واضاف انهم يقدمون سلعا ومواد مكتملة الصنع كما لو كانوا يتعاملون مع قصر. واشار الى ان المفوضية تشعر بالاستياء من هذه المعاملة.
وقالت وكالة المعونة الامريكية انها خصصت ما يصل الى 50 مليون دولار للاستفتاء لكنها اكدت انها لن تدفع الاموال مباشرة الى المفوضية. وقال وزير التنمية الدولية البريطاني اندرو ميتشل ان الحكومة السودانية وحدها هي التي يجب ان تدفع اموالا نقدية مباشرة الى المفوضية.
وقال خليل ان المجتمع الدولي عين في الاغلب متعاقدين وخبراء غير سودانيين دون ان يتحقق ما اذا كان هناك سودانيون مؤهلون للقيام بنفس الوظائف. واضاف ان المانحين عينوا شركة قانونية امريكية وضعت لوائح غير مفهومة تستند الى قانون الاستفتاء. وكان على المفوضية في النهاية العثور على شركة سودانية للقيام بالمهمة.
وقال ان هذا اهدار تام للاموال مضيفا ان المفوضية تأخرت في الانتقال الى مكاتبها لمدة ستة اسابيع بسبب تأخر وصول الاموال من المانحين.
وقال خليل ان المفوضية طلبت من الرئاسة اتخاذ قرار بشأن ما اذا كانت ستلتزم بالجدول الزمني الضيق.
وقال ان المفوضية اخبرت الرئاسة ان الجدول الزمني ضيق جدا الى اقصى حد ولا يحتمل اي هامش للخطأ مثل وقوع حوادث للشاحنات التي تحمل المواد الانتخابية اللازمة. واضاف ان مسؤولي الاستفتاء يعملون ليلا ونهارا.
ورفض الحزب الحاكم في الجنوب اي تأخير عن التاسع من يناير كانون الثاني وذلك خشية من ان يؤدي ذلك الى اندلاع اعمال عنف وانه ربما لا يكون قادرا على السيطرة على الجنوبيين المترقبين للاستفتاء.
وقتل مليونا شخص تقريبا في الحرب الاهلية السودانية التي احتدمت على نحو متقطع منذ عام 1955. واشعلت الخلافات حول النفط والاعراق والدين والفكر الصراع.