تبدو قرية ككلة القريبة من خط الجبهة في جبل نفوسة للوهلة الاولى مهجورة، الا ان في منازلها تختبئ نساء واطفال الثوار الذين ذهبوا للقتال وتنهال فوق رؤوسهم يوميا صواريخ تطلقها قوات القذافي.
وككلة بلدة تمتد من اسفل الجبل الذهبي في الجهة المقابلة للقوات الموالية للقذافي. وتستقبلك عند مدخل البلدة لافتة كتب عليها بالانكليزية "ليبيا حرة". الا ان الشوارع مقفرة. وفقط هناك بضعة رجال يقفون عند حواجز التفتيش وقلة من السيارات التي تمر امام المحال المغلقة ذات النوافذ الخضراء التي تطبع ليبيا في عهد معمر القذافي.
ولا تزال صواريخ غراد تنهمر بشكل يومي على المنازل في ككلة منذ ان انتزع الثوار السيطرة عليها من قوات القذافي بعد معركة شرسة استمرت 24 ساعة قبل شهر ونصف الشهر. وسقط نحو خمسين صاروخا على البلدة الاثنين.
وذهب غالبية سكان ككلة للاحتماء في الزنتان التي تشكل العمود الفقري للثوار في الغرب الليبي، وفي القرى الامازيغية الاقرب الى الحدود او الى تونس، بحسب رضوان القاضي المسؤول في المركز الاعلامي الذي تعرض لتوه للقصف.
لكن في المنازل، تعيش النساء مع اطفالهن ورجل لحمايتهم. هن نساء وشقيقات وامهات المقاتلين الذين ذهبوا للقتال على بعد كيلومترات من ككلة.
وتقول امينة (27 عاما) التي فضلت عدم الافصاح عن اسم عائلتها لاسباب امنية "انه امر مرعب، هذا خطير بالفعل. لا نعرف ابدا متى سيبدأ (القصف) وكم سيطول. يوميا، افكر انني ساموت. الا ان اخوتنا يقاتلون فلا يمكننا الرحيل".
وتعيش امينة مع شقيقاتها ووالدتها البالغة من العمر 60 عاما والتي باتت عاجزة عن المشي اضافة الى ثلاثة اطفال واربع عائلات اخرى في قلب الجبل بين اشجار التين والزيتون في طرف جسر بناه الايطاليون في هذا المكان حيث القصف هو الاشد. ومساء الاثنين، سقطت خمسة صواريخ في مكان قريب. وكانت النسوة جالسات على الشرفة عندما راين الوميض الابيض ولون اللهب الاحمر الناجم عن الانفجار.
ويوضح شقيقهن وليد الطالب في ال20 من العمر "اننا هرعنا جريا الى منازلنا. لا نشعر حقا بالامان، لكن هذا يبقى افضل من البقاء في الخارج. احيانا، نتوجه الى الجبل. لكن هناك سكان لا يستطيعون الفرار لانهم يفتقرون للوقود".
وفي الواقع، لم يعد هناك اي مكان امن في ككلة، الا ربما في الكهوف. والاثنين، سقط صاروخ على مسكن في اعلى الجبل. واصيب شاب بجروح طفيفة لدى تناوله طعام الفطور.
وتوضح حليمة وهي شقيقة اخرى تبلغ من العمر 35 عاما "لا وجود لكثير من الثوار هنا، نتضرع الى الله كي يحمينا، الا انهم يطلقون علينا صواريخ غراد ولا يمكننا الرد".
وحال الهلع تتكرر باستمرار. وتضيف حليمة "نبقى جالسات ونردد صيحات التكبير. الاطفال يصرخون ويبكون ونحملهم على اذرعنا محاولين تهدئتهم. الولد الصغير يبلغ سبع سنوات ويرى يوميا كوابيس".
وفي ككلة، لم يعد هناك وقود، والكهرباء مقطوعة في اغلب الاحيان وشبكة الهاتف معطلة. السكان يخزنون الطعام وفي الليل ينامون قلقين من خطر تجدد القصف.
ويقول وليد "جيش القذافي يحلم باستعادة ككلة". الجنود ليسوا بعيدين سوى 10 كلم، وبامكانهم العودة عبر الطريق او عبر الجيل. وقد دارت معارك على مقربة من هنا.
وعندما لا يكون الرجال على الجبهة، يأتون الرجال للمرابطة عند حواجز التفتيش لحماية البلدة، فيما تتولى النساء مهمة تحضير الطعام للمقاتلين. وتكرر حليمة "نحن فخورات بهم. لا يمكننا التخلي عنهم".