رمضان تونس: إقبال على المأكولات والحلويات

تاريخ النشر: 27 يوليو 2013 - 01:05 GMT
بيت تقليدي في تونس.
بيت تقليدي في تونس.

بين العمل صباحا والتجول في الأسواق بعد الظهر والفرجة على التلفزيون أو الجلوس ساعات في المقاهي ليلا، تمضي أيام التونسيين خلال شهر رمضان.

وقت العمل يتغير ليصبح ساعات أقل وفي الصباح فقط في أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة، أما ما بعد الظهر فهو مقسم بين أمرين لا ثالث لهما: إما القيلولة أو التجول في الأسواق والفضاءات الكبرى وفق ما تشتهي العين ويستطيعه الجيب... وفي تونس مثل كل بلاد المسلمين (أو قد تكون تونس من أكثر بلاد الله محبة للأكل) تتجه الأعين والأفواه إلى كل ما لذ وطاب مما تنبت الأرض وتنتج المصانع.

التونسي ذواق وصاحب مزاج عال في الأكل وهذه سمة يعرفها عنه كل العالم، ولكن في شهر الصيام تصبح محبة الأكل مرضا لا شفاء منه، ويمكن التونسي أن يشتري ما لا يستهلكه أصلا فقط لأنه اشتهاه، وتتفنن النساء في تصنيف الأكلات والمشروبات والمقبلات وبكميات أكثر مما يجب، ما يجعل مآل كثير من المواد التي يتم طبخها سلة المهملات، وهذا من أسوأ ما يسم 'شهر الرحمة'.

وفي رمضان تونس تتغير العادات، وفي شكل أدق عادات الاستهلاك، خصوصا في ما يتعلق بشؤون المعدة وما جاورها، هنا في هذا البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه 12 مليونا، يستهلك الناس في شهر واحد ما يكفي مؤونة أشهر، ويكفي أن نلقي نظرة على أرقام وزارة التجارة لنتأكد أن الشعب التونسي يأكل بعينيه قبل فمه ومعدته. ومن الطبييعي جدا أن يصبح محل لإصلاح الأحذية مثلا، محلا لبيع الألبان، وغير غريب أن يحول صاحب مطعم دكانه إلى محل لبيع 'الزلابية' و 'المخارق'، فكل شيء جائز في هذا الشهر الذي تظهر فيه مهن وتختفي أخرى، وتزدهر حرف وتذبل أخرى. ولعل أهم مهنة تجد رواجا خياليا هي صناعة 'الزلابية'، وهي حلويات تقول كتب التاريخ إن زرياب ابتكرها عند رحيله إلى بلاد الأندلس ثم انتشرت في شكل مذهل في بلاد المغرب العربي، خصوصا تونس.

كما يقبل التونسيون في رمضان على 'الموالح' أو كما يسمى في المشرق العربي 'الطرشي' بنهم كبير أيضا. وفي أحد المحال، يقف صانع الزلابية خلف الطبق الكبير وهو يغرف جزءا من العجين اللين الأقرب إلى السائل من إناء على جانبه الأيمن، ويصب العجين في إناء مثل قمع مثقوب من أسفل ويبدأ سكبه بطريقة دائرية في الطبق المملوء بالزيت. ويقبل التونسيون في شكل شره إلى جانب 'الزلابية' على 'المخارق' أيضا، وهي حلويات اشتهرت بها خاصة محافظة باجة في الشمال الغربي للبلاد ولا تختلف في تكوينها عن شقيقتها 'الزلابية' ولكن شكلها مختلف، فإما أن تكون دائرية أو مستطيلة تشبه قطعة الخيار في لون أقرب إلى البني. وتوضع في أوان من الفخار التونسي، ويستعمل فيها صناعها السمن العربي والعسل الصافي ما يجعلها أكلة غنية بالدهون والسعرات الحرارية. للألبان مكانتها أيضا في أجندة التونسي خلال شهر رمضان، ولا تخلو طاولة من أصناف الحليب الرائب واللبن والأجبان، وتجد طوابير أمام محالت الحليب ومشتقاته لنيل نصيب منها. أما الخبز فله حكايات تطول مع التونسي الذي يمضي وقتا لاختيار الأنواع والأشكال والأجحام، كما تتفنن المخابز في إعداد أنواع لا تحصى ولا تعد، ويصبح الخبز العادي غير مرغوب فيه أمام وفرة الأنواع، فنجد خبز القمح وخبز الشعير وخبز السميد والخبز بالزيتون وبالبصل، فضلا عن تزاحم الكثيرين على باعة الخبز 'الدياري' أي ذاك الذي تعده النساء في تنور البيت.